الأربعاء، 18 سبتمبر 2013

مراقبة هاتف الزوجين: غياب للثقة ومشاحنات لا تنتهي

الثقة هي أساس التوازن في العلاقة الزوجية التي إن اختلت انهارت الحياة الأسرية -(تعبيرية)

منى أبو صبح عمان- لم تتغير طباع وسلوكيات زوج الثلاثينية فدوى نمر منذ ثلاث سنوات من زواجهما، وتصفه بأنه كثير الشك، وأكثر ما يزعجها في ذلك مراقبة هاتفها النقال، مع من تحدثت، وكم دقيقة استغرقت المكالمة.
تقول، "الأدهى من ذلك أنه إذا كان هاتفي مشغولا بمكالمة أجريها أو أتلقاها، يواصل اتصاله حتى أجيبه، وإن لم يحدث ذلك، لا يتردد بإجراء مكالمة مع والدتي أو شقيقتي ليتأكد أنني أتحدث مع إحداهن، وحين وصوله للمنزل يقوم بقراءة سجل المكالمات والمسجات".
وتضيف، "أصبحت مشهورة لدى المحيطين بي بكثرة التغيير لرقم هاتفي النقال، ففي كل مرة يحدث بيننا خلاف على الهاتف، يسارع ويستبدل خط الهاتف بخط يحمل رقما آخر، مع العلم أنني لم أفكر يوما في التفتيش في هاتفه أو معرفة مع من يتحدث".
وبرأي الموظف سالم عبد الرؤوف (45 عاما) أنه مجرد بدء موال التفتيش فإنه لن يتوقف، ومن ثم يتكرر التفتيش إلى ما لا نهاية، مبينا أنه ما دامت الثقة موجودة بين الطرفين لا داعي للوسواس لأنه سيتسبب بمشاكل بين الزوجين.
والثقة هي أساس التوازن في العلاقة الزوجية التي إن اختلت انهارت الحياة الأسرية، والثقة تبدأ من خلق مساحة من الحرية لكلا الطرفين، لكن مع ضعف الوعي لدى البعض وانتشار الهواتف الذكية، التي فتحت باب الفضول لدى بعض الأزواج في معرفة ما يقوم به الشريك الآخر، مما يؤدي إلى انعدام الثقة ولجوء أحد الطرفين لتفتيش هاتف الآخر، لأنه في نظرهم يحتوي على معظم الأسرار، إن لم تكن كلها. وانتهاج مثل هذا السلوك قد يكون من شأنه أن يهدم عش الزوجية ويشوش على الطرفين بسبب شك يراود الطرف الآخر.
علياء السيد (37 عاما) تقول، "بصراحة من حق الزوجين أو الآباء والأمهات تفتيش متعلقات شركاء الحياة أو الأبناء عند ملاحظة تغير غير طبيعي في السلوك يطول أمده".
وتضيف، "إن النظرة غير المتوازنة للمرأة في العالم العربي، هي سبب المشاكل، وليس تفتيش الهاتف، فحين يسمح الرجل لنفسه بكل شيء ويحرمها من كل شيء حتى في المشاعر الإنسانية".
يلفت الاختصاصي النفسي د. خليل أبو زناد إلى أن هناك العديد من الأزواج يلجأن لمراقبة أزواجهن لمعرفة من يتصل بهم ومن يرسل لهم رسائل نصية وغيرها من الأمور، وكلها أمور تدل على وجود خلل لدى الزوج أو الزوجة أو إصابتهم بداء الفضول الشديد الذي يمكن أن يدمر حياتهما نهائيا.
ويبين أبو زناد أن هناك مرضا يسمى "الغيرة المرضية" يصيب الرجال والنساء على حد سواء، ومن أعراضه تشديد الرقابة على الطرف الآخر وتخيل أمور وعلاقات قد لا يكون لها أي أساس من الصحة.
ويضيف، أما إذا كانت هناك أسباب تستدعي الشك، فهنا يلجأ أحد الزوجين لمراقبة الطرف الآخر، سواء عبر الهاتف النقال أو غيره، وتتضح الأمور فيما بعد، وإذا كانت وهما وغير واقعية فهنا تأتي ضرورة إقناع الزوج أو الزوجة الشكاك بمراجعة الطبيب النفسي.
ويتساءل الأربعيني أبو علاء بقوله، "لماذا نقول عند تفتيش الهاتف انعدام ثقة، لماذا لا ننظر للمسألة بنفس راضية وبروح طيبة، الا يدل هذا على أن هناك خللا في أنفسنا؟".
ويضيف، "ليس من الضروري أن تصبح الثقة منعدمة بمجرد أنني قمت بتفتيش هاتف الطرف الآخر، وإنما يمكن أن يكون بهدف إبعاد وسواس الشيطان وعدم الانشغال بهذه الأمور في المستقبل، وبالعكس قد تصبح الثقة أكثر متانة وقوة مع الأيام".
أما وجهة نظر خولة عبدالله (28 عاما) فتقول "عندما يقبل الزوج على مثل هذا التصرف كتفتيش للأرقام والمسجات المحفوظة في هاتف زوجته، يجب أن يقبل بأن تقوم زوجته بمسك هاتفه والاطلاع على مسجاته وأرقام الهواتف".
وتضيف، "للأسف الشديد، فإننا نرى في الواقع ما لا يقبله العقل والمنطق وهو أن للزوج حقا على كل صغيرة وكبيرة من حياة الزوجة، وهي لا يحق لها أن تسأله أين تذهب أو من المتصل".
أما سمير الحاج رضا (36 عاما) فيقول، "لا أحب أن تقوم زوجتي بتفتيش في هاتفي الخاص، لأن ذلك يعني إهانة لي لانعدام ثقتها بي".
في حين اعتبر صديقه رائد سليم، أنه حق للزوج خاصة بقوله، "أرى أنه من حق الزوج أن يعرف كل صغيرة وكبيرة فيما يخص زوجته، دون الغضب والادعاء بأن ثقة زوجها بها مهزوزة أو معدومة".
ويبين استشاري الاجتماع الأسري مفيد سرحان أن هناك عوامل تسهم في بناء الثقة وتعزيزها بين الزوجين منها الصدق في التعامل والصراحة والوضوح والمكاشفة، وعدم مراكمة الأخطاء أو السكوت عنها وسرعة حل المشكلات والبعد عن تراكمها، وبقدر ما تكون العلاقات واضحة وصريحة بين الزوجين بقدر ما تكون الثقة أكبر بينهما.
وفي حالة وجود شك في أي تصرف فإن من مسؤولية الطرف الآخر أن يبادر بالاستيضاح والاستفسار بطريقة مناسبة وعدم البناء على الشك الذي قد يهدم العلاقة الزوجية.
ويقول، "ربما من أكثر ما يواجهه الزوجان أو بعض الأزواج ما يتعلق بالمكالمات الهاتفية فاخفاء المتكلم عن الآخر يسهم في حدوث الشك، وكذلك الحديث في الهاتف بعيدا عن الطرف الآخر، أيضا عدم الرد على بعض المكالمات دون ايضاح الأسباب والأصل أن تكون الثقة وحسن الظن هو السائد في التعامل لا الشك وسوء الظن. وإذا كانت طبيعة عمل أحدهما تتطلب التواصل مع آخرين، وخصوصا من الجنس الآخر، هنا تكون مسؤولية الزوج أو الزوج للإيضاح للآخر ماهية هذه العلاقات وطبيعتها وضرورة التواصل".
ويضيف، "وأيضا مسؤولية الشخص المتصل أن يختار الوقت المناسب للاتصال وعدم الاتصال في أوقات غير مناسبة أو الإطالة في الحديث أو الحديث في أمور خارج إطار الموضوع ذي الصلة، والابتعاد قدر الامكان عن الاتصال خارج أوقات العمل. وهذا الأمر ينطبق على كلا الطرفين".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com