الثلاثاء، 12 فبراير 2013

المواقف المحرجة: حالات تثير الضحك وأخرى لايمحوها الزمن


مجد جابر

عمان- مواقف كثيرة يتعرض لها الإنسان في حياته. فحين يتذكرها قد يضحك منها، أو يحزن. إلا أن هناك مواقف يشعر الإنسان فيها بحجم المأزق والإحراج الذي أوقعته فيه. فقد يخسر بسببها صديقا أو زميلا، أو حتى وظيفة.
وقد تمر بعض المواقف بسلام من دون خسائر، فلا تترك لصاحبها سوى الضيق والإحراج، أو بعض الندم. لكن في كل الحالات تبقى هذه المواقف راسخة في الذاكرة، ولا يمحوها الزمن.
"الله لا يحط حدا مكاني"، بهذه العبارة الشائعة استهلت ريما عوض، حديثها عن أكثر المواقف المحرجة التي حدثت معها في حياتها، والتي لم تكن تعرف كيف تتصرف إزاءها.
تقول ريما: "في إحدى المرات زارتني إحدى الصديقات في منزلي، في وقت كنت أنتظر فيه زيارة صديقة أخرى. والحال أن هذه الأخيرة اتصلت بي وسألتني إن كان عندي أحد فأخبرتها بوجود الصديقة، فاستاءت من وجودها عندي، لأنها كانت ترغب في أن نجلس بمفردنا، وطلبت مني أن أخبرها فور مغادرتها البيت، بواسطة رسالة قصيرة، كي تحضر إلى البيت".
لكن حدث أنني، حين هَمّت صديقتي بمغادرتي، أمسكتُ بالهاتف كتبت لصديقتي الثانية رسالة قصيرة أخبرتها أن الفتاة التي لا تحب أن تراها ستغادر الآن، وأنه بإمكانها الحضور فوراً. لكن، بدلا من أن أرسل الرسالة القصيرة إلى الشخص المعني أرسلتها بالخطأ إلى عنوان الصديقة التي تجلس أمامي.
وبالطبع شعرت ريما بالضيق "نظرت إلى وجه صديقتي وهي تقرأ الرسالة، فقد بدأ يحمر وكأنه صار محموما، وشعرت أنها تريد البكاء، ثم حملت حقيبتها وغادرت على عجل".
لقد شعرت ريما بحرج لا يوصف، ولم تعرف كيف تتصرف بعد هذا الخطأ الفظيع الذي وقعت فيه ولم تكن تتوقعه. فبعد مرور يومين على ذلك الموقف ذهبت إلى صديقتها واعتذرت لها، وظلت تلح في الاعتذار حتى أقنعتها، متذرعة بشتى المبررات، حتى وإن كانت مبررات واهية.
إنه واحد من أمثلة المواقف الكثيرة التي يتعرض لها الكثير من الأشخاص، نتيجة خطأ عفوي يضع صاحبه في موقف حرج لا يحسد عليه، يجعله يشعر على إثره أنه قد صار "صغيرا جدا".
علا إبراهيم واحدة من اللواتي عشن مثل هذه المواقف الصعبة مع أشخاص تربطها بهم علاقة حساسة جداً، ومن هؤلاء الأشخاص حماتها وابنتها.
تقول علا إن مناوشات كثيرة حدثت في فترة الخطبة بينها وبين حماتها وابنتها اللتين لم تكونا تُحبانها على الإطلاق. إلا أنها كانت تحاول "اختصار" تلك المناوشات، قدر المستطاع، حتى تمر الأمور على خير، رغم رغبتها في "الانفجار" في وجه كل منهما.
وتردف قائلة "في يوم من الأيام اتصلت ابنة حماتي لتتابع تحضيرات الزفاف. فقد بدأت "تحشر" نفسها في كل شيء، وفي كل التفاصيل". وتؤكد ريما أنها ظلت تكلمها بأدب جم، وهي تضغط على نفسها حتى لا تنفجر في وجهها. وبعد الانتهاء من المكالمة رمت سماعة الهاتف من فرط السخط على حماتها وابنتها، وانهالت عليهما، من وراء ظهرهما، بوابل من الكلمات الغاضبة، واصفة إياهما بـ"الفاضيات، الحشريات"، ومتهمة إياهما بالغيرة والحسد، ومتمنية لهما "الشفاء" على يد طبيب نفسي.
وتضيف علا أنه بعد أن أفرغت كل ما في جعبتها من غضب جم اتصلت بها ابنة حماتها مرة أخرى لتخبرها أنها تركت سماعة الهاتف مفتوحة، ولم تغلقها، وبأنها سمعت كل كلامها عنها، وعن والدتها.
وتعقّب علا على هذا الموقف قائلة "تمنيت لو انشقت الأرض وابتلعتني، وبدأت أبحث عن مبرر، لكن كل التبريرات لم تُجد نفعا". وأصبحت علا التي قالت إنها لن تنسى ذلك أبدا تحرص كل الحرص على أن تقفل الهاتف بعد أن تنهي أي مكالمة، وتكرر هذه العملية مرارا رغم تأكدها من أن الهاتف قد أغلق.
من المؤكد أن مثل تلك المواقف لا تقتصر على الفتيات فقط، فالشباب لهم نصيب منها كذلك. بلال مروان كان دائما ينظم هو وأصدقاؤه رحلات من حين إلى آخر. لكنه كان لا يحبذ وجود أحد الأصدقاء بينهم، فكان في كل مرة يُنبّه زملاءه بأن لا يُخبروا ذلك الشخص بالرحلة، لأنه لا يحبه، ولا يريد الخروج معه.
وفي إحدى المرات تفاجأ بوجود هذا الصديق الشاب الذي لا يرغب في وجوده معهم- في مكان تجمّعهم قبل الانطلاق في الرحلة، فاستاء كثيرا، وانفرد بأحد الأصدقاء ليؤنبه ويعاتبه على حضور ذلك الشخص بينهم.
يقول بلال "قلت لصديقي إني لا أرغب في وجود هذا الشخص بيننا، وإن عليه أن يخلصنا منه حالاً، وبأنني لا أطيقه. فهو سخيف وممل، وكل قصصه كاذبة ومن اختراعه، وإن عليه الآن أن يجد أي مبرر حتى يصرفه".
لكن حدث ما لم يكن بلال يتوقعه "شعرت وأنا أتحدث عنه أن صديقي يحاول أن يقاطعني بإشارات من رأسه، حتى يُنبهني أن الشخص الذي أتحدث عنه يقف خلفي، من حيث لا أردي. لكني لم ألحظ ولم أكترث لإشارات الصديق، وبعد أن أنهيت حديثي عن ذلك الشخص كانت الصعقة، إذ رأيته فجأة يقف خلفي، وقد سمع كل كلمة قلتها في حقه".
ويقول بلال إنه ارتبك ولم يعرف أي تصرف يتبع في تلك اللحظة الحرجة، فما كان منه إلا أن يحمل أغراضه ويترك المكان. ومنذ ذلك اليوم لم ير ذلك الشاب حتى الآن، بل لقد قطع كل علاقاته بالشلة بسبب ما حصل.
أما سهيل إبراهيم الذي يعمل موظفا في إحدى الشركات، فقد اعتاد هو وزميله في العمل أن يتحدثا طوال الوقت عبر الإيميلات، في كل صغيرة وكبيرة، بما في ذلك عن العمل، والفتيات اللواتي يعملن معهما، وأمور أخرى. ففي إحدى المرات، يقول سهيل إن مديرتهم وصلت إلى العمل، وهي في قمة الجمال والأناقة، فخطر له أن يكتب إيميلا لزميله المقابل له، متغزلا بمديرته الجميلة.
يقول سهيل "بدأت أتحدث عبر الايميل عن جمالها وأناقتها، لأختم حديثي وكأنني أخاطبها مباشرة قائلا "لو كانت زوجتي لكنت أسعد رجل في العالم". وكبست على زر الإرسال، لكني ما لبثت أن اكتشف أنني قد بعثت الإيميل لمديرتي، وليس لزميلي".
ويضيف سهيل أنه لم يستطع بعد ذلك الموقف الصعب الجلوس في المكتب دقيقة واحدة. فقد أخذ إجازة لمدة يومين، وبعدها عاد للعمل ليجد مديرته تتصرف معه بطريقة طبيعية، وكأنها لم تقرأ "الإيميل". وظن أنها لم تقرأه. وظل يعيش على أمل أنها لم تره ولم تقرأه، إلى أن جاء يوم، بعد مرور شهر تقريباً، لتوبخه على ما فعل، وقد ختمت عتابها له قائلة "يا ريت نركز بشغلنا، زي ما بنركز بشو لابسين، ومين نصحان، ومين ضعفان".
وفي ذلك، يقول الاختصاصي النفسي جمال الخطيب "إن المواقف المحرجة ومدى تقبلها تعتمد على ثلاثة أمور؛ هي طبيعة الإساءة وطبيعة الشخص المتلقي والشخص الناقل".
ويضيف أنه من الصعب على الشخص المتلقي أن يتقبلها تماما، غير أن هذا التقبل يعتمد على درجة الإساءة وحجمها، ففي حال كان الكلام على محمل النقد أو الحديث من باب المحبة فقد يتقبله الشخص، بينما اذا كان كلاما مسيئا فمن الصعب تجاوزه.
ويشير الى أن ذلك يعود الى درجة الثقة بالنفس وبالشخص المخطئ وإلى أي حد هو شخص يضمر له السوء أو أنه كان ينتقده فقط وعلى مدى الثقة ومدى الإساءة التي صدرت عنه.

majd.jaber@alghad.jo

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com