الخميس، 14 فبراير 2013

"فالنتاين": قلوب مأسورة ليوم وحيد.. وأنماط استهلاكية زائدة


غيداء حمودة

عمان - إنه يوم الـ"فالنتاين". كثيرون باتوا ينتظرون مثل هذه المناسبة للتعبير لشركائهم عن مكنوناتهم، وبطرق شتى، وآخرون لا يرون أي حاجة لمثل هذا اليوم إن كان الحب الحقيقي هو ما يربط بين الشركاء.
الخمسيني باسم، الذي مضى على زواجه 22 عاما، يرى في الاحتفال بعيد الحب "أمرا تجاريا". ويؤكد أن من يحب شخصا لا ينتظر يوما محددا للتعبير له عن مشاعره.  
 لكن زوجته تانيا، تبين أن عدم الاحتفال بعيد الحب مع زوجها كان "يضايقني في السابق"، ومع مرور الوقت باتت تتفهم وجهة نظر زوجها، لتنتقد هي الأخرى الوجه الاستهلاكي لهذا اليوم، فتقول "كيف يصبح ثمن الوردة ثمانية دنانير!! الأمر أصبح بيزنس الآن".
وتؤكد أنها اليوم لن تفعل شيئا خاصا مع زوجها، وسيقومان بإمضائه كأي يوم آخر.
 وتتفق منى، التي تزوجت قبل خمسة أشهر فقط، مع هذا التوجه، وتقول "لا أضع في بالي أن أخطط لشيء مميز". وتضيف "نحن نحتفل بتواريخنا الخاصة، مثل تاريخ الطُلبة ويوم كتب الكتاب وقراءة الفاتحة"، مؤكدة أن عيد الحب ليس مناسبة خاصة لها ولزوجها. 
 وترى منى أن الهدايا قد تكون مهمة في حياة الزوجين، إلا أن الأهم من ذلك هو طريقة التعامل ومدى الانسجام بين الاثنين.
غير أن الثلاثينية ميساء تحب الاحتفال بهذا اليوم، وتخطط له في العادة. في هذا العام حجزت غرفة لها ولزوجها في أحد فنادق عمان الراقية لتكون مفاجأة لزوجها الذي يحضر على أساس وجود عمل ما وسيتفاجأ بما خططت له زوجته.
 ميساء، الأم لثلاثة أبناء، تؤكد أن مثل هذا اليوم "لا يفوّت" وأنه "من الضروري على الأزواج ان يقضيا وقتا وحدهما بعيدا عن الأولاد والحياة السريعة". وأن الاحتفال بهذا اليوم يبقى "ذكرى جميلة سنتذكرها عندما نكبر". 
اختصاصي علم النفس د. محمد حباشنة، يرى أن مثل هذه المناسبات لا تحمل "المعنى العميق للحب الذي يتأتى من الخصوصية". ويقول "من يحب لا يحتاج ليوم مخصص للاحتفال بالحب ولا يحتاج أيضا للاحتفال به أمام الناس".
وبرأي الحباشنة، فإن الاحتفال بالحب يكون كل ساعة وبشكل دائم وليس في يوم واحد فقط. ويجد أن الاحتفال بعيد الحب "أمرا مستوردا" لا يتناسب مع موروثنا، وأنه "ثقافة جديدة دخلت إلى مجتمعنا بعد الانتفاح العالمي الكبير وتسارع الحياة والمجتمع الاستهلاكي". 
 ويعرف الحباشنة الـ"فالنتاين" على أنه "وجبة سريعة للحب، يلجأ إليها الناس في ظل تسارع الحياة تماما كما هي وجبات الطعام السريعة".
وبرأي الحباشنة لجوء الناس للاحتفال بعيد الحب مناسبة لتعويض تسارع الحياة؛ فالناس بحاجة إلى أن يقوموا بأمورهم بسرعة في هذا العصر، ومن هنا يأتي احتفالهم بالحب بيوم واحد فقط، ويوم محدد أيضا.
ويشير إلى أن تقدير الحب بدأ يأخذ نمطا استهلاكيا يقاس بالهدية وقيمتها، "في حين يفترض بالحب أن يكون علاقة روحية عاطفية تشاركية في المقام الأول".
ويضيف أنه الاحتفال بـ"فالنتاين" بات "طقسا" ليس إلا، ويتساءل: هل من الضروري فعلا أن يجلب كل شخص لمن يحب وردة مثلا في هذا اليوم؟ وأين خصوصية كل علاقة وكل شخص.
ويعتقد على أن الناس يقومون بذلك تقليدا للنموذج الغربي، وهذا بالضرورة "يفقدنا بصمتنا الثقافية" وفق حباشنة. 
إلا أنه لا يمانع إن وجد الأحبة الاحتفال بهذا اليوم أمرا يفرحهم، أن يحتفلوا به.
بيد أن اختصاصي العلاقات باسل الحمد، يرى أن الاحتفال بعيد الحب أمر إيجابي بين الأزواج. ويشير إلى أن فكرة الاحتفال هي فكرة "إيجابية في حياة الناس"، خصوصا وأن ثقافتنا العربية هي ثقافة "عديمة الاحتفال". 
غير أنه يبين أن الاحتفال، في كثير من الأحيان، يكون "مبالغا فيه وغير مبرر"، مفسرا ذلك بـ"حالة من الضياع لدى الناس" تؤدي إلى عدم وجود توزيع مريح لممارسة الاحتفال، إضافة إلى عدم قدرة الناس على التعبير عن ذواتهم ومشاعرهم، وبالتالي يقومون بتعويض ذلك من خلال شراء الهدايا. 
 الحمد يؤكد أن الاحتفال بعيد الحب بات يأتي تحت مظلة "تشييء الاحتفال"؛ أي جعله مقاسا بالأشياء والهداية وثمنها. ويبين أن العلاقات هي أمر "غير ملموس"، ومن هنا يصبح مقدار ثمن الهدية، عند كثيرين، مقياسا لمدى حب الشخص للطرف الثاني، وهو ما يستغله "التجار" بالارتفاع غير المبرر للاسعار في هذا اليوم.
ويرى الحمد أن المشكلة الأساسية تكمن في عدم قدرة الأشخاص، منذ الصغر، على التعبير عن مشاعرهم وبالتالي ينتظر الشخص أي فرصة للتعبير ويصبح الكبت هو السائد. 
الحمد لا يجد أي ضرر من الاحتفال. ويقول "أنا مع أن يجد الناس مناسبة حقيقية للاحتفال". ويؤكد أن الاحتفال بعيد الحب يقع ضمن معادلة "الربح والخسارة" ليس إلا.

ghaida.h@alghad.jo

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com