الخميس، 28 فبراير 2013

مثالية التكوين الأسري..ضرورة وأساس!


صورة



د. كميل موسى فرام - المبدأ الأساسي بحياة الفرد يتمثل بترجمة أحلام السعادة والأمل لواقع ضمن مساحة العمر المقدرة، حقيقة جعلت ورشة التقدم والبحث العلمي تعمل على مدار الساعة لتطويع خلاصة الجهود والأبحاث العلمية التي تستنزف جزء يسير من الخلايا الدماغية بالتفكير والاستنتاج بشكل يسمح لعقارب الماكنة البشرية لتفعيل ترجمة الأحلام بما يناسب الطموح، خصوصا أن وقودها يتكون من خلايا علمية تحفر انجازاتها في ضمير الزمن لتُخلّد بالرغم من هبوب رياح أعاصير أحيانا فتجبر شراع المركب بالابحار لاتجاه يخالف الأماني.


 ربما تشكل الفقرة السابقة نقطة غير خلافية لأنها خلاصة واقعية لحياة كل منا ضمن حدود التصرف بالقدر الذي يسمح لكل منا بتصور سقف لأحلامه وربما نستطيع الايجاز بخلاصة أن بنيان العائلة المثالية يشكل طموحا ومحجا باعتباره أحد الأعمدة الأساسية لقَصْرِ السعادة التي خلقنا منها ولها بفطرة تتعدى الحدود، فكان من ارتباط الرجل بالمرأة بتوافق، واحدا من محطات العمر المفصلية لأنه يترجم بالدرجة الأولى محطة التوافق والتكامل بالبناء العائلي.

التخطيط لبناء عائلة نموذجية
 يلزم التخطيط لبناء عائلة نموذجية بعدد الأفراد من كلا الجنسين لضمان مساحة التربية والتعليم وتوفير ظروف بيئية ومادية وعائلية ميسرة، فتحديد النسل يمثل طرحا فكريا يستحق درجات الاحترام، ليفرض بدوره محاولة البناء العائلي بمزيج من الجنسين بدرجات التوافق التي تتقاطع معطياتها لتصطدم بالواقع، خصوصا أن هواجس الانفجار السكاني تمثل مصدر قلق دائم لأصحاب القرار.
 التكوين المثالي للعائلة لا يحتاج لفتوى أو اجتهاد، بل يحتاج لحكمة التخطيط تأسيسا على الظروف، يتمثل بواحد من فقراته وجود مزيج من الجنسين من الأبناء، ضرورة تتعدى حدود العائلة لتصبح فقرة وطنية يعاكسها براكين الزمن أحيانا لتصبح بألوية المشاكل خصوصا بمجتمعاتنا الشرقية ذات التوجه الذكوري لاعتقادات وراثية متجدّرة قد تغيرت على أرض الواقع بعد ثورة المساواة، فانتفت مبرراتها ليكون التميز بجنس المولود واحدا من محطات التعلق بمتحف الماضي المتواضع والذي عجزنا خلاله من تسجيل إضاءة تؤهلنا لحجز مكانا بين العظماء، فالبرهان الواقعي قد عجز عن اثبات فرق واحد لصالح أي من الجنسين بنفس الظروف.

أحلام الأبوة
 استعراض نتائج محطات التاريخ يذكرنا بواحد من ثورات القرن الماضي؛ والتي سجلت انقلابا علميا يترجم أحلام الأبوة لواقع، حيث بدأت الحكاية بترتيب أدبيات الانجاب بالمساعدة على الاخصاب خارج الرحم، فنجحت الفكرة بالاعتماد على خصائص طرفي المعادلة: الحيوان المنوي والبويضة، فكرة نضجت بمطبح البحث العلمي لتجاوز صعوبات فنية باللقاء المبرمج، فتطورت عبر رحلتها بعد أن برهنت قدسيتها خصوصا بعدم تعارضها أو تقاطعها مع اجتهادات المراجع الدينية والأخلاقية والقانونية التي تحكم العمل الطبي أساسا، فتقدمنا على سلم الخدمة درجة تسمح باختيار جنس الجنين خصوصا للعائلات التي تخطط المستقبل بحدود إمكاناتها، فهي محقة عندما تلتزم بمؤهلات البناء الصحيح لأن واقعنا اليوم لا يسمح أبدا بعشوائية الانجاب، فمن لا يستطيع توفير ظروف التربية عليه بعدم الاقدام على الزواج أصلا، لأن مفهوم الزواج الفطري يحجب شمس الواقع عن البناء العائلي وينحصر بفترات النزوات الشخصية التي تذوب بأول اختبار.

 توائم الظروف الطبيعية
 احترام الزمن والتوقيت كحزمة واحدة يشكل عاملا مؤثرا بقطف ثمار النجاح لمصانع البحث العلمي ،التي تقدم خلاصة الجهود البحثية الينا بالمجان، حيث أن تطبيق واقعية الاخصاب خارج الرحم وإعادة الأجنة للإنغراس ببطانة الرحم بعد تهيئتها قد ساعد بتجاوز خط المستحيل للانجاب، خصوصا أن الحقائق العلمية لخصائص الحيوانات المنوية والبويضات وبيئة الاخصاب وهرمونات المبيضين بدورتها الفسيولوجية، تلتزم بأسس الطبيعة بل فإن كل الجهود التي تبذل من قبل أفراد الفريق الطبي، تنحصر بإعادة ترتيب المعطيات الصحية لتوائم الظروف الطبيعية، الأمر الذي قد يفسر التغاير ومحدودية النتائج بنسب النجاح ضمن الأسس التي ندركها ونستطيع تهذيب بعضا من مكوناتها أحيانا بشكلها النسبي وغير المطلق، فخصائص الحيوانات المنوية بعينة الاختبار تفتقر لدرجة الانسجام المطلقة ليكون التوفيق بالاختيار سببا للنتيجة ويعتمد على خبرة الفني المسؤول بمركز الانجاب، وينطبق الحال كذلك على مواصفات البويضات وبدرجة أقسى لمحدودية العدد والذي يضعف فرصة الاختيار ويمنع العبث باسهم التضحية، خصوصا أن ظوابط جرعات التحفيز تمنع الانحراف بصورة مطلقة لخطورتها الصحية، حيث لا بد من فصل العاطفة بتقدير الظروف الزوجية والأداء الطبي بأصوله، فبورصة الأسهم الصحية لا تحتمل أبداً مضاربات المغامرة بصورة مطلقة.

مفردات السيرة
الشخصية والمرضية
 خضوع الزوجين لتحليل مفردات السيرة الشخصية والمرضية وطرحها بشكلها الصحيح وخصوصا بمفاصل السرية منها يحتل واجهة الانتصار المنتظر والمتمثل بتحقيق حلم الانجاب والبناء العائلي لواقع.
 وهناك الجانب التحليلي لهرمونات الطرفين وذات الشأن والتي تتزامن بتوقيت مقدس فيمنع العبث فيه لمبررات الظروف والزمن إضافة لتحليل مفصل السائل المنوي للوقوف على أبعاد مفرداته بشكلها الدقيق، فكم من النساء ظُلمت عبر التاريخ بتهمة السبب للتأخير وكانت الضحية لواقع الجهل والانكار خصوصا بجهل الأداء الزوجي وأصوله تحت عنوان الفحولة المطلقة، فخلل بأي من النتائج سيكون مسرح الاجتهاد بهدف الابتعاد عن شواطىء الفشل لأسباب كانت حاضرة بالمعالجة.
 ربما فرصة كريمة لتحقيق هدف أبعد من تحقيق فرصة الحمل والانجاب ويتمثل ذلك باختيار جنس الجنين بعد أن أصبح التقنين والتحديد سياسة عقلانية بكل مناحي الحياة ومنها التكوين الأسري بعدد مناسب ومنوّع من أفراد العائلة التي تسكن قالب المثالية بتناسب يوازي بين الجنسين بشكل يكفل لحدود السعادة بهاء شواطئها وفرض معطياتها، والتشكيل الأسري هو مطلب اجتماعي وعائلي بنفس الدرجة للمحافظة على سلامة النسل بدون تسيد، خصوصا أن القوانين والتشريعات الأردنية النافذة تسمح بالاختيار بالمراكز الطبية المعتمدة والمرخصة والتي تتطلب توظيف كفآءت متعلمة ومدربة والتي اكتسبت خبراتها من واقع الإشراف المباشر، فلا نقطة خلافية بين أهل الاختصاص والفتوى خصوصا أن بنود الدستور للسعادة الأسرية تربط بشكل دقيق بين وجود الجنسين بالرغم أن هناك ميولا غريبة وإنحراف فكري أحيانا بمجتمعاتنا لأسباب نجهل واقعها أو دوافعها.

 تقنيات المساعدة
 على الحمل والانجاب
 استخدام تقنيات المساعدة على الحمل والانجاب تحتاج لحكمة الزوجين بتقدير ظروفهما بالتوقيت المناسب مع الأخذ بعين الاعتبار بعامل العمر للطرفين بالتساوي، فلا حكمة من التأجيل انتظارا لمعجزة عندما يكون البرهان والحجة الطبية حقائق يصعب العبث بأركانها وفواصلها أو إعادة ترتيب أولوياتها تحت فاصل التمني، خصوصا بانتشار مراكز المساعدة على الانجاب على مساحة الوطن بتكلفة متواضعة بدرجتها النسبية ومن يعتبر السعادة ركنا ثانويا بدرجة القياس فعليه بتقديس ثوب العزوبية حتى لا يورث أفكاره أو يكون سببا لرفد المجتمع بترجمة واقع مثال «الابن شبه أبيه» خصوصا أن عالم اليوم المجنون لم يترك فسحة لأصحاب الفكر المتواضع بدخول السباق، فنظرية داروين بأن القوي سيأكل الضعيف تطبق بقوة على أرض الواقع اليوم بعالمنا المجنون بل والغني يقتاد على الفقير.
 وقبل أن أختم، فلا بد من التذكير بعدم وجود ضمانة للنجاح لأسباب نجهلها فتحديد الساعة الفسيولوجية بقبول بطانة الرحم لضيف عليها هو مسرح الاجتهاد الفعلي بمراكز البحث بدون مؤشرات لحصد الثمار على المدى القريب، فربما حكمة ربانية أننا لم نستطيع امتلاك كل ما نتمنى وللحديث بقية.

أستاذ مشارك/ كلية الطب- الجامعة الأردنية
استشاري النسائية والتوليد/ مستشفى الجامعة الأردنية


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com