الاثنين، 6 فبراير 2012

إنفلونزا الطيور… حسّاسية غير معلنة !

صُدم القطاع العلمي، اواخر شهر تشرين اول السابق  بطلبٍ غريب إذ دعت الحكومة الأميركية، على لسان المجلس الاستشاري العلمي الوطني الأميركي للأمن البيولوجي، المجلّتين العلميتين Nature وScience الرائدتين في العالم إلى فرض الرقابة على الأبحاث العلمية. مقال من The Economist حول هذا الطلب الغريب.
كانت مجلتا Nature وScience توشكان على نشر دراسات أجراها باحثون كانوا يستكشفون تفاصيل إنفلونزا الطيور لإنتاج سلالة تستطيع اختراق الهواء بين الناس. لكن حذّر المجلس الاستشاري العلمي الوطني للأمن البيولوجي من وصول هذه الوسائل الدقيقة والبيانات الجينية المفصلة إلى الأيادي الخاطئة لأن عواقب ذلك ستكون أفظع من أن يتصورها العقل، فاقترح الباحثون نشر الاستنتاجات العامة وإرسال التفاصيل الدقيقة إلى العلماء الموثوقين حصراً.

منع  القوانين المتشددة 
لا شك في أن إنفلونزا الطيور ظاهرة خطيرة، فقد تبين أن 60% من الإصابات البشرية كانت مميتة : بلغ مجموع الإصابات المسجّلة 570 حالة  مع أن الحالات الأقل خطورة لا تُسجَّل كلها على الأرجح.
الى ذلك  رضخ رئيسا فِرَق البحث رون فوشييه (من مركز «إيراسموس» الطبي في روتردام) ويوشيهيرو كاواوكا (من جامعة ويسكونسن-ماديسون) لضغوط الرأي العام، فأصدرا بياناً مشتركاً وقّعه 37 خبيراً آخر في مجال الإنفلونزا   و أعلنا تعليق جميع الأبحاث المماثلة لفترة 60 يوماً.
  يهدف هذا التعليق الطوعي إلى منح المنظمات والحكومات الوقت الكافي لإيجاد أفضل الحلول للتعامل مع الفرص والتحديات الناجمة عن تلك الأبحاث.
في المقام الأول، يعني ذلك إيجاد طريقة لنشر المعلومات الحساسة في الأوساط المناسبة، وقد فرضت المجلتان هذا الشرط للموافقة على حذف تلك التفاصيل من نسخ المجلات التي تُباع للرأي العام. تشمل هذه الخطة أيضاً اتخاذ قرار حول كيفية تنفيذ الأبحاث المستقبلية (في حال استمرارها أصلاً!). سيخضع هذا الموضوع وغيره للنقاش خلال قمة تنوي منظمة الصحة العالمية عقدها في جنيف في شهر فبراير المقبل. ويتمنى الموقّعون على البيان أن يمنعوا القوانين المتشددة من إفساد حقل عملهم من خلال التصرف بهذه الطريقة المسؤولة.
لكن حتى قبل أن تجتمع الجهات المعنية في سويسرا، احتدم الجدل حول هذه المسائل منذ الآن. في العدد التاسع عشر من مجلة Nature لشهر يناير، تحدث عشرة خبراء (من بينهم فوشييه) عن هذا الموضوع. بدورها، أطلقت مجلة Science منتدى مماثلاً لتبادل الآراء.
سرعان ما برز استنتاج فوري مفاده أن الباحثين في مجال الإنفلونزا منقسمون في ما بينهم.

 عودة ظهور فيروس الإنفلونزا الإسبانية
يشعر البعض بالقلق من الشكوك المبالغ فيها التي طرحها المجلس الاستشاري العلمي الوطني للأمن البيولوجي، بينما يشيد البعض الآخر بتدخل المجلس كونه اقترح مبادرة استباقية تستحق التقدير.
تحدث أحد النقاد البارزين، وهو بيتر باليس من كلية طب «جبل سيناء»، عن أبحاثه الخاصة التي أجراها في عام 2005 وتناولت عودة ظهور فيروس الإنفلونزا الإسبانية.
كانت الإنفلونزا وباءً منتشراً في الماضي وقد بلغ ذروته في عام 1918 وسبب وفاة مئة مليون شخص تقريباً. في تلك الحقبة، كانت شكوك المجلس الاستشاري العلمي الوطني للأمن البيولوجي محدودة، فقد استنتج على ما يبدو أن منافع الإفصاح عن كامل المعلومات تتفوق على المخاطر المحتملة. يشير باليس في مجلة Nature إلى أن نجاحه دفع بباحثين كثر آخرين إلى الدخول في هذا المضمار. كشفت زيادة الوثائق العلمية في المرحلة اللاحقة أن الفيروس ضعيف أمام لقاح الإنفلونزا الموسمية والأدوية الشائعة، ما ساهم في تهدئة المخاوف التي يثيرها المشككون وقد تنشر الفوضى في القطاع العلمي.

المؤشرات الوراثية
أظهر الباحثون في روتردام وجامعة ماديسون أن الفيروسات التي تحتوي على الهيماغلوتينين (بروتين يسبب تجلط خلايا الدم الحمراء) من سلالة إنفلونزا الطيور قد تخترق الهواء بين القوارض. (في ما يخص الإنفلونزا، يتشابه البشر والقوارض). كذلك، حدد الباحثون المؤشرات الوراثية للسلالة القاتلة، وأثبتوا أن جميع السلالات ليست مميتة بالقدر نفسه.
في تعليق صدر في Nature، شدد كاواوكا على أهمية هذه المعلومات لتطوير لقاحات وأدوية فاعلة. كذلك تساعد تلك المعلومات السلطات على مراقبة نطاق تفشي إنفلونزا الطيور بفضل التحولات الخطيرة التي يتم رصدها وعبر القضاء على أي وباء محتمل في مهده.
في مجلة Science، اعتبر مايكل أوسترهولم من جامعة مينيسوتا ودونالد هندرسون من جامعة بيتسبرغ أن معدل الوفيات البشرية بسبب إنفلونزا الطيور يعني أن المخاطر المطروحة تتفوّق على أي منافع قد تقدّمها الأبحاث. صحيح أن بعض الأبحاث يكون مضموناً، لكن لا حاجة إلى تقاسم البيانات الدقيقة خارج إطار مجموعة صغيرة ومنتقاة من باحثين موثوقين يعملون أصلاً ضمن شبكة منظمة الصحة العالمية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com