الأربعاء، 29 فبراير 2012

الأبنية الخضراء والمياه الجوفية الحارة

صورة

د. أيّوب أبو ديّة  - إن اختيار مواقع الأبنية التي يمكن وسمها بالأبنية الخضراء والتي تقع بالقرب من مواقع مياه جوفية حارة هي مسألة تضفي على الأبنية الخضراء خضرة إضافية من حيث استدامة مصادر الطاقة واستقلالية المصدر وسيادته، فلا يتوقف مدد الطاقة الحرارية صيفاً أو شتاءً، كذلك فإنه لا يتوقف في حالات الحرب أو السلم، فضلا عن انه ليس بحاجة إلى موافقات خارجية للاستثمار تتعدى على السيادة الوطنية.
وقد خضنا في الأردن تجربة انقطاع الغاز المصري عام 2011، ومرت في هذه التجربة أيضاً بريطانيا في عام 2007 عندما انقطع المدد من الغاز الطبيعي من روسيا وأوكرانيا بسبب خلافات حول الأسعار، فاضطرب الاقتصاد الإنجليزي آنذاك؛ وبناءً عليه، فإن استخدام المياه الجوفية الحارة في المشروعات يسهم في خفض الاعتماد على مصادر الطاقة الأخرى، فكيف يمكن ذلك؟
نستطيع أن نضخ المياه الحارة، وهي تتفاوت في العالم من موقع إلى آخر، ولكننا نتحدث عن كميات ضخمة من المياه تتراوح درجة حرارتها بين 25 – 65 درجة مئوية عند أعماق بسيطة حيث ترتفع درجة الحرارة درجة مئوية واحدة لكل 25-40 متراً عمق في باطن الأرض، أي أنه عند عمق نحو 250 مترا، وهي مسافة قريبة من أعماق بعض المياه الجوفية الحارة فإن درجة الحرارة ترتفع نحو عشر درجات في الأحوال الاعتيادية تضاف الى الدرجة الحرارية السطحية للمياه.
وهناك آبار تصل فيها درجة الحرارة إلى ما فوق درجة غليان الماء، ولكنها مقصورة على مناطق محددة وتصلح لتوليد الطاقة الكهربائية اذا بلغت درجة حرارتها 150 درجة او اكثر تحت الضغط. وتستثمر بعض الدول في الطاقة الحرارية الجوفية لتوليد الكهرباء كايطاليا ونيوزيلاندا والفليبين واليابان وألاسكا وهاواي في الولايات المتحدة الامريكية.
ويمكن استخدام المياه الدافئة بفاعلية كبيرة، وبخاصة في فصل الشتاء عندما تتهدد المحاصيل الزراعية في الأغوار بالصقيع. ولكن إذا نظرنا إلى استخدامات المياه متوسطة الحرارة، فإنها مفيدة جداً في تدفئة مزارع الدجاج وحظائر الحيوانات وتربية الاسماك وفي تدفئة المنازل أيضاً وفي تسخين المياه، وبالطبع هي بحاجة إلى مساعدة في بعض الأحيان بالنظم التقليدية وفقاً لتصميم البناء؛ ولكن إذا كان البناء مصمماً ليكون بناءً أخضر، وهذا لا يعني أنه يحقق متطلبات كودة العزل الحراري والمائي الأردنية لعام 2009 فقط، إنما يزيد عن ذلك بكثير، كي يحافظ على الطاقة لفترة زمنية طويلة قبل أن يفقدها إلى الخارج في فصل الشتاء البارد، عند ذاك يمكن تدفئة البناء وتسخين المياه التي يحتاجها للاستحمام والغسيل بما لا يقل عن 80 % من الاستهلاك العام من الطاقة.
ولا ينبغي أن نتوقف عند ذلك وحسب بل نستطيع تجاوز هذا النشاط إلى استخدام المياه الحارة في النشاط الزراعي؛ وهناك تجربة البيوت البلاستيكية في حمامات ماعين، حيث استخدمت لزراعة الورود وما إلى ذلك. ويمكننا تدفئة البيوت البلاستيكية لزيادة الانتاجية واجتناب ضرر الصقيع.
إن استخدامات المياه الجوفية الحارة مستدامة أيضاً من حيث أنها لا تستنزف المياه الجوفية على الإطلاق، وبخاصة إذا استخدمت الطاقة الكامنة فيها فقط، لأن المياه تعود إلى مصدرها في نهاية المطاف بعد أن يتم حصاد الطاقة الحرارية منها فتتزود بالحرارة من الطاقة الجوفية المستدامة مرة أخرى في باطن الأرض وهكذا دواليك؛ إنها طاقة نظيفة ومستدامة ومتجددة، وقد آن الأوان للانتفاع منها في سلة أنواع الطاقة المختلفة كالغاز والصخر الزيتي والطاقة الحيوية وطاقة الرياح والطاقة الشمسية، ولقد آن الأوان أن نكف عن ترديد مقولة أن الأردن يستورد 95 – 96 % من طاقته، لنتجه صوب القول إن الأردن لديه أغلب حاجاته من الطاقة التي لم يتم استغلالها بعد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com