الأربعاء، 29 فبراير 2012

جورية.. أسطورة السحر

صورة

طارق الحميدي - وسط المحيط الأطلسي وعلى مقربة من سواحل السنغال تقع جزيرة «جورية الاسطورية», تزهو بطبيعتها الجميلة وبيوتها التراثية التي تعود للقرون الوسطى.
في ساعات المساء تستعد الجزيرة لأجمل طقوسها حين تصدح مع مغيب الشمس الموسيقى الإفريقية المميزة بالطبول والرقصات التقليدية التي يؤديها سكان الجزيرة الودودين لتكسر ذالك الهدوء ويتلمس السياح الجمال الإفريقي وسط أجواء  لا تتكرر في  مكان آخر.
العديد من اللوحات الفريدة التي تحويها الجزيرة من البيوت القديمة والكنائس الفريدة والأشجار النادرة إلا أن تمثال الحرية وقصته الفريدة هو أثمن ما يمكن أن تراه فيها بحسب سكانها المحليين.
بصمت يروي تمثال الحرية في الجزيرة جورية التي تبعد 3 كيلو مترات عن شواطئ دكار عاصمة السنغال قصة العبودية التي تعرضت لها افريقيا في القرون الوسطى.
يرى البعض في التمثال مشهدا جماليا يمنح الجزيرة التي أصبحت مقصدا سياحيا القا ويزيد من جمالها, فيما يرى فيه الآخرون مشهدا يختزل بداخله قصة تندى لها جبين الإنسانية جمعاء ألا وهي عبودية الإنسان لاخيه الإنسان.
تمثال الحرية الذي يعتلي قمة هضبة وسط الجزيرة حيث تجسد المرأة الإفريقية التي تمسك بزوجها وهي تصرخ رفض الإنسان للذل فيما يقف هو ويرفع يديه للأعلى بعد أن كسر القيد الذي في يديه منتفضا على العبودية مجسدا معاناة ملايين الأفارقة من العبودية التي استمرت لمدة سنوات طويلة.
ويخفي جمال الجزيرة الخلاب وموقعها المميز تاريخا طويلا من العبودية التي طالما تعرضت لها القارة الأفريقية خلال القرون الوسطى على يد الأوروبيين الذين تاجروا بسكان القارة الإفريقية  بعد اكتشاف الأمريكيتين.
ولا تزال قصص العبودية التي عاشها أبناء القارة الأفريقية تتواتر في الجزيرة فهناك من يروي بعضها في دار العبيد الموجود في وسط الجزيرة والذي كان يحتجز فيه العدد الأكبر من العبيد تمهيدا لنقلهم إلى الأمريكيتين.
وما تزال القيود الحديدة الكبيرة والأغلال والسلاسل التي كان العبيد يشدون بها موجودة في داخل الغرف بدار العبيد لتبقى شاهدة على ما اقترفته يد الإنسان في تلك الحقبة.  
وفي إحدى ممرات الجزيرة وعلى مداخل معرض فني تقليدي يعرض بداخله اللوحات التراثية تقف أحدى الفتيات وهي تروي للسياح بعضا من القصص التي سمعتها من كبار السن حول ما كان يجري في هذا المكان.
تقول الفتاة :» لقد سمعنا الكثير من القصص عن العبودية وموت الالوف من الأفارقة في هذه الجزيرة نتيجة للمعاملة القاسية التي كانوا يلاقونها هنا, كما أن البعض منهم كان يلقى في وسط المحيط الأطلسي بعد موته للتخلص من جثته».
وأضافت بينما كانت تقدم شرحا عن إحدى اللوحات التي قامت بعرضها والتي تبين معظمها مشهدا مظلما يروي تلك القصص :» نحن الآن نعيش في عالم أفضل ولكن يجب أن لا ننسى ما عانى منه أجدادنا في وقت سابق قبل أن ينتهي زمن العبودية».
وما زالت الجزيرة تحتفظ بملامحها القديمة حيث الممرات الصغيرة الجميلة والأشجار الكثيفة التي تملا الجزيرة في كل مكان فيما والبيوت المبنية بالطراز الحجري الكيوة جدرانها  التي تحتفظ بطرازها المعماري القديم.
وشكلت الجزيرة من القرن السادس عشر إلى القرن التاسع عشر أكبر محطة لتجارة العبيد وشهدت أبشع عمليات التعذيب والاحتجاز حيث كان ينقل العبيد من قارة افريقيا اليها تمهيدا لنقلهم إلى قارة أمريكا.
كما سبب موقع الجزيرة المميز والذي كان يربط بين قارة أفريقيا  والأمريكيتين صراعا بين القوى الاستعمارية للسيطرة عليها وكانت سببا لحروب نشبت بينهم حيث خضعت  لسيطرة البرتغال وهولندا وانكلترا وفرنسا.
كما أن الطراز المعماري للجزيرة يشهد تناقضا فريدا فهناك البيوت للسكان المحليين والمصنوعة من الطين فيما على الجانب الآخر بيوت تجار الرقيق الضخمة  المصنوعة من الحجارة باهضة الثمن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com