الاثنين، 27 فبراير 2012

السلامة الغذائية وإنفلونزا (H1N1)

صورة

ايمان شعبان خوري - يعتقد معظم الناس ان مقدرتهم الذكائية تبقى ثابتة طوال حياتهم، بخاصة اذا خضعوا لقياس حاصل الذكاء لديهم (IQ) intelligence quotient في مرحلة معينة من حياتهم لتوقع الانجازات التعليمية والامكانيات الوظيفية لاحقاً في الحياة. إلا ان باحثين من جامعة لندن/بريطانيا ومركز العلوم العصبية التعليمي أكدوا وللمرة الاولى ان حاصل ذكائنا غير ثابت، وان المقياس المعياري للذكاء (IQ) قد يزيد او ينخفض وبشكل ملحوظ في اثناء سنوات المراهقة، وهذه التغيرات في حاصل الذكاء مرتبطة بالتغيرات في تركيب الدماغ.
قام الباحثون باشراف البروفيسور كاثي برايس، بإجراء عدة إختبارات على 33 مراهقا يتمتعون بصحة جيدة في عام 2004 عندما كانت اعمارهم تتراوح ما بين 12 – 16 عاماً، ثم أعادوا الاختبارات بعد اربعة أعوام عندما اصبح عمر هؤلاء المراهقين ما بين 15-20 عاماً. وفي اثناء الاختبارات في كلا الفترتين الزمنيتين، أجرى الباحثون مسحا لدماغ المراهقين باستخدام تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI).
وجدت د. برايس وزملاؤها تغيرات ملحوظة في معدلات حاصل الذكاء التي اخذت للمراهقين في عام 2008 مقارنة بمعدلات عام 2004، فبعض المراهقين حسنّوا من مستوى أدائهم مقارنة بالمراهقين من العمر نفسه بما يعادل 20 نقطة على مقياس IQ، وفي حالات اخرى انخفض مستوى الاداء لبعض المراهقين بمقدار 20 نقطة. وليتأكد الباحثون من ان هذه التغيرات كانت ذات معنى، قاموا بتحليل مسح الـ MRI لرؤية اذا كان هذا الانحدار او الارتفاع بحاصل الذكاء له علاقة بالتغيرات في تركيب دماغ المراهقين، واستخدموا معايير خاصة لقياس حاصل الذكاء اللفظي وتشمل طلاقة اللغة، علم الحساب، المعرفة العامة والذاكرة كما قاسوا حاصل الذكاء غير اللفظي باحتساب معايير خاصة مثل التعرف على العنصر المفقود في صورة محددة او حل الاحجيات المرئية ، فوجدوا علاقة واضحة جداً تربط التغير في الآداء بالتغير في تركيب مناطق محددة في الدماغ، كما اكدوا على ان التغيرات في معدلات حاصل الذكاء حقيقية ولا مجال فيها للشك.
هذا وقد وجد الباحثون ان زيادة معدلات حاصل الذكاء اللفظي كما يسمونه، مرتبطا بزيادة كثافة المادة الرمادية، حيث تحدث العمليات في المنطقة اليسرى من قشرة الدماغ. وبالمقابل ارتبطت زيادة معدلات حاصل الذكاء غير اللفظي بزيادة كثافة المادة الرمادية في الجزء الامامي من المخيخ المرتبط بحركات اليد.
وتقول د. برايس:- ليس واضحاً سبب تغير حاصل الذكاء الكبير، وسبب تحسن اداء بعض المراهقين وانحدار اداء البعض الآخر. ومن المحتمل ان الفرق نتج عن تطور ونمو بعض المراهقين وتأخر البعض الآخر، ومن المحتمل ان التعليم يلعب دوراً هاماً في تغير حاصل الذكاء (IQ) وهذا يشير الى كيفية تقييم طلاب المدارس. وتضيف:- نحن نميل الى تقييم الاطفال وتحديد مناهجهم الدراسية مبكراً في الحياة، ولكننا ومن خلال نتائج هذا البحث اظهرنا ان ذكائهم على الاغلب لا زال في طور النمو. لذلك يجب ان نكون حذرين من ان نقول بتدني معدل ذكاء بعض الاطفال في مراحل حياتهم الاولى ، فعلى الاغلب قد يتحسن حاصل ذكائهم وبشكل ملحوظ بعد مرور أعوام قليلة. تماماً كما يحدث في موضوع اللياقة البدنية، فالمراهق الذي يتمتع بلياقة بدنية عالية في عمر 14 قد يصبح اقل لياقة في عمر الـ 18 اذا توقف عن ممارسة التمارين الرياضية والعكس صحيح.
هذا وقد قدمت دراسات صدرت عن مجموعات ابحاث اخرى، ادلة قوية تشير الى سهولة تشكيل الدماغ طوال حياة الشخص البالغ. والسؤال هنا:- اذا كان تركيب الدماغ يتغير طوال حياتنا فهل يتغير حاصل الذكاء لدينا. ويجيب الباحثون على هذا السؤال بنعم، هناك ادلة كثيرة تؤكد على ان الدماغ يمكنه التكيف كلما حدث تغير في تركيبه حتى في مرحلة البلوغ.
القت هذه الدراسة المدهشة الضوء على مدى ليونة دماغ الانسان وسيكون من الممتع رؤية ما اذا كانت هذه التغيرات التركيبية تحدث طوال فترة النمو والتطور، وتمتد الى ابعد من حاصل الذكاء لتصل الى الوظائف الادراكية الاخرى. فهذه الدراسة تتحدى العلماء للتفكير بهذه الملاحظات وامكانية تطبيقها لاكتساب المعرفة حول ما قد يحدث عندما يصاب الفرد بالاضطرابات العقلية 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com