الأحد، 26 فبراير 2012

وسط البلد يفقد اثنين من أشهر مشرديه.. و"نابليون" يودع عمان


حمزة دعنا

عمان - افتقدت منطقة "وسط العاصمة" قبل أيام، احد "معالمها" البشرية، الذي شكل على مدى العقود الثلاثة الماضية احد المظاهر "المتحركة" والغامضة للكثيرين وسط البلد، وذلك بوفاة احد اقدم "المتشردين المثقفين"، كما يحب ان يصفه بعض تجار المنطقة.
حياة التشرد والهيام في شوارع وسط العاصمة، بردا وحرا، صيفا وشتاء، على مدة ثلاثة عقود مضت، لم تنصف نبيل عبدالله في حياته المحزنة بتشردها وضياعها، كما لم ينصفه الأحياء بعد مماته، قبل أيام، عندما اختلط على الصحافة والعديد من الناس، أن "نبيل" هو ذاته المتشرد الآخر "رمضان خليل"، الذي كان رفيق تشرد لنبيل، والتصق به (اي رمضان) لقب عرف به على مدى 30 عاما، وهو "نابليون عمان"، نسبة الى القائد الفرنسي الشهير نابليون بونابارت.
صاحب "كشك الثقافة العربية" حسن ابو علي، نفى ان يكون المرحوم نبيل هو الملقب بنابليون، وقال: "انا لم ار نابليون منذ فترة طويلة، لانشغاله بالقراءة طوال الوقت، وانا افتقده كثيرا، واعتقد انه توفي منذ فترة طويلة".
الحاج نبيل شقير، صاحب "صالون شقير" للحلاقة، احد اقدم المحلات وسط العاصمة، أوضح إلى "الغد" أن من توفي قبل ايام هو نبيل عبد الله، وهو شخص آخر مختلف عن نابليون، واسمه الحقيقي "رمضان خليل"، وكلا المتشردين "اشتهرا" بالقراءة للكتب في أزقة وأرصفة وسط البلد، والدخول في بعض النقاشات السياسية والفكرية والاجتماعية مع آخرين.
ويؤكد شقير أن رمضان كان توفي منذ فترة تتجاوز الثلاثة شهور، وقال "أعرف رمضان منذ مطلع السبعينيات، عندما كان عضواً بالحزب الشيوعي في عمان، وكان اسمه الحركي في الحزب لينين".
قصة نبيل ورمضان، لم تكن فقط قصة مشردين، هاما على وجهيهما لثلاثة عقود مضت، بل شكلا احد معالم وسط البلد، الذي ارتبط في اذهان الآلاف من مرتادي وسط عمان بالمقاهي القديمة والمحال والاسواق العريقة، وبعدد من المتشردين، الذي التصقوا بشوارعها وذاكرتها طويلا. 
يستذكر شقير، بأن رمضان (نابليون وسط البلد) كان يقف دائماً أمام السياح الأجانب، وكان يرتدي ملابس وقبعة شبيهة بملابس نابليون بونوبارت العسكرية، ويناقش السواح في الامور السياسية، وعن القضية الفلسطينية، ويقول، "كان يجلس امام سينما زهران، حيث يقوم بتحميص المكسرات، إضافة الى قراءة الكتب الماركسية بشكل دائم"، مشيراً إلى أنه كان يغضب بشدة ممن يصفونه بـ "هتلر".
من جانبه، يقول ابو فراس، أحد المقربين من عائلة "نابليون وسط البلد"، ان "اصل" رمضان خليل هو مدينة غزة، وقد جاء الى عمان للدراسة في الجامعة الاردنية مطلع السبعينيات، لكن من شدة التعذيب الذي تلقاه من قبل قوات الاحتلال، ادت الى اختلال عقلي لديه، ما جعله يتجول في شوارع عمان معتقداً نفسه "نابليون".
ويضيف ابو فراس بأن الذي توفي قبل ايام ليس "نابليون وسط البلد"، وإنما هو احد أبرز معالم وسط البلد المشهورين بالقراءة ايضاً. ويؤكد ابو فراس بأن رمضان لديه أخ في إسبانيا وآخر في غزة، حيث قام الأخير بأخذه الى غزة للعيش هنالك، إلا انه بعد مرور فترة قصيرة جاء الى عمان ليجعلها "المدينة الأم".
فيما تسلمت عائلة نبيل عبد الله، جثة ابنها من مستشفى البشير قبل ايام اثر وفاته متأثرا بجلطة حادة قبل أيام، حيث تم دفنه وفتح بيت عزاء له.
يشار الى ان نابليون بونابرت، هو قائد عسكري وحاكم فرنسا وملك إيطاليا وإمبراطور الفرنسيين، حكم فرنسا في أواخر القرن الثامن عشر بصفته قنصلاً عامًا، ثم بصفته إمبراطورًا في العقد الأول من القرن التاسع عشر، حيث كان لأعماله وتنظيماته تأثير كبير على السياسة الأوروبية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com