الثلاثاء، 28 فبراير 2012

الانطوائية تتستر خلف التحدث عبر الهاتف


منى أبوحمور

عمان - تقضي العشرينية مها الخالدي ساعات طويلة مشغولة بهاتفها النقال، متجاهلة كل ما حولها، لتتبادل أطراف الحديث مع صديقتها التي تعرف أدق تفاصيل حياتها.
الخالدي التي تختلي بتلفونها عندما يعترض طريقها أي أمر طارئ كي تهاتف صديقتها لبث شكواها تقول "لا أستطيع اتخاذ أي قرار يتعلق بي بمفردي، لذلك سرعان ما أجد أصبعي يضغط كبسة زر الاتصال على هاتف صديقتي، لأفرغ لها كل همي وما يضايقني".
"لا أذكر آخر مرة تحدثت بها إلى والدي بأمر يتعلق بي" تقول الخالدي، مرجعة ذلك إلى أن صديقتها تستمع إلى ما تقوله دون أن تلعب دور الناصح أو المرشد، إضافة إلى أن هناك العديد من الأمور المشتركة التي تربطهما معا، مضيفة "فهي تفهمني على الطاير".
اختصاصي علم النفس الدكتور محمد الحباشنة يجد أن الهاتف النقال ملكية شخصية تسهل عملية التواصل، ويلجأ إليه الفرد عند أي مشكلة تواجهه، مبينا أنه "يشكل بالنسبة له عالما آخر من صنع يده وغير مجبر عليه كالمجتمع التقليدي".
وتكوين العالم الخاص، من وجهة نظر الحباشنة، يقلل التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يزيد من الانطوائية على الذات، التي تتحول إلى الأنانية مع الوقت.
وفي دراسة تناولت تأثير استخدام الهواتف النقالة على السلوك البشري، تبين أن التحدث عبر تلك الأجهزة يحد من الطابع الاجتماعي للناس بشكل كبير، وتتفاقم لديهم الطباع الأنانية.
والشباب والمراهقون، وفق الحباشنة، هم الأكثر تأثرا بهذا النوع من التواصل الشخصي، حيث يلجأون إلى الحديث مع الغرباء أكثر من الأهل، وهو ما يزيد من الفجوة في العلاقة بحكم العمر والتطور.
ورجح العلماء من خلال الدراسة، أن تكون هذه الظاهرة، نتيجة طبيعية لشعور الإنسان بالاكتفاء العاطفي، بعد التحدث عبر الهاتف، مشيرين إلى أن البشر يشعرون بميل طبيعي للتواصل الاجتماعي، ثم يتراجع اهتمامهم بالتواصل بعد إشباع تلك الحاجة.
ويتفق الحباشنة مع ذلك، عازيا تلك الأنانية والانطوائية إلى شعور الشخص بالاكتفاء، بعد قضائه ساعات طويلة في الحديث عبر الهاتف، الأمر الذي يشعره بأنه لا يحتاج لأحد من أفراد العائلة لمناقشته في همومه أو حتى المشاكل التي تواجهه.
ولا يقتصر الأمر على المكالمات الهاتفية، كما يقول الحباشنة، إذ أصبح الشخص ومن خلال أدوات التواصل الموجودة في الهاتف النقال، يتواصل مع أشخاص غريبين عنه، ويقضي معهم أوقاتا طويلة عبر الفيسبوك والتويتر، موضحا أن الفرد بهذه الطريقة يتوحد مع ذاته، ويعكف على التواصل والتحاور مع أشخاص غرباء من اختياره ويتماشون حسب ذوقه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com