الثلاثاء، 28 مايو 2013

وراء كل حفل زفاف قصص وحكايا



منى أبو صبح
عمان- تصف فادية الزواهرة (34 عاما) حفل زفاف زميلتها في العمل، الذي حضرته وأقرانها، قائلة "لم يكد العرس ينتهي حتى انصب الحديث على أصول عائلة صديقتهم العروس، التي لا تتناسب مع عائلة العريس البسيطة. كان البوفيه متواضعا جدا لا يليق بالضيوف".
وتقول "انتقل الحديث عن تلبيسة العروس التي "كانت رخيصة الثمن"، إضافة إلى النقد في حق العريس طبعا. لقد وصفه البعض بالوسيم، فيما قالت أخريات إنه قصير، وإن "بدلته ليست على الموضة". وقالت بعض المدعوات "إن تسريحة العروس ومكياجها كانا رائعين ويشبهان تسريحة وماكياج الفنانات والممثلات".
وتضيف "لا أدري لماذا تبدأ الحكايا بعد حفل الزفاف، فنحن لا نقصد النميمة، لكننا نهتم بأدق تفاصيل العرس، ونستمتع بالمناسبة".
أطرف موقف أثار حديث الخمسينية أم محمود وجاراتها أثناء عودتهن إلى المنزل، عروسٌ قصيرة جدا، ارتدت حذاءً بكعبٍ عال، وحين رقصت مع العريس تعثرت بثوبها الأبيض ووقعت أرضا.
وتذكر مشهدا آخر أثار فضولها وفضول عائلتها، عقب انتهاء حفل زفاف، وهو مشهد العجائز المتصابيات في الحفل، وتعتبر هذه الانتقادات وملاحقة التفاصيل "ملح العرس".
ظاهرة الحكايا والانتقادات بعد حفلات الزفاف منتشرة في الوطن العربي ككل؛ إذ نرى بعض الحاضرين يبدأون في التعليقات حتى قبل خروجهم من القاعة، بل ويتابعون لقطات أحداث العرس ويعلقون عليها وهم جالسون، فيما يتداول آخرون ما لفت انتباههم، وهم في طريق العودة إلى المنزل. أما البعض الآخر فيبدأ في استعراض أحداث العرس بتفاصيله كافة منذ لحظة وصولهم المنزل، فيكاد العرس يتحول إلى نشرة إخبارية مفصلة.
هند الوزان (26 عاما)، تقول "بما أن العروس ستكون سندريلا الليلة، فمن الطبيعي أن تكون مثار الأحاديث والنقد، فينصب الاهتمام والتعليق من فستان العروس، وماكياجها، وإكسسواراتها، إلى طريقة مشيتها ورقصها. ثم يأتي دور العريس: هل هو مناسب لها، أم أجمل منها، وأوضاعه المادية، وتعليمه، وما إلى ذلك من تعليق".
وتضيف "هناك أشياء لافتة تستدعي الحديث عنها بعد الزفاف، فمثلا هناك عروس تركت عريسها وجلست بجوار صديقاتها المقربات وتبادلن الحديث، وعندما عادت إلى الكوشة لم تجد عريسها. وفي أحد الأعراس غادرت والدة العريس القاعة، لعدم رضاها عن تصرفات العروس، واهتمامها الزائد بصديقاتها وقريباتها، وعدم اكتراثها بشقيقات العريس وقريباته".
يلفت استشاري الاجتماع الأسري، مفيد سرحان، إلى أن كل إنسان منا له مناسبات يقيمها، سواء كانت هذه المناسبات أفراحاً أو أتراحاً. ويسعى كل شخص لأن ينظم حفلاته بطريقة تتناسب مع إمكانياته المادية وظروفه الاجتماعية، ويرضي من خلالها أذواق غالبية المدعوين.
وفي حقيقة الأمر، يقول سرحان "رضا الناس غاية لا تدرك"، أي بمعنى آخر أن الإنسان لا يستطيع أن يرضي الجميع، مهما حاول، ومهما بذل من أموال، ولا ينجو من سهام النقد، إيجابيا كان أم سلبيا.
ويبين سرحان أن الانتقاد الإيجابي مطلوب وهو نقد هادف، وله شروط، منها أن يكون في الزمان والمكان المناسبين وبالأسلوب المقبول، وليس فيه ازدراء للآخر، ولا تعالي عليه، ولا يتم بمرأى ومسمع عامة الناس، ولا يسبب الأذى النفسي، أو الإحباط لصاحب الحفل. وهذا هو النقد الإيجابي، أما الانتقاد السلبي فهو لا يراعي الشروط السابقة.
وتنتقد سهى محمود (43 عاما) المواقف والسلوكيات الخاطئة في حفل الزفاف. وتعترف ريم عبدالله (24 عاما) أنها تحرص على تلبية معظم دعوات الأعراس، لشغفها بالموضة، وتجد هذا التجمع فرصة لانتقاد ملابس الأخريات. وتعتقد سلوى أن الانتقادات والتعليقات بعد حفل الزفاف تدل على سطحية تفكير المهتم بها، وترى أن كثيرا من الحاضرين يأتون فقط للمراقبة والانتقاد.
ولا يقتصر الأمر فقط على السيدات، وإنما الرجال أيضا. في هذا الشأن يعلق الستيني أبوسلطان، قائلا "أثناء عودتنا وبعد وصولنا إلى المنزل نبدأ في الحديث عن الأحداث التي دارت في الحفل خلال ساعتين أو ثلاث، بهدف التسلية. كما تبدأ المناكفات، والجدال حول شخص ما، كوصف أحدهم بأن علامات تقدم السن قد بدت واضحة عليه، أو سوء تصرف أحد المعازيم مع الضيوف، وغيرها من المواقف اللافتة".
كما اعتادت هيا الزبن، الطالبة جامعية، أن تجلس مع صديقاتها في ركن منزو، يراقبن كل حركات وتصرفات العروسين، إلى جانب انتقاد قريبات العروسين اللواتي يستعرضن جمالهن وثيابهن، وبعد كل حفل يخترن أجمل المدعوات التي أثارت انتباه الجميع.
يقول سرحان "الأصل أن يتعاون الناس فيما بينهم، وأن يعذر بعضهم بعضا، وأن لا تكون النظرة منصبة على الأمور المادية والشكلية، بل على جوهر الأشياء. فمناسبات الفرح تتطلب مشاركة حقيقية ووجدانية في الفرح، وأن يبذل الجميع جهودهم للمساهمة في إدخال الفرح والسرور إلى قلوب أصحاب المناسبة من عرسان وذويهم، لا أن يلجأوا إلى البحث أو الإشارة إلى خلل، أو خطأ قد يعكر صفو الحفل، أو يصرف انتباه أصحاب العرس والمدعوين عن الفرح الحقيقي. ففي بعض الأحيان يكون الانتقاد بعد الحفل، ويتم تناقل الكلام بين الناس وقد يصل إلى صاحب الدعوة فينزعج لذلك، أو يشعر بالتقصير في حق المدعوين".
والأصل، كما يقول سرحان، أن يستفيد الجميع من الملاحظات الموضوعية، من أجل تلاشيها في المناسبات المقبلة، وضمن الإمكانيات المتاحة. فالفرح شعور داخلي، وغير مرتبط بشكل كامل بما يُرصد للحفل من ماديات.
ويذكر سرحان أننا مسؤولون أمام الله عما يصدر عنا من قيل وقال. فلنحرص إذن على أن نكون إيجابيين، محفزين للآخرين، لا مثبطين وناقدين، ومعكرين لصفو الفرح في قلوب الآخرين.

muna.abusubeh@alghad.jo


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com