الخميس، 16 مايو 2013

التفاهـــــم بيـــــن الأزواج للإنجــــاب

صورة

د. كميل موسى فرام - تمثل الحياة على الكوكب الأرضي مجموعة من التفاعلات الاجتماعية بين أفراد البشرية وتشتمل بواحدة من فقراتها ترجمة العلاقات المتبادلة بين الأفراد من الجنسين بفاصل ارتباط الزوجية، محكمة ببنود الانجاب لضمان متانة البناء كضمان لديمومة الحياة عبر الأجيال لنقل راية الاستمرار حيث يصعب الفصل بين أركانها بشكل يتعدى حدود القدرة على التفسير، فارتداء ثوب الجرأة بالقول أن افتقاد الرجل للجاذبية نحو الجنس اللطيف قد يفسر بالنطق بعكس الحقيقة أو أن هناك خلل صحي يتعارض مع الطبيعة والفطرة، بنفس الدرجة التي تطبق على معشر النساء عندما تتنكر أي منهن بعدم الاهتمام بقطب المغناطيس الآخر، نطقا بعكس الحقيقة أو خلل بالمعادلة الصحية، لأن فطرة الاهتمام لأي منهما تعتبر مرحلة مكملة وليست مستقلة، إلا بمرحلة التقصير في الأداء فيترجم ذلك بأعذار قد تنطلي على البعض المحيط.

تمثل محطة الحمل والانجاب واحدة من أركان البناء العائلي، يصعب تعويض أسطرها الحياتية إلا لفشل مطلق بتقديم مساهمة أي من الزوجين بدوره المؤثر حتى لو انعدم الانسجام بفصول حياتية أخرى، فربما الحكمة قد جعلت رسائل الجذب والشوق للاتحاد غير مرئية ويصعب تفقيط أحرفها خصوصا بركن المعاشرة الوظيفي بهدف اسقرار البوارج العائلية بمرساها المنزلي، خصوصا أن الاخفاق بالنتيجة يمثل صدمة لكلا الطرفين، فيتبادلان الاتهامات بتفسير التقصير، على أن أبين بلغة لا يمكن ترجمة كلماتها بأبعد من الواقع، فتكون الجنين بعد المعاشرة الزوجية المكتملة الشروط هو نتيجةفطرية لاتحاد الحيوان المنوي المقدم من الزوج مع البويضة المقدمة من الزوجة بفترة الاخصاب المثالية بالدورة الشهرية لفترة زمنية لا تتعدى ساعات اليوم الواحد بأحسن الظروف، بالتزامن مع ساعة بيولوجية لبطانة الرحم لاستقبال وإغراس الجنين القادم من رحلة التكوين بشرفة قنوات الانجاب بظروف نسيجية مثالية يحكمها المعادلة الهرمونية للسيدة، حيث المبيض الذي يفرز الهرمونات المسؤولة عن الحدث بمعادلة دقيقة تحكمها هرمونات محفزة من الغدة النخامية أثناء مرحلة الاخصاب الحياتية بشكلها الرباني السلس، ليصعب العبث فيها أو إعادة ترتيب أولوياتها إلا بقدر ضيق عندما تستدعي الأمور التدخل الطبي للتنظيم بعد الكشف والتحليل للمعطيات الصحية. 
 هناك بعض المفاهيم المتداولة بين طرفي المعادلة، فالرجل يعتقد أن قدرته على أداء مهمته تنحصر بقوة فحولته متسلحا بنتائج تحليل السائل المنوي أحيانا، خصوصا بوجود مؤشرات طبيعية بالمفردات حتى لو كان جزء من هذه النتائج يحتاج لتمحيص كنسبة الأشكال الطبيعية لحجم العينة، درجة النشاط لمختلف الفئات على أن تترجم جميعها لدرجة الارتكاز بالتحليل المتمثلة بحجم العينة المحللة بالمختبر بعد فترة انقطاع لمدة ثلاثة أيام، ويتوائم ذلك الفحص المخبري بتحديد مستوى الهرمونات ذات العلاقة المباشرة بالوظيفية الزوجية أوالانجابية، فتعطى أولوية لهرمونات الغدة النخامية وتحديدا مستوى هرمون الذكورة بشقية الكامل والحر منه بالدورة الدموية، فالحصول على نتائج هذه الفحوصات بالمستوى المطلوب يمثل درجة واحدة من درجات النجاح الانجابية للبناء العائلي، على أن تحدد الدرجة الثانية بعد تحليل الشق الأنثوي بالمعادلة.
الدورة الشهرية المنتظمة من حيث التوقيت والمدة الزمنية بخصائصها المعروفة هي حجر الأساس لمنح السيدة إذن الانجاب ولكن ذلك لا يكفل النتيجة حيث أن شروط الدورات الشهرية بإفراز هرمونات الأنوثة من المبيض بنسب تتفاوت بدرجاتها الطبيعية يعتبر شرطا أساسيا للبحث عن أسس الخطة العلاجية، كما أن مقدرة الزوجة على إكمال المهمة الزوجية بدون فواصل التمثيل يعطي دلالة إنطواء الزوجة تحت عباءة دورها المحوري بهذا المفصل الحياتي المهم، على أن تمارس الزوجة الفنون الأنثوية بتحريك المشاعر ونسمات التقارب بالتوقيت المرتبط بحدوث الاباضة، بممارسة مجردة من مسهِّلات الاتحاد أو التمثيل ضمن شروط النصيحة الطبية المقدمة من أصحاب الاختصاص، مذكرا كلا الطرفين أن تنفيذ النصيحة بحذافيرها لا يعتبر ضمانة للنتيجة لأسباب نجهلها حتى الساعة بالرغم من الجهود البحثية بمختبرات الابتكار لاماطة اللثام عن خفاياها، ولكنها تمنح الباحث أو الطبيب لإعطاء الجهود والتركيز على فقرة مختلفة من فقرات الاكتمال الزوجية بهدف تحقيق الحلم الشخصي أو الرغبة العائلية.
هناك نسبة من الأزواج تقرر تأجيل فكرة الحمل والانجاب بعد الزواج لفترات متفاوتة تحت مبررات ركيكة الصياغة لا تقنع، ففكرة كهذه يجب تنفيذها بظروف قاهرة وليس كشرط من شروط اختبار الانسجام والتوافق، فنسبة هؤلاء الأزواج تتزايد بشكل يثير القلق وييز من فرص الانفصال والطلاق بوقت مبكر من الامتحان ففترة التعارف والخطوبة كانت كفيلة بل ويجب أن تكون كفيلة بالتعارف وتقريب الأفكار الشخصية المشرذمة بين الطرفين، فلا هي حكمة ولا هي رأي صائب قد يؤخر اكتشاف مواطن الخلل الصحية بمسار الحمل والانجاب بعد الدخول بالمرحلة المزمنة من العلاقة التي تبنى جدرانها بالشك والقذف بسهام التقصير، فالعلاقة الزوجية وإن كانت بواحدة من صورها هي علاقة استمتاع إلا أنها علاقة وظيفية لتأمين رفد المجتمع بأجيال المستقبل التي تمثل لبنات الأساس للمجتمعات والأمم بهدفها الأول والأسمى.
الثقافة الجنسية من المحرمات التي يمنع مناقشتها بين الأطراف حتى لا تكون عربونا للنزاعات المستقبلية أو بينة للشك بعد انتشار وسائل الثقافة بالفضاء الاعلامي المفتوح، حيث المواقع الاعلامية ومحطات التلفزة التي تتكاثر بدون قيود قانونية أو أخلاقية والهواتف الخلوية ذات التصنيف اللطيف والتي يصعب مراقبتها أو السيطرة على درجات استعمالها الانفتاحية، لتجعل من المنزل والعائلة المدرسة الأولى للطفولة والمراهقة ومرحلة الشباب الجامعية، وعلينا الاعتراف أن المراهقة المتأخرة قد حجزت مساحة كبيرة من سلوكياتنا، بدافع الظروف الاقتصادية التي تسلك الاضطراد المتعاكس فتمنع فكرة الارتباط والزواج المبكر بحدود العمر المثالية، لتصبح أجندة المناقشات الزوجية بمرحلة التخطيط للارتباط تتمحور حول السيارة والسكن والهاتف، إضافة للاستجابة للضغوط الاجتماعية والعائلية التي تعجن بظروف الدخل المحدود والمتآكل لتعطي فرصة النخر بساق الشجرة الزوجية بفواصل الخوف والتأجيل والشكوك حتى إذا توصل الزوجان لاتفاق الانجاب الهش بقناعة أو قدر، فيصطدمان بالمشاكل الصحية التي تستنزف الأعصاب والدخل والوقت، فتعطي فرصة لميكروب التدخل العائلي لحجز بطاقة المشاغبة بين الزوجين بفاصل جديد من الضغط العصبي والنفسي.
 دعونا نتفق أن الارتباط والزواج هو قرار قناعة فردية على مستوى الزوجين، فيحق لكل منا أن يحلم بشريك حياته بشكل مطلق، على أن تترجم الأحلام لواقع ضمن المسافة العمرية المقبولة التي تتصف بالاعتدال، ولكن التفكير بتأخير امتحان الحمل والانجاب فهو مساق يحتاج للدراسة وإعادة ترتيب الحروف وتفقيطها للنجاح، فدموع الأسف والندم لن تغير بل ستجفف رطوبة الأمل بعالمنا المجنون وللحديث بقية! 

Kamilfram@gmail.com

أستاذ مشارك/ كلية الطب- الجامعة الأردنية
استشاري النسائية والتوليد/ مستشفى الجامعة الأردنية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com