سوسن مكحل

عمان- هناك طرق كثيرة للإجابة عن الأسئلة الحياتية بشكل عام؛ حيث تكون مرتبطة بطريقة السؤال، وبشخصية صاحبه. ويجد العديد من الناس في بعض الأسئلة استباحة لخصوصياتهم، فيأتي ردهم على السؤال بطرق تعبّر عن غضبهم أو استنكارهم لمضمون الأسئلة الموجهة إليهم.
وترى حنان محمد (29 عاما) أن الإجابة لديها مرهونة بطريقة السؤال، فإذا كان السؤال موجها إليها بطريقة مستفزة فإنها ترد ردا قاسيا، مضيفة أن هناك أشخاصا يستفزونها بأسئلتهم أحيانا، فلا تجد بدا من أن تحتاط لذلك السؤال فتتخذ موقفا سريعا يسمح لها بأن ترد على السؤال بطريقة تقيها شر الاستهزاء بأجوبتها.
وتعترف حنان أن كثيرا من أجوبتها تأتي بفعل سؤال مهين وُجّه لها، مؤكدة أن بعض الصديقات ينزعجن من طريقة ردها على الأسئلة، لكنهن مع الوقت أصبحن يتفهمنها، ويقمن بتوجيه الأسئلة المناسبة، بعيدا عن تلك التي تثير استياءها وغضبها.
في حين يعتبر مؤيد حسن (33 عاما) أن السؤال هو مفتاح لأي جواب، وطريقة السؤال هي التي تحدد الأجوبة، مبينا أنه كثيرا ما يتعرض لأسئلة غريبة، والتي تكون أحيانا عبارة عن استفسار حول أمور شخصية بحتة، فيرد عليها دوما بردودٍ جاهزة تجعل الآخرين يشعرون بأنه لا يحب أن يوجَّه إليه سؤال حول أمور شخصية لا تهم أحدا غيره.
وفي هذا الشأن، يضرب مؤيد مثالا عن أحد جيرانه، كثيرا ما كان ما يسأله "كم راتبك؟" فيرد مؤيد عليه بالسؤال نفسه، قبل أن يخبره أن راتبه مثل رواتب عامة الناس، قائلا له: "لماذا هذا السؤال، أتريد مني سلفة؟". 
وعلى منوال المثل القائل "رد الجواب عداوة ولو بالهداوة"، تقول راية محمد إنه كثيرا ما تقوم صديقاتها وزميلاتها باستفزازها من خلال الأسئلة الغريبة، أو التلميحات المباشرة أو غير المباشرة، مما يجعلها، بسرعة البديهة، ترد الصاع صاعين، كما تقول، مضيفة أنها وبسبب مشاكل صحية -تعاني من السمنة الشديدة- كثيرا ما تتعمّد صديقاتُها سؤالَها عن الوزن، أو عن أشياء أخرى تستفزها أو تسيء إلى شخصيتها وكرامتها، في مواقف مختلفة. تقول راية "سألتني إحدى صديقاتي بطريقة مهينة: كم وجبة تأكلين لتكوني بهذا الحجم؟ فأجبتها: آكل وجبات بقدر ما تأكلين، لكن لدي مشكلة صحية بسبب إفرازات الغدة الدرقية".
ويرى محمد علي (23 عاما)، الطالب في علم النفس، أن كثيرين في المجتمع يحاولون التدخل في كل ما ليس من شأنهم، وغالبا ما يكون ذلك من خلال الأسئلة الملتوية أو الاستفزازية، بدلا من أن يوجهوا استفساراتهم بصورة مباشرة، وهو ما يقلق الشخص الذي يوجهون إليه الأسئلة، والذي قد لا يكون أحيانا جاهزا للرد على أسئلة تتعلق بأمور شخصية لا دخل للآخرين فيها.
ولا يلوم محمد الأشخاص الذين يردّون على السؤال المزعج بالسؤال ذاته، فذاك خيرُ رد على أسئلة النفوس المريضة التي لا هَمّ لها سوى التطفل على شؤون الآخرين، وفي ذلك ردْع لأصحاب هذه النفوس، حتى لا يكرروا أسئلتهم التي لا تقيم لخصوصيات الآخرين وزنا.
وفي هذا السياق، يذكر محمد بعض العبر التي تتناول استفزاز البعض من خلال الأسئلة، والتي وردت في سيرة الأدباء والمثقفين، ومنها هذا المثال: قال شخص مغرور لـ برناردشو ذات يوم: "أنا أفضلُ منك، أنت تكتب بحثا عن المال، وأنا أكتب بحثا عن الشرف"، فرد عليه برناردشو بشكل سريع، وهو يعلم أنه لا توجد مقارنة بين البحثين، وأن الآخر يريد التجريح لا أكثر: "صدقت، كل منا يبحث عمّا ينقصه!".
ويرى محمد أن الاكتفاء بالصمت أمام السؤال وتجاهل الآخر هو جواب في حد ذاته، فالصمت أحسن رد على من سأل ولم ينتظر من سؤاله سوى جواب يرضي غروره.
المرشدة الأسرية والتربوية مروة حسن، تؤكد في هذا الشأن أن الإنسان إذا أراد الاستفسار عن شيء بعينه، ورأى أن في سؤاله تجاوزا للحدود وتدخلا في شؤون الآخرين عليه في هذه الحالة أن يعتذر مباشرة، فذاك خير له من أن يحصل على إجابات غير مرضية.
وتنصح حسن الشخص الذي يحاول أن يرد بإجابات تشبه السؤال، حتى يشعر السائل بأنه شخص مستفز أو أنه يسعى من خلال سؤاله للتدخل فيما لا يعنيه، أن يستخدم أساليب أخرى، تجنبا لأي تعقيدات، كمحاولة تغيير الموضوع إذا وُجه إليك سؤال محرج، حتى يُشعر السائل بأنه يفضل عدم الإجابة.
ومن ضمن الطرق التي تقلل من حدة المشاكل التي قد تحدث بين السائل والمجيب، بسبب ما تنطوي عليه الأسئلة من استفزاز، أو تجريح، أو تدخل في شؤون الآخرين، أن يلوذ الفرد بالصمت، لأنّ الصمت وسيلة يعبّر بها الشخص عن عدم تقبله للسؤال المطروح. وهناك طريق أخرى فعالة؛ كمحاولة خلق الأعذار، لإنهاء أي جلسة يشعر فيها الفرد بالضيق من كثرة الأسئلة المحرجة التي يفضل عدم الإجابة عنها. وذلك تفاديا للإجابة عن السؤال بطريقة "رد الجواب" التي قد تؤدي إلى انقطاع العلاقة بين الطرفين.