مستشار الامراض النسائية والتوليد والعقم
د. سميح خوري -  يعرف السخد المتقدم باغراز كلي او جزئي للمشيمة في منطقة توسع عنق الرحم، بحيث ان وجودها لم يعد في جدار الرحم الامامي او الخلفي، وانما في مكان منخفض جداً من الغرفة الرحمية – أي بجوار العنق مباشرة.
ان السخد المتقدم قد يوصل الحامل الى فقدان كمية هامة من دمائها، من شأنها الحاق الضرر في صحتها، وربما يوصلها الى الهلاك، والاحصائيات الطبية تعلمنا ان ثمانين بالمائة من احوال النزف في الفصل الاخير من الحمل، وسبعين بالمئة من حوادث النزف الخطيرة الحاصلة في اثناء الولادة، تعود الى المشيمة المتقدمة على الجنين.

انواع السخد المتقدم:
هناك درجات للسخد المتقدم هي:
1-    الدرجة الاولى: هي الاقل خطورة بالنسبة لسائر الدرجات الاخرى، نرى المشيمة في مكان منخفض جداً من الرحم، بحيث انها تعرف بالاغراز المنخفض، فهي لا تصل ابداً الى مدخل العنق.
2-    الدرجة الثانية: يصل الطرف المشيمي الى مدخل العنق، وهذا ما يعرف بالسخد الهامشي.
3-    الدرجة الثالثة: في هذه الحال، يُغطي قسم من المشيمة قسماً معيناً من مدخل العنق، انما دون ان يحصل الانسداد التام وهذا ما يعرف بعبارة السخد الجانبي.
4-    الدرجة الرابعة: يغطي السخد العنق من مدخله الى الرحم، انها الحال الاكثر خطورة والتي تعرف بعبارة السخد المركزي.

الأسباب:
يعود نشوء المشيمة المتقدمة على الجنين الى شذوذ لمجرى التعشيش الفسيولوجي العادي للبويضة الملقحة. وأسباب هذا الشذوذ في التعشيش ترجع الى عوامل مورفولوجية ووظائفية، اهمها:
-    كثرة الولادة، معروف ان الحامل التي انجبت عدة مرات وبدون فترة استراحة بين ولاداتها، تتعرض اكثر من غيرها لاستهلاك بطانة رحمها وبالتالي الى الوقوع في مصائب السخد المتقدم.
-    التهاب البطانة الرحمية، خاصة بعد فترة الولادة والاسقاط، وتكون ربما في المستقبل حقلاً سهلاً لظهور السخد المتقدم.
-    حصول سخد متقدم سابق: في احيان قليلة تتكرر المشيمات المتقدمة عند حامل بصورة تسترعي الانتباه، وشرح ذلك يعود الى وجود اضطرابات سابقة باغراز مشيمي غير عادي، من هنا الحذر من مراقبة حامل، اظهرت في حملها السابق اعراض سخد متقدم.
-    الألياف الرحمية، خاصة الموجودة تحت البطانة الرحمية تشكل استعداداً لظهور السخد المتقدم.
ومن الأسباب الوظائفية اهمية الافرازات الهرمونية لا سيما البروجسترونية منها في عملية تحويل البطانة الرحمية الى ساقط (أي الى بطانة معدة لاستقبال البويضة الملقحة). فالنقص في هرمون البروجسترون يعيق تحضير البطانة كما يجب. واحياناً لا تستجيب البطانة الرحمية الى التأثير الهرموني بشموليتها، فتظهر مناطق في البطانة اكثر استجابة من غيرها، كما يسهل ظهور السخد المتقدم.
-    العانات الرحمية، مثل ازدواجية الرحم او وجود غشاء في داخله.

ابعاد السخد المتقدم:
في الماضي، كان مستقبل الحامل المصابة بسخد متقدم غير مريح، بل كان شديد الخطورة ويوصل الى الهلاك في الاغلبية الساحقة من الاحوال. لكن اليوم، وبعد التشخيص الوقائي له، والاستعداد للأحوال الطارئة، خصوصاً بفضل العلاجات المتوفرة لدينا، تنجو النساء، الا شذوذاً من اصابة السخد المتقدم.
لذلك، علينا اتخاذ الحيطة والحذر من حصول سخد متقدم، بصورة مفاجئة، لانه اذا لم نكن مستعدين له, يوقعنا في مخاطر مميتة، من هنا ضرورة طلب الصور فوق الصوتية (التراساوند) لتشخيصه، وتحضير الدم تجنباً لنزف غير مرغوب فيه، والا قد تهلك المريضة.
وبالنسبة للجنين، لا شك ان وسائل الطب المعاصر تنقذ اغلبية الأجنة، انما نسبة الموت مقارنة مع نسبة وفيات الحوامل المصابات بالسخد المتقدم، ما تزال مرتفعة، وبصورة موجزة، تعود هذه النسبة الى عوامل عديدة اهمها:
-    احياناً ولادة قبل الأوان.
-    نقص في معدل الاكسجين عند الجنين نتيجة للنزف الرحمي، وصغر مساحة المشيمة الجديرة بانعاش الحمل.
-    فقر دم عند الجنين بسبب عوامل جنينية.
-    ظهور مجيء عسير اكثر مما هي عليه الاحوال العادية واضطرار الى العملية القيصرية.

العلاج:
ان النزف الدّمي في النصف الثاني من الحمل، يعتبر امراً ضرورياً للدخول الالزامي والمستعجل الى المستشفى.
وفي المستشفى، تكون الحامل تحت اشراف طبي، حيث هناك تأخذ عينات من الدم لتحديد فصيلة الدم الحامل ونسبة خضاب دمها، ثم يجهز لها الدم الضروري لنقله اليها اذا دعت الحاجة الى ذلك.
اذا توقف النزف، وموعد الولادة لم يحن بعد، تلزم الحامل الراحة التامة وتبقى باستمرار تحت المراقبة لحين موعد ولادتها، طبعاً لكل حالة علاجها الخاص، وفي الحالات الخطرة تجرى العملية القيصرية فوراً.