الثلاثاء، 21 مايو 2013

خضار جاهزة للطبخ!

صورة

كريمان الكيالي - قبل أكثر من عقدين ، غزت أسواق ودكاكين الخضار، صحون من الكوسا والباذنجان والجزر واللفت المحفور، إضافة للملوخية والسبانخ والخبيزة المقطعة والثوم المقشور، بما يذكر بسوق التنابل في سوريا ولبنان الذي كان يشهد اقبالا كبيرا من السيدات برغم انتقادات كثيرة بأنه «مغلونجي» .

وبرغم عدم تقبل البعض في تلك الأيام، فكرة مشاركة غرباء في الاعداد لطبخة الأسرة ، غير أن تجهيز الخضروات ، وجد له سوقا رائجة بعد انتشار المولات ، التي أصبحت تخصص ركنا أو ثلاجة يعرض فيها مثل هذه الأنواع من الخضار وحتى الفواكه ، التي بدأت تستقطب المرأة العاملة وربة البيت خاصة في شهر رمضان حيث يفضلنها عن المجمدة ، وليصبح تجهيز هذه الخضار وسيلة تكسب، تسعى لها كثير من السيدات المحتاجات.

الإلحاح في العرض

بعيدا عن التوزين بالكيلو ، بيع الخضار المقطعة والمنقبة، ظاهرة لايخلو منها اي شارع تقريبا في عمان، يساعد في اعالة أسر كثيرة ، لكن الالحاح في العرض وملاحقة المارة طمعا في الشراء ، جعل الانطباع السائد بأن هذا العمل، هو أحد أساليب التسول التي تكثر على الاشارات الضوئية ومفارق الطرق كما تقول بائعة الخضار الخمسينية «ام سعيد «، التي تعمل قبل أكثر من عشر سنوات، من خلال محل كبير لبيع الخضروات يتعاقد مع عدد من السيدات للقيام بالحفر والتقطيع والتنقيب ، والأجرة بحسب عدد الكيلوات المحفورة او المنقبة ، وتضيف بأنها فكرت منذ ثلاث سنوات أن تشتري الخضار مباشرة من السوق وتقوم بتجهيزها وبيعها دون وسيط حتى يزيد المبلغ الذي تتقاضاه، مقابل الجهد الكبير الذي تبذله ، فالحفر والتنقيب متعب اضافة الى انه يستغرق وقتا اكبر ، لهذا كلفت ابنها الكبير بشراء الخضار من الحسبة ، حيث الاسعار اقل والبضاعة اكثر جودة.

ساعدوني

مشوار البائعة « ام سعيد « يبدأ من الصباح الباكر تأتي من أحد الاحياء بمنطقة عمان الشرقية باتجاه احد الشوارع التجارية بالصويفية ، تحمل بضاعتها من الخضار المقطعة، في اكياس تفترش بها الأرض ، و كلما مر أحد المارة وخاصة السيدات تقوم بعرض بضاعتها وتلح عليهم في الشراء بقولها:
 - «ساعدوني « !
 وتتابع :
- « من مردود هذه الاكياس أنفق على أسرتي، فزوجي عامل بالمياومة ودخله لا يكفي لاعالتنا ، لدينا اربعة ابناء ، يذهبون الى المدارس وهم يساعدوني في عملي ، وأحد ابنائي يقوم بتوصيل بعض الطلبات الى بيوت في بعض الأحياء المجاورة وفي ايام الامتحانات تستعين بجارات لها، وتدفع لهم نسبة مقابل العمل .

 آلية العمل
حول آلية العمل تقول «أم سعيد» : يتم توزيع العمل بيني وبين ابنائي ، نختار خضار بجودة عالية تخلو من اي أوراق ذابلة أو حشائش ، نقوم بتنقيبها بالورقة ونضعها في اكياس سعة الكيس حوالي 200 غم ، وأحد أبنائي يقوم بالتوزين والتكييس أي اغلاق الأكياس بحرص حتى لايدخل اليها هواء فتسود الاوراق ، وأبيع كيس الملوخية او السبانخ بدينار وهي تسعيرة شائعة بين كل من يبيع هذه الخضار حتى المولات ، وينخفض السعر الى 75 قرشا او حتى نصف دينار مابعد ساعات العصر، أبذل محاولات كثيرة لبيع كل الاكياس ، قبل حلول المغرب ،واذا لم يتم بيعها في نفس اليوم تذبل، واضطرلطبخها للأسرة او «تفريزها».
عمل ليس سهلا ، يوفر هامشا بسيطا من الربح يساعد في تغطية نفقات الاسرة ، وهو افضل من «الشحادة « ، لكن اكثرما يواجه «ام سعيد « من صعوبات في تسويق خضرواتها ، هو ان كثيرين يفهمون عملها « تسول « ، فيمدون الأيدي ببعض القروش القليلة و يرفضون حتى معاينة اكياس الخضار، وهناك من يجد أسعارها مرتفعة يغيب عن ذهنهم انها تقضي وقتا طويلا في اعدادها وانها مصدر رزقهم الوحيد ، اضافة الى ملاحقة مستمرة من جهات مكافحة التسول .

 حسب الطلب

نموذج آخر «ام انور» تبيع الخضار الورقية الجاهزة على الاشارات الضوئية في شوارع مختلفة بعمان الغربية ، وتعمل حسب الطلب في حفر الكوسا والباذنجان وفرم البقدونس والكزبرة والزعتر والجرجير بالتعاون مع محل للخضروات في طبربور .وحول البيع في الشارع العام تقول ، بأنها مهمة شاقة خاصة في أيام الشتاء والصيف ، لكنها تضطر لهذا العمل برغم صعوبته لأن زوجها مقعد منذ سنوات ، وعملها يستغرق ساعات اليوم حيث تخرج من الصباح الباكر، وعندما تعود مع ساعات المغرب ، تبدأ في اعداد اكياس اخرى للبيع في اليوم التالي ، يساعدها في هذا العمل جارة لها تتولى شراء الخضروات من السوق و تتقاضى نسبة عن كل كيس تعده.
تضيف «أم انور» بأن ما يؤلمها نظرة الناس اليها، باعتبارها متسولة وليس بائعة تبحث عن لقمة العيش من العمل وليس من التسول.

وفرت الوقت والجهد على العاملات
هذه الفئة من البائعات ومعظمهن ما بين الاربعين والستين، يجدن التعاطف من قبل كثير من السيدات ، بحسب ما تقول « م . منى» اضافة الى ان هذه الخضار وفرت الوقت والجهد على النساء العاملات ، وتتفق معها طالبة مغتربة «راما « و تقول بأن وجود مثل هذه الخضار الجاهزة، ساعد الطالبات في اعداد وجبات بيتية يشتهينها بدل اللجوء للمطاعم، أو انتظار عودة الاهل او السفر عندهم في العطلة الصيفية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com