الأحد، 12 مايو 2013

الثروة السياحية.. واقع منظور وملموس

صورة

سامح المحاريق   -  أصبحت الأردن بمثابة الملاذ الوحيد لمنطقة الخليج العربي في موسم الصيف الصعب الذي تشهده المنطقة، الكثيرون يفضلون الارتحال بالسيارة، وهو الأمر الذي يوفر عليهم عناء التعامل مع وسائل المواصلات، أو تحمل تكلفة استئجار سيارة في الأردن، المغتربون الذين يعودون في موسم الصيف لديهم برامجهم الخاصة، ومعظمهم يتوزعون في مختلف مدن المملكة حيث أقاربهم، ولكن من يقصدون السياحة العائلية يواجهون مشكلة دائمة، وهي تركز السياحة في عمان، علما بأن الأردن لديه من الأماكن السياحية المناسبة لأغراضهم وغياتهم بأكثر ما توفره عمان.
من يعبر بسيارته في منطقة أبو نصير وشفا بدران في شهر تموز وآب، يلاحظ مئات السيارات التي تخص السائحين من منطقة الخليج العربي، وهم يأخذون في السهر في أجواء مناسبة توفرها المنطقة من حيث درجات الحرارة والنسيم الذي يأتي منسابا من جبال البلقاء ليجعل المنطقة مهربا من القيظ ودرجات الحرارة العالية نهارا، وفي الوقت نفسه، تبدو الأجهزة السياحية غائبة عن تسويق مناطق أخرى في الأردن، فما يتوفر في أطراف عمان الجاذبة للسياحة، يتوفر أكثر منه، في جرش وعجلون، هل فكرت وزارة السياحة في استثمار هذه النوعية من زوار الأردن، ويمكن أن يوصفوا بالسياح المناخيين، لتدلهم على منطقة اشتفينا في عجلون، أو أطراف إربد وسفوحها النازلة باتجاه الغور، هل يبقى وادي الموجب كنزا سياحيا مقتصرا على قلة من الأردنيين، وأين هي مكاتب السياحة الرسمية التي يجب أن تستقبل السائح من المطار أو من المعابر الحدودية لتضع أمامه عشرات البرامج المقترحة، مع تكلفتها ومزاياها.

 مكاتب السياحة
مكاتب السياحة الرسمية التي يفترض أن تقدم الخرائط والعروض، لا يجب أن تتواجد في المناطق السياحية، فالذي يصل إلى المنطقة السياحية مثل حمامات ماعين، فإنه يفعل ذلك أن قام بالبحث عن المنطقة والسؤال عنها، وغالبا ما يقوم بذلك عن طريق شبكة الانترنت، ومن يستخدمون الانترنت لهذه الأغراض يبقون قلة متواضعة قياسا بأعداد السياح المتوافدين للأردن صيفا، فأين يمكن أن يجد السائح النصيحة اللازمة، وكيف يمكن أن يتم ترتيب رحلاته السياحية بإشراف من الجهات المختصة بدلا من أن يقع ضحية للاجتهادات واستغلال بعض الأطراف التي تعيش على هامش السياحة.

الشعب الأردني مضياف
الضغط الذي تمثله السياحة على عمان وبنيتها التحتية كبير، والفارق الصافي الذي تضيفه السياحة إلى الاقتصاد الوطني، يذهب جزء كبير منه لصيانة البنية التحتية التي تكون أرهقت بناء على الاستخدام الزائد في موسم الصيف، ومن يستفيد من السياحة في عمان غالبا هم من العمالة الأجنبية، من عمال المطاعم، والشقق الفندقية، بينما لو توجهت السياحة إلى مناطق الكرك والطفيلة والشوبك جنوبا، ومناطق الشمال في اربد وعجلون وجرش، فإن ذلك من شأنه أن يحفز على تأسيس بنية تحتية للسياحة من فنادق صغيرة ومضافات ومطاعم، وسيكون حافزا لتشغيل كم كبير من العمالة المحلية، ولندع جانبا الأسطورة التي تقول بأن الأردنيين لا يجيدون العمل في القطاع السياحي، فالشعب الأردني بطبيعته مضياف ويرحب بالغرباء، ولا يحمل تعاليا تجاههم، وببعض التدريب والوعي بأهمية السياحة، فإنه يمكن أن يقدم مستوى رفيع من الخدمات السياحية، ولنا أن نتساءل لماذا يمكن أن يضحي الشرطي أو رجل الدفاع المدني بنفسه في سبيل انقاذ سائح تقطعت به السبل في وادي رم أو البتراء، بينما هو نفسه لا يمكنه من مساعدته بمهنية وبطريقة محترمة لو كان يعمل في السياحة.

 طاقات إقتصادية معطلة
الخبراء الاقتصاديون في الأردن أوضحوا مرارا وتكرارا أهمية السياحة، والسياحة تعتبر من الصادرات، لأن أي قطاع يولد مدخلات من العملات الصعبة يعتبر صناعة تصديرية، وهذه الصناعة إذا ازدهرت فيمكن أن تؤدي إلى نقلة نوعية وكمية في مستويات التشغيل الاقتصادي، والمشكلة أن بعضا من القيادات الشعبية، ومنهم النواب، يصرون على ترديد النغمة التي تحث الحكومة لتبحث عن النفط والغاز لعله موجود في مكان أو آخر في الأردن، بينما يتناسون أن الأردن يمتلك طاقات اقتصادية معطلة أو غير مستغلة مع أنها موجودة حولنا في كل وقت، ومنها بطبيعة الحال السياحة، فالأردن يمتلك جميع الإمكانيات ليكون بلدا سياحيا من طراز رفيع، والسياحة تطورت، ويوجد اليوم سياح يغامرون بالسفر ليشاهدوا الصحراء والرمال، ويطاردوا الشمس من بلد إلى آخر، كما أن الأشقاء من دول الخليج العربي يبحثون عن نسمة هواء صافية في مساءات عمان والأردن، فلماذا تبقى طاقاتنا السياحية دون مستوى تشغيلها المعقول، ولا نقول الأمثل.

 ضرورة الإهتمام بالسياحة
السياحة هي أحد الثروات الأردنية المبددة، وعلينا أن نبني وعيا بضرورة الاهتمام بهذا القطاع، وإن يكن بعض من الحديث يشبه الآذان في مالطا، ولكن في النهاية يجب أن يستيقظ الأردنيون على حقيقة واقعية بأن الاقتصاد لا يرتبط إطلاقا بريع الأرض وثرواتها الباطنية، فهذه يوما إلى نضوب، وأن الثروة الاقتصادية تقع على سطح الأرض، وأهم هذه الثروات هو الإنسان، وعندما نقول بأن الأردنيين لا يمكنهم أن يعملوا في القطاع السياحي ولا أن ينافسوا فيه، فإننا نضع أنفسنا في خانة التقدير المتواضع لإمكانياتنا وقدراتنا، وعلى ذلك فإنه يجب أن نتشبث بفرصة أن نضع الأردن في صدارة الخارطة السياحية في هذه المرحلة، فالميدان يخلو تقريبا من المنافسة، ويجب أن يثبت المسؤولون قدرتهم على العمل والابتكار، وليس ممارسة الشكوى والتذرع والبحث عن الحجج والشماعات الجاهزة للفشل والتقصير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com