الأربعاء، 4 يوليو 2012

عائلات تبحث عن الـ"برستيج" في مدارس خاصة


منى أبو حمور

عمان- رغم أن بعض المدارس الخاصة، تمارس ضغوطات على الأسر تتمثل بالارتفاع المتزايد وغير المبرر للأقساط المدرسية، إلا أن هناك أشخاصا ما يزالون يتهافتون على تسجيل أبنائهم فيها رغم الأعباء الاقتصادية الصعبة التي تثقل كاهلهم.
الأربعيني خالد العويدي، لا يعنيه سوى اسم المدرسة وشهرتها، عند تسجيل أبنائه، بالرغم من الكلفة العالية لأقساط تلك المدارس، لقناعة في ذهنه أن المدارس المرتفعة الأقساط، تقدم جودة عالية من التعليم، ونوعية مميزة من المعرفة.
ويقول "إن هذه المدارس على الرغم من ارتفاع أقساطها، فهي لا تجمع سوى أبناء طبقة معينة من المجتمع، وأنا أتمنى لأبنائي أن يكونوا بمستوى متقدم، وهذا ما تتميز به عن المدارس الحكومية".
ومع اعترافه بأن ارتفاع الأقساط مرهق للأسر، فهو يرى أن "المكانة الاجتماعية لها ضريبتها، وتفرض عليّ دمج أبنائي بطلاب من طبقات معينة، إلى جانب أهمية تلك المدارس المتطورة التي تعلم مناهجها باللغة الإنجليزية"، وفق ما يقول.
في حين تستهجن الثلاثينية ميرنا الأنصاري، انتقاد زميلاتها في العمل لأنها تضع أبناءها في مدارس متدنية الأقساط على اعتبار أن قوة التعليم مرتبطة بارتفاع الأقساط.
وتؤكد الأنصاري أن بعد سكنها عن المدارس الحكومية، هو ما أجبرها على تسجيل أبنائها في مدارس خاصة، منوهة إلى أن التعليم في المدارس الخاصة يتطلب ميزانية لا تقوى وزوجها على تحملها.
وتستغرب الخمسينية خولة الحنيطي، من ارتفاع الأقساط الهائل، الذي تتسابق مدارس خاصة على تسعيرتها في كل عام، في حين أن تلك المعدلات العالية والمرتفعة التي يجنيها طلاب تلك المدارس، تنهار عند أول اختبار حقيقي يواجهونه.
وتعتبر الحنيطي أن ما يحدث في مدارس خاصة "استغلال"، إلا أن ما يزيد الوضع سوءا، برأيها هو تقبل المجتمع لذلك، ودفعهم الأقساط دون حتى أن يرف لهم جفن.
في حين كانت صدمة الخمسيني أحمد الدباس، كبيرة بعد مرور تسعة أعوام دفع خلالها مبالغ طائلة على تعليم أبنائه في مدارس خاصة، ذات اسم مرموق وقسط مرتفع؛ حينما فشل ابنه في تجاوز امتحان مستوى عقدته له مدرسة أخرى.
ويعتبر الدباس أن الأقساط التي يدفعها الأهالي لمدارس خاصة تكون أحيانا ثمنا لـ"البرستيج" الاجتماعي، والترفيه والعلامات المزيفة التي تزيغ بها عقول الأهالي.
وتؤكد التربوية الدكتورة أمل العلمي بورشيك، أن بعض التعليم في القطاع الخاص أصبح نوعا من الرفاه الاجتماعي والخداع البصري في المجتمع، حيث أصبحت المظاهر الاجتماعية، هي التي تتحكم في اختيار المدرسة وإرضاء المجتمع هو الغاية لا أكثر.
وتعتبر بورشيك أن بحث العديد من الأهالي عن الخدمات الفندقية في المدارس والراحة في كل شيء أصبحت أكثر أهمية من النظر إلى الفائدة أو حتى البحث عن نوعية المعلومة التي تفيد الأبناء، خصوصا أن تلك المدارس تمنح أولياء الأمور "برستيجا"، ونوعية معينة من مهارات التواصل التي تلبي غرور الكثير منهم.
وتقول "الناس تبحث عن البهرجة الاجتماعية"، في حين لم يعد لحجم المعلومة ونوعيتها أي أهمية، لافتة إلى تعرض الكثير من الأهالي لصدمات بالمستوى التعليمي الحقيقي لأبنائهم عند تعرضهم لأي نقلة نوعية في التعليم.
وتلقي بورشيك بعض اللوم على بعض المدارس الحكومية، التي يتكرر فيها غياب معلميها، الأمر الذي يدفع الكثير من الأهالي، إلى تسجيل أبنائهم في المدارس الخاصة، بحثا عن الاستقرار والالتزام التعليمي، خصوصا في ظل قلة الغياب للمعلم في التعليم الخاص، وبذله قصارى جهده لتنمية قدراته وتقديم الأفضل للطلبة.
وتلفت بورشيك إلى أن المحاباة، والتحيز الذي تتميز به المدارس الخاصة وتقديمها لصور مزيفة عن المستوى الحقيقي للطلبة، يجعل أولياء الأمور في سبات إلى حين تكشف الأمر.
ويبين اختصاصي علم الاجتماع الأسري الدكتور فتحي طعامنة، أن لجوء العديد من أولياء الأمور إلى تسجيل أبنائهم في المدارس الخاصة وبأسعار مرتفعة، يأتي ظناً منهم بتدني مستوى التعليم في المدارس الحكومية، أو بحثا عن التأسيس الجيد لأبنائهم، خاصة في المراحل الأولى من التعليم، اعتقادا منهم بأنه القرار الصائب والخيار الأفضل.
ويؤكد طعامنة أن التعليم بطبيعته رسالة مهمة الأمر الذي يقتضي أن يكون هناك وازع ديني وضمير حي لدى المعلم، ليقدم كل ما فيه فائدة، أيا كان نوع المدرسة، لاسيما وأن العملية التربوية تقوم على أساس "المنهاج، الطالب والمعلم"، وهي أركان ثابتة في كل المدارس سواء كانت حكومية أم خاصة.
ويرى أن لجوء الأهالي إلى مدارس خاصة، يعطي نوعا من التبرير ووجهة النظر لإقدامهم على تسجيل أبنائهم، ولكن ما يستحق إلقاء الضوء عليه ويشكل خطورة هو الانسياق وراء "البرستيج" الاجتماعي.
ويستهجن طعامنة من تلك الفئة التي تسعى لوضع أبنائها في مدارس خاصة، بحثا عن المكانة الاجتماعية وتلبية لغرور المجتمع على الرغم من علمه بارتفاع رسومها اللافت وعدم اختلاف مستواها التعليمي.
ويجد أن لجوء أولياء الأمور لها يمثل تلبية لغرور البيئة المحيطة بهم ما يدل على النظرة السلبية النابعة عن فقدان ثقة الأشخاص بأنفسهم، حيث أصبح التشابه هو ما يحكم حياتهم الخاصة.
ويؤكد طعامنة أن سعي المجتمع وراء تلك المظاهر، وتحملهم لأعباء مادية جديدة هم بغنى عنها، يشكل مشكلة في البنية الاجتماعية والأسرية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com