الثلاثاء، 3 يوليو 2012

عرض موسيقي بصري أرميني يختصر المسافات

صورة

شكّل العرض الموسيقي الغنائي البصري الراقص الذي قدمته الفرقة الأرمينية في حفل افتتاح الأيام الثقافية الأرمينية في الأردن، استهلالاً فذاً لتلك الأيام، ليس في قيمته الفنية فقط، ولكن أيضاً في قيمته التعريفية بدولة أرمينيا، وعادات شعبها، وتراثها، وثقافتها، ومختلف وجوه هويتها.
خَلْفَ الفرقة الموسيقية المتصابحة مع الغناء والرقص، المستخدمة آلات قريبة جداً من الآلات الموسيقية العربية، بوجود آلتي القانون والعود وآلات أخرى وترية وهوائية تشبه آلات شرقية بعينها، واصلت مشهدية فوتوغرافية فيلمية بث أرمينيا، مأكولاتها، قلاعها، كنائسها، وباقي طقوسها الكنسية الدينية العريقة، بحرها الأسود، أنهارها، عادات ناسها، مناسباتهم، أعيادهم، تراثهم، ملابسهم، آثار البلد القريب منا والمتقاطع معنا في كثير من القيم والمظاهر والتضاريس، جباله، سهوله، وديانه، عناوين البهاء فيه والتميز الخلاب في بعض مناطقه وجغرافيته وطبيعته وخضرته ومُناخه الآسيوي- الأوروبي الجميل. هي، إذاً، فكرة عبقرية، أرادها مخرج العرض، أن يكون، إضافة لجمال موسيقاه وروعة الصوت السوبراني للفنانة الأرمينية التي قدمت غير أغنية فيه، وإتقان رقصاته، بمثابة جولة بالصورة في البلد الذي احتفى الأردن به من خلال إقامة وزارة الثقافة أسبوعا ثقافيا فنيا له، جابت خلاله، عديد الفعاليات المرتبطة به محافظات إربد ومادبا والكرك، إضافة للعاصمة عمان.
تراوحت الموسيقى المصاحبة، بسرعتها وقوة إيقاعاتها، وشكلت بمجموعها، وتناوب الآلات فيها، وإتقان العازفين جملها، تعريفاً مهماً لدى الجمهور الأردني على مستوى الفن الأرميني وتجلياته.
وفي الوقت الذي كانت المشهدية الخلفية تعرض صور تراشق ماء بين شرائح اجتماعية مختلفة، مطلة على ما يبدو، على طقس أو عادة أرمينية معروفة لديهم، ومرتبطة بمناسبة ما، كان راقص وراقصة يجوبون المنصة أداء رشيقاً، دافئاً، متقاطعاً مع أنواع رقصات عالمية عديدة: الباليه الروسي والفلامنجو الأسباني، ولكنه في أول الأمر وآخره، رقص أرميني خالص، طالع من تراث عريق ممتد، ومن ثقافة متمدة صوب الغرب صوب الشرق، ومقيمة في أرضها لحظة تلاق مفصلية بين موسيقى الشعوب وموروثها. أصوات النايات، تسابيح العاشقين الصوفيين المتضرعين فوق رؤوس الجبال، الراقصات المغسولات بماء البَرَد، المحملات حنطة، وخوابي عسل، الصور المتلاحقة التي تكشف كم تشبه الشعوب بعضها، فالخبز واحد، فلديهم الصاج والتندور والتنور، ولديهم خبز الشراك والطابون، ولديهم كانون الشواء، والسلطات العربية، والملابس المتقاربة، والحليّ النادرة، والألوان الزاهية. ولديهم حرفيون ماهرون، ومهنيون يتقنون عملهم. صباحات مبللة بالندى، تعرضها الصور المتلاحقة، شموع من كل الأشكال والحجوم، ورقص حول النار، ولديهم دبكة تشبه دبكتنا، وأحلام تشبه أحلامنا.
فعاليات الأسبوع التي انطلقت قبل أيام في المركز الثقافي الملكي، استقبلتها حتى مساء السبت الماضي 30 حزيران، غير محافظة أردنية: الكرك، مأدبا، إربد إضافة إلى عمان ، وتلك الأيام اشتملت على عرض موسيقي للفرقة الأرمينية، ومعرض «كولاجات» التشكيلي الفوتوغرافي وفعاليات أخرى. كما عرضت فيه نماذج من كنوز دار المخطوطات الأرمينية.
سفير جمهورية أرمينيا د. آرشاك بولاديان، ألقى على المسرح الدائري في المركز الثقافي الملكي، ضمن فعاليات الأسبوع محاضرة حول العلاقات العربية – الأرمينية بعنوان: «أرمينيا والعالم العربي- ماضياً وحاضراً» بحضور وزيرة الثقافة الأرمينية هاسميك بوغوسيان.
الفرقة الأرمينية المنطلقة حديثاً قدمت عروضها في مركز الحسن الثقافي بالكرك، وعلى مسرح مدرسة الروم الأرثوذكس الجديدة في مادبا، وفي نادي خرجا في إربد.
إلى ذلك، توجت الزيارة بتوقيع اتفاقية للتعاون الثقافي بين حكومتي البلدين، وهي الاتفاقية الأولى التي توقع بين البلدين الصديقين لفتح المجال أمام مزيد من التعاون من حيث إقامة الفعاليات والنشاطات والمشاركة في المهرجانات المختلفة التي ستقام في البلدين.
وتكوّن الوفد الأرميني من وزيرة الثقافة الأرمينية هاسميك بوغوسيان رئيسة له، من عدد من الفنانين والموسيقيين من أرمينيا، وهدفت «الأيام» إلى توثيق العلاقات الثقافية والفنية بين الأردن وأرمينيا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com