الأربعاء، 4 يوليو 2012

«لا شرقية ولا غربية» تواصل نقد الواقع وقضاياه

صورة

أحمد الطراونة -  « اللهم يارب انهم فقراء ومساكين فأعطهم الجوازات الحمراء في الدنيا والآخرة، اللهم يارب انهم ممثلون ونحن ممثلون، نحن نمثل لنخلق حضارة وهم يمثلون على الناس..اللهم ان مسرحنا فقير من لهط امثالهم..» بهذا الدعاء وغيره من عبارات السخط على ماوصلت اليه الحالة الابداعية في الاردن من اهمال ووسط اجواء تتراقص بين ضحكة ودمعة، وتسلخ الحزن من لحظة الفرح، يهجو الفنان الكوميدي المبدع خليل مصطفى اشكال الفساد الذي تغلل في شتى مناحي الحياة ليفرق بين افراد العائلة الواحدة حتى ينجو.
في مسرحية «لا شرقية ولاغربية» التي كتبها الزميل  كامل نصيرات واخرجها الفنان زيد خليل، ويؤديها الى جانب القامة الابداعية الاردنية خليل مصطفى، عدد من المبدعين، ويتواصل عرضها على مسرح عمون، نقف امام ذاتنا المجروحة التي تختبيء تحت حجة الثقافة او المزاودة خلف غشاء فاضح وفي سياق وعي مزيف تجاه قضايا زرعت بين ابناء المجتمع الواحد لتخدم الفاسدين بغض النظر عن ما تتركه من اثر واضح على البنى الاجتماعية للمجتمع الواحد. 
يقول الزميل نصيرات: تعالج هذه المسرحية الموضوع المسكوت عنه والذي يتحدث به الاردنيون داخل البيوت يوميا لكننا لا نستطيع ان نتحدث عنه لا فنيا ولا ادبيا. والحمدلله الذي جاء الربيع العربي وجعلنا نتحدث في هذا الموضوع ونعيد صياغته للجمهور الذي سيرى ان هذا العمل يتحدث عنهم بدون سوقية وبدون اسفاف دون ان نسيء لاي طرف، وتستند قصة المسرحية على عائلة اردنية، الاب شرق اردني والام اردنية من اصول فلسطينية وعندهم ولد وبنت الولد ينحاز الى امه والبنت تنحاز الى ابيها ويعيشون في بيت له عدد من الابواب التي تدخل منه الحرامية، يدخلون ويخرجون على هواهم، وهم يلبسون ملابس رسمية في اشارة الى ان الحرامي هو المسؤول السلبي او من يمثل هذا الاتجاه، والعائلة تتحدث بالتفاصيل الهامشية وغير المهمة كتشجيع الوحدات والفيصلي او الطبخات التي تمثل مناطق معينة، والحرامي يعيث فسادا في اشارة الى الالتهاء بقضايا صغيرة والابتعاد عن ما هو اهم من قضايا الفساد التي تنخر المجتمع وان هنالك فئة مستفيدة من التهاء الشعب بهذه التفاصيل الصغيرة. 
«لا شرقية ولا غربية» رقصة موجعة، ووخزات مؤذية في خاصرة من يتغنى بالوحدة الوطنية ويصم اذنه عما يدور وراء الابواب المغلقة، الا ان الكاتب لم يقدم هذا الوجع فقط وانما شخصه بصورة جلية اسهمت في اعادة الاعتبار للوجع الاكبر والمشترك بين ابناء هذا المجتمع ودعت الى التنبه اليه. زيد خليل يؤكد ان مسرحية «لا شرقية ولاغربية» هي عمل مسرحي كوميدي جماهيري، وهي تجربة جديدة له ومختلفة عما كان يقدمه في المهرجانات وقد تكون نقطة تحول في رصيده الفني، مشيرا الى انه تعامل مع نوعية جديدة من الجمهور ونوعية جديدة من الممثلين وهذا يشكل تحديا من نوع اخر.
العرض يناقش قضية الوحدة الوطنية التي تمثلها مجموعة من الشرائح الاجتماعية من مختلف الاصول والمنابت وهذا العرض يحسم كما يقول نصيرات هذا الملف للابد كما يلجم مدعي الفرقة ويخرسهم وهذا هو الدور الملقى على عاتق المثقف والذي يسهم من خلاله بتعرية الواقع وكشف الزيف والاصطناع لتعود المياه لمجاريها «جدي وجدك من زمان سمن وعسل، دخل الحرامي عليهم زاد العلل».
يقول احد الحضور ان هذا العمل لامس باستحياء قشور القضية، فيما يؤكد اخر ان العمل اوغل في امر حساس لاداعي لطرحه الان في هذا الظرف الحساس، وبين هذا وذاك اسهمت المسرحية في ولوج منطقة كانت محظورة على الادب والابداع حتى لايسهم في توسيع الشرخ، لكن اذا كان الادب ملتزما بقضايا الوطن فان من مهامه كشف المسكوت عنه ومعالجته لاتركه ليتراكم ويصعب علاجه.
ساهم في هذا العمل مجموعة من المبدعين منهم: ناصر ابو باشا ومي الدايم وهالة التل وعبد الرحمن بركات وعيسى الجراح ومنذر خليل مصطفى وفرقة الدبكة التي يشارك فيها كل من صافي حمد ومحمد عطية ولين بدارين ومحمد منيزل وعلي زريقات .
تصميم وتنفيذ الديكور محمد السوالقة، تنفيذ الديكور مراد دمرجان، ومحمد العقيلي في التنفيذ الموسيقي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com