الأربعاء، 4 يوليو 2012

مشروع عملاق لتكوين دماغ بشري صناعي

صورة

ألان مايسون تورنغ كان واحداً من افضل العقول العلمية في عصره، وقد تمكن من حل كثير من الشيفرات السرية الالمانية في الحرب العالمية الثانية، وكان يعد ابا الكمبيوترات الحديثة. لكنه لم يتجه الى تحدي المشكلات الصعبة ببساطة، اذ في عام 1930م وعندما كان عمره 17 سنة صدمته الوفاة المفاجئة لصديقه الحميم كريستوفر موركوم، فتغيرت نظرته الى العالم، وبدأ تحقيق العديد من الاكتشافات والانجازات العلمية العظيمة، متجهاً الى تحقيق اعظم تحد له، وهو تكوين دماغ بشري صناعي.
وقد توفي قبل ان يحقق حلمه، لكن الآن، وبعد مرور مئة سنة على ميلاده، يقول بعض العلماء انه بالامكان تكوين هذا العضو الاكثر تعقيداً في جسم الانسان صناعياً، ولا تتمثل خطتهم في تكوين دماغ من 86 بليون خلية عصبية تكوّن الدماغ البشري، وانما تكوين دماغ رقمي باستخدام برنامج كمبيوتري وسليكون واسلاك.
يتمثل احد الجهود العظيمة في هذا الاطار في مشروع عملاق يسمى Human Brain Project برئاسة البروفسور هنري ماركرام من معهد ايكول الفيدرالي للبوليتكنيك في لوزان / سويسرا، الذي يخطط لأن يدمج كل ما نعرفه عن الدماغ، من المستوى الجزيئي الى التركيب التشريحي، في تركيب واحد ضمن كمبيوتر فائق. وفي آذار الماضي اختير مشروعه كواحد من المشاريع الستة النهائية في مسابقة اوروبية لدعم المشاريع بقيمة بليون يورو.
ويقول المختصون ان العمل ليس سهلاً، فخلايا الدماغ العصبية تتشابك مع بعضها بنحو الف بليون منطقة تشابك تتغير باستمرار ولمرات عدة في كل ثانية، ومحاكاة امر كهذا تتطلب قدرة معالجة هائلة للبيانات، تعادل كل ما هو متوفر في العالم حالياً من بيانات، مما يعني بناء كمبيوتر يمكنه معالجة تريليون عملية في الثانية. لكن بدايات اعمال ماركرام تعد بالكثير، ففي عام 2008م، استخدم ومساعدوه كمبيوتر IBM الفائق Blue Gene لمحاكاة عمل عمود من عشرة آلاف خلية عصبية في دماغ جرذ، ترتبط معاً بنحو 30 مليون تشابك عصبي، وقد نجحوا في محاكاة تركيب وعمل مئة من هذه الأعمدة، كما عملوا على دمج انجازات مشاريع اخرى ذات علاقة في نموذجهم، ومن ذلك مشروع رسم ارتباطات خلايا الدماغ البشري Human Connectome Project.
ويقول ماركرام انه ستكون لعملهم تطبيقات واسعة في مجالات عدة، منها معالجة الامراض، وصنع آلات تحاكي في عملها وقدراتها عمل الدماغ وقدراته، من حيث سرعة انجاز الاعمال واستهلاك الطاقة وعدم الحاجة الى صيانة، مما يعني ثورة في مجال تكنولوجيات المعلومات والاتصالات. ويقول انه اذا فاز في المسابقة وحصل على قيمتها، فسيعمل فوراً على تكوين فريق بحث من اكثر من مئة مركز بحث دولي، من ذوي الاختصاص في مجالات علوم الاعصاب والرابوطات والجينات والرياضيات، واذا لم يفوزوا، فسيتابع هو ومساعدوه العمل كما هم عليه الآن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com