الأحد، 1 يوليو 2012

هل السمنة وراثية؟


عمان - تعد السمنة إحدى مشكلات العصر الصحية، وتعتبر من القضايا العالمية التي غالبا ما يتم تداولها والبحث في أسبابها وطرق علاجها للقضاء عليها. 
وتعرف السمنة بأنها زيادة وزن الجسم عن حده الطبيعي نتيجة تراكم الدهون فيه، وهذا التراكم ناتج عن عدم التوازن بين الطاقة المتناولة من الطعام والطاقة المستهلكة في الجسم وتعرف بأنها زيادة وزن الشخص أكثر من 30 % من الوزن المثالي.  
ويعتبر مؤشر كتلة الجسم  (BMI) أفضل طريقة لقياس زيادة الوزن، والطريقة والتي يمكن أن تحدد ما إذا كان وزنك طبيعيا أم لا. وهو عبارة عن عملية حسابية تعتمد على قياس كل من الوزن والطول وتحسب بقسمة وزن الجسم بالكيلوغرام على مربع الطول بالمتر مضروباً بمائة. 
أهم أسباب السمنة
• العادات الغذائية الخاطئة، والتي منها تناول وجبات غنية بالسعرات الحرارية لكثرة محتواها من الزيوت والدهون الكربوهيدرات، ويلاحظ أن خطورة هذه المواد الغذائية تزداد حينما تكون مختفية في أنواع الطعام فيزيد استهلاك الفرد منها وهو لا يشعر، فالشخص لا يستطيع الإكثار من أكل السكر وحده، أما إذا دخل السكر في صناعة الحلويات أو أضيف إلى المشروبات ذهبت حدة طعمه وزاد استهلاك الفرد منه.
• العوامل الوراثية: هناك نسبة كبيرة من المرضى المصابين بالسمنة تكون أسباب السمنة عندهم وراثية، وحسب بعض المصادر الطبية هنالك جينات خاصة تتحكم في نسبة التشحم في مكان معين من الجسم او في كله. ووجد الباحثون أن الجين الذي يطلق FTO أو جين السمنة ربما يكون هو المسبب الأكبر لمرض السمنة. وقد توصَّل علماء من خلال دراسة أجروها إلى نتيجة مفادها أن سبب السمنة المفرطة لدى الأطفال هو خلل جيني (جين اللبتين)، وقد ركَّز الباحثون على وجه الخصوص على جزء مفقود من الصبغي (الكروموسوم) رقم 15، والذي له ثمة صلة قوية بالبدانة المفرطة.
• اضطرابات هرمونية: ان اي اختلال هرموني في الغدد الصماء يمكن ان يؤدي احيانا الي السمنة غير الطبيعية او المفرطة. وفي هذه الحالة تكون العلاجات صعبة بدون معالجة الاضطراب الهرموني وارجاع التوازن الطبيعي للهرمونات في الجسم وبالتالي اتخاذ الاجراءات الضرورية في معالجة السمنة.
• اضطرابات نفسية: هناك كثير من الحالات المصابة بالكآبة التي قد تؤدي الى الافراط في تناول الحلويات والمكسرات للتعويض او الخروج من حالتهم النفسية او نسيان الهموم المتراكمة. 
• بعض الادوية مثل الكورتيزونات تؤدي الى احتباس الماء في الجسم والتي تظهر كسمنة كاذبة تذهب مع التوقف عن اخذ الكورتيزون.
هل للوراثة دور في السمنة؟
حين نرى انتشار السمنة في بعض العوائل دون غيرها لا بد أن نتساءل هل للوراثة دور في السمنة؟ والإجابة هي نعم لها دور في السمنة، ورغم أن المشكلة بمعظمها تُعزى إلى عوامل تتعلق بأنماط الحياة، فإنه من المُعتقد بأن بعض الحالات تُعزى لأسباب وراثية. مثلا لا يصاب الشخص بمرض السمنة إلا إذا كان لديه استعداد وراثي في الأصل وتعرض للمسببات البيئية للسمنة، كزيادة تناول الأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية. 
وثمة تقارير نشرت مؤخراً في بريطانيا تفيد بإمكانية أن يكون سبب السمنة عائدا إلى جينات وراثية، وليس نتيجة لأسلوب المعيشة، فقد قالت البروفيسورة جين واردل، التي ترأست فريق البحث: "إنه من الخطأ إلقاء اللوم على الآباء فيما يخص زيادة وزن أبنائهم، إذ يبدو أن للمسألة خلفيات وراثية، لكن هذا لا يعني أن السمنة حتمية، بل أن بعض الأشخاص لهم استعداد لأن يزيد وزنهم"، في بعض الأسر تكون العوامل الوراثية للسمنة قوية. فهناك عوائل تكثر عندهم السمنة بشكل واضح من دون وجود عوامل بيئية مساعدة لحدوث السمنة، أي أنهم لا يأكلون أكثر من المعتاد ويتحركون مثل ما يتحرك أكثر الناس غير المصابين بالسمنة. ولذلك قد تتفاوت الأسباب من عائلة لأخرى كما أن الأسباب ذاتها قد تختلف، فمثلا قد يكون العامل الوراثي المسبب للمرض في عائلة ما يختلف عن الأخرى.
إصابة الأولاد
وفي دراسة إحصائية وجد أن نسبة إصابة الأولاد بالسمنة لا تتجاوز 7 % إذا كان الوالدان غير سمينين، وتصل النسبة إلى 40 % إذا كان أحد الوالدين سمينا، وارتفعت إلى 80 % إذا كان كلا الوالدين سمينا. إن الأمهات ينقلن إلى بناتهن ملامح وشكل جسمهن، والجينات والهرمونات تنتقل من الأم إلى بناتها. كما أن الوراثة مسؤولة عن بعض العادات، مثل رغبة الشخص في تناول مأكولات معينة، كما أنها مسؤولة عن توزيع الدهون الزائدة على مناطق الجسم. بل إن بعض الدراسات أكدت أن مستوى نشاط خلايا الجسم ومدى الرغبة في ممارسة الرياضة يمكن أن ينتقل بالوراثة أيضا من الأم إلى ابنتها.
وأشارت الدراسات إلى أن العوامل الوراثية مسؤولة عن 30-40 %من السمنة، ولكن الى الآن لم نتمكن من تحديد معظم التغييرات الجينية المسؤولة عنها. هكذا يتضح لنا دور الوراثة في السمنة. ومايزال العلماء يحاولون فهم الآلية الدقيقة التي من خلالها تتسبب هذه التغييرات الجينية في حصول السمنة وإلى الآن لا تجرى الفحوصات لهذه الجينات الا في مراكز الأبحاث وليست شائعة الاستخدام في الكثير من مراكز علاج السمنة، وقد يأتي يوم ويمكن الاستفادة من هذه الدراسات في علاج السمنة.
لكن الوراثة ليست السبب الوحيد لانتشار السمنة اليوم، لأن الوراثة لو كانت السبب الوحيد لانتشرت السمنة في أسلافنا لأنهم من أورثونا الصفات الوراثية التي نتصف بها، لكن الحقيقة أن المصابين بالسمنة لديهم الاستعداد الوراثي والذي تضافرت معه العوامل البيئية المهيئة للسمنة فكان السبب وراء هذه البدانة.  
على الرغم من احتمال أن تكون السمنة والوزن الزائد نتيجة لبعض الجينات، فالجدل حول مدى صحة هذا الارتباط مايزال محتدما، فهنالك الكثير من الصفات التي يتصف بها الإنسان من ضمنها السمنة، ليست ناتجة من عوامل وراثية بحتة، بل هي نتيجة لتفاعل عوامل وراثية 
وعوامل بيئية مع بعضها بعضا. وتشمل العوامل البيئية نوعية الأكل المعتاد لدى الشخص وإلى التمارين الرياضية والنشاطات المختلفة التي يقوم بها. والمقصود بنوعية الأكل هو كمية الدهون المضافة إلى الأطعمة، والذوق العام للشخص والعائلة، فبعض الناس يكثر من أكل المعجنات والأطعمة الدسمة وآخرون يفضلون تناول الأطعمة الطازجة كالخضراوات والفواكه.
التحكم بالسمنة
سواء كانت للسمنة أسباب وراثية أم لا، فالأهم من ذلك هو هل بالإمكان التحكم بها؟ المعادلة البسيطة، هي أنه إذا تساوى مقدار ما يحتويه الغذاء من طاقة مع الجهد المبذول أمكن للجسم المحافظة على وزنه، أما إذا اختل هذا الميزان بزيادة المحتوى الطاقي لما يؤكل عن الجهد المبذول نتجت السمنة، فالشخص عندما يستهلك الكثير من السعرات الحرارية فإن وزنه سيزداد ولكن عندما يستهلك سعرات حرارية بقدر حاجة جسمه فلن يكون هناك زيادة بالوزن.
وللحفاظ على صحة أبنائنا يجب علينا التعرف المبكر منذ الصغر على الحالات ذات الاستعداد السريع للسمنة، والانتباه لعملية التنشئة على التغذية المتوازنة وأداء الرياضة البدنية. 
ويمكن للذين يتصفون بالسمنة بسبب عوامل وراثية، إنقاص وزنهم إذا اتبعوا نظاما غذائيا سليما وغيروا من عاداتهم السيئة في تناول الغذاء. أما جمعيات مكافحة السمنة، فتقول إن تناول الغذاء المتوازن، والحرص على مواصلة تمارين رياضية، عنصران ضروريان للحفاظ على صحة جيدة، رغم تأثير الجينات.


سناء نمر أبو شهاب
اختصاصية المختبرات الوراثية
sananimer1@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com