الثلاثاء، 14 فبراير 2012

تعليم الطلبة مهارات التفكير الناقد

خولة لطفي عبد الهادي - التفكير الناقد هو عمليات التفكير التي يقوم بها الإنسان للبحث في المسلمات. وهو تفكير تأملي وسببي يركز على اتخاذ القرارات بشأن ما يجب أن نؤمن به أو نفعله. وهو عملية تفكير منظمة ومنطقية. ويعرفه (Scriven 1996) بأنه «العملية المنظمة عقلياً للفهم والاستيعاب والتطبيق والتحليل والتركيب والتقويم بمهارة وفاعلية للمعلومات التي يتم الحصول عليها عن طريق الملاحظة والخبرة والتأمل والتعليل والتواصل بهدف الاعتقاد أو اتخاذ قرار». ويعرفه (Bayer 1995) بأنه «إصدار حكم مبرر بالأسباب». وهو بذلك ينظر إلى التفكير الناقد من حيث ضرورة استخدام معايير للحكم على نوعية شيء ما في جميع مجالات المعرفة.
 والتفكير الناقد هام جداً في جميع مجالات الأعمال وفي جميع مجالات العلوم الإنسانية بحسب اختلاف معاييرها وأنظمتها وظروفها. وهو جزء من عملية التعليم والتعلم، ومهم للتطور المعرفي للمتعلمين في مراحل التعلم المختلفة لأنه يمكَن الفرد من تحليل وتقييم وتفسير وإعادة بناء تفكيره ويقلل من خطورة حدوث الأخطاء. ويوصي خبراء التربية بأهمية تعليم طلبة المدارس مهارات التفكير الناقد لمساعدتهم على حل المشكلات واتخاذ القرارات المرتبطة بالمواد الدراسية. 

المهارات اللازمة للفرد في عملية التفكير الناقد:
 تتضمن مهارات التفكير الناقد الملاحظة والتفسير والتحليل والاستنتاج والتقويم والتفكير فوق المعرفي. كما يجب أن يعطي الشخص اهتماماً كبيراً للأدلة والشواهد والمعايير الخاصة بنوع المعرفة التي يبحث بها ليتمكن من تكوين حكم جيد. وبالإضافة إلى تلك المهارات يجب أن يتصف الشخص بالعقلية المتفتحة والوضوح والدقة والعدل والمصداقية والأمانة والعمق وسعة الأفق؛ ذلك لأن التفكير الناقد بدون المميزات الشخصية للفرد المفكر قد يؤدي إلى نتائج غير دقيقة، وقد تكون غير أخلاقية أوغير موضوعية. ولا بد أن يكون المفكر الناقد قادراً على ما يلي:
- إثارة الأسئلة وتحديد المشاكل الهامة وصياغتها بوضوح ودقة.
- تجميع المعلومات ذات العلاقة واستخدام الأفكار المجردة لتفسيرها بفعالية.
- ايجاد التشابهات والعلاقات بين أجزاء مختلفة من المعرفة.
- تحديد العلاقات وصحة المعلومات التي يمكن استعمالها لبناء وحل المشكلات.
- التوصل إلى استنتاجات مفسرة سببياً واختبارها باستخدام معايير ذات علاقة.
- التفكير ضمن أنظمة تفكير متعددة وفي جميع الاتجاهات لتقييم الافتراضات والحلول المقترحة.
- التواصل مع الآخرين لوضع الحلول للمشاكل المعقدة واتخاذ القرارات الهامة.

خصائص وميزات تعليم التفكير الناقد:
• تطوير التفاعل بين الطلبة أثناء عملية تعلمهم وخاصة عندما يتعلمون في مجموعات مما يجعل كل طالب يكتسب معرفة اكثر ويتعلم أكثر.
• طرح أسئلة ذات نهايات مفتوحة لا تتطلب جواباً واحداً صحيحاً. والأسئلة ذات النهايات المفتوحة تشجع الطلبة على أن يفكروا ويستجيبوا بطرق إبداعية وبدون خوف من إعطاء جواب قد يظنوا بأنه «خاطيء».
• إتاحة الوقت الكافي للطلبة لأن يتأملوا بالأسئلة والمشكلات التي يتم طرحها. والتفكير الناقد نادراً ما يتضمن أحكاماً سريعة وخاطفة. وبناءعلى ذلك فإن طرح الأسئلة والمشكلات وإتاحة الوقت الكافي للتفكير والتأمل بها والإجابة عليها يساعد الطلبة على إدراك حقيقة أنهم يجب أن يتأنَوا ويتفكَروا، وبأن الاستجابة السريعة ليست هي دائماً أفضل استجابة.
• نقل أثر التعلم: عندما يتعلم الطلبة مهارات التفكير الناقد فبإمكانهم الاستفادة منها في حياتهم. ولذلك ينبغي على المعلمين توجيه الطلبة إلى أن المهارات التي اكتسبوها يمكن تطبيقها في مواقف مماثلة في حياتهم وتجاربهم.
استراتيجيات تعليم التفكير الناقد:
هنالك استراتيجيات متنوعة لتعليم التفكير الناقد في المواد الدراسية المختلفة نذكر بعضها فيما يأتي:
1. أساليب التقويم الصفي: يُستخدم التقويم الصفي المستمر لمراقبة وتسهيل التفكير الناقد عند الطلبة. وكمثال على ذلك يطلب من الطلبة أن يكتبوا على ورقة لمدة دقيقة واحدة في نهاية الحصة عن استجابتهم لأسئلة مثل: «ما أهم شيء تعلمته في درس اليوم؟» أو «ما هو السؤال المرتبط بهذا الدرس والذي سيظل أهم سؤال في ذاكرتك؟» ثم يختار المعلم بعض الأوراق لمناقشة الطلبة بها في الحصة القادمة.
2. استراتيجيات التعلم التعاوني: إن وضع الطلبة في مجموعات تعلم هو أفضل طريقة لتعزيز التفكير الناقد. ففي بيئة التعلم التعاوني المنظمة بشكل دقيق يعمل الطلبة على حل مشكلات التعلم وينجزوا بشكل أكبر وأفضل من خلال التفكير بأسلوب ناقد، مع الدعم المستمر من قبل المعلم وتبادل التغذية الراجعة مع المجموعات الأخرى ومن المعلم.
3. أسلوب دراسة الحالة/ طريقة المناقشة: يطرح المعلم على الصف حالة أو قصة دون ذكر أي نتائج حولها. وباستخدام الأسئلة المعدة سابقاً يقود المعلم الصف إلى مناقشة ليتوصل الطلبة من خلالها إلى استخلاص النتائج.
4. توظيف الأسئلة: هنالك عدة طرق لتوظيف الأسئلة في تعليم التفكير الناقد. فبعد انتهاء الدرس يطرح المعلم قائمة من جذور الأسئلة حول موضوع الدرس ويطلب من الطلبة إكمالها في مجموعات متعاونة مثل: «ما هي نقاط القوة في .........؟ ما هي نقاط الضعف في ........؟ ثم يقوم الطلبة من خلال المجموعات بتوجيه الأسئلة لبعضهم البعض ويجيبوا عليها، ثم يقوم جميع الصف بمناقشة بعض الأسئلة من أسئلة المجموعات.
5. أسلوب المؤتمر: لا ينبغي على معلم اليوم استخدام أسلوب المحاضرة في تعليم الطلبة، بل إن دوره الجديد هو أن يكون ميسراً لتعلم الطلبة. وبإمكانه مثلاً استخدام أسلوب مشابه لأسلوب المؤتمر وذلك بأن يقرأ الطلبة بدقة المادة المطلوبة منهم قبل حضورهم للصف بحيث يحدد المعلم قراءات معينة لكل مجموعة منهم وتكون مناسبة لمستواهم وتتحدى قدراتهم. ويقوم الطلبة بالصف بسؤال بعضهم البعض عمَا قرأوه ويتناقشوا حوله. والمعلم في هذه الحال لا يكون جامداً أو سلبياً، بل إن عليه القيام بإدارة المناقشات وتطويرها ومساعدة الطلبة على البناء على أفكار بعضهم البعض.
6. استخدام واجبات الكتابة: توظف الكتابة كمهارة أساسية لتطوير تعليم التفكير الناقد. ويكون ذلك بتطوير اللغة لدى الطلبة من خلال استخدامها في التعليل والطلب منهم مناقشة موضوع أو قضية معينة.
7. أسلوب الحوار: هنالك طريقتان لإثارة المناقشات المفيدة في الصف وهما الحوار المكتوب وحوار المجموعة التلقائي.
أولاً: الحوار المكتوب: وهو إعطاء الطلبة حواراً مكتوباً والطلب منهم تحليله في مجموعات صغيرة بحيث يقوموا بتحديد وجهات النظر المختلفة للمشاركين بالحوار. وعليهم أن يجدوا بالحوار نزعات الشخصيات واستخلاص الأدلة والتفسيرات المختلفة والحقائق المغلوطة والأخطاء في التعليل. وعلى كل مجموعة أن تقرر أيَة وجهة نظر هي المعقولة وأسباب ذلك. وبعد الوصول إلى القرار تقوم كل مجموعة بتمثيل الحوار وتوضيح تحليلهم له.
ثانياً: حوار المجموعة التلقائي: وهو أن تقوم مجموعة من الصف بتمثيل حوار معين، ويؤدي أفراد المجموعة أدواراً مختلفة مثل القائد والمزود بالمعلومات والباحث عن الآراء والمعارض؛ وذلك دون معرفة باقي المجموعات بهذه الأدوار. وتقوم باقي المجموعات بالصف بمراقبة تمثيل الحوار، وعليهم أن يستنتجوا الأدوار التي يؤديها أفراد المجموعة الآولى، وعليهم تحديد الانحرافات والأخطاء في طريقة تفكير الشخصيات وتقييم مهارات التعليل لديهم. كما أن عليهم اختبار المضامين الأخلاقية في محتوى الحوار الذي قدَموه.
8. الأسلوب المبهم: من المهم جداً في التعليم الصفي طرح بعض الأمور المبهمة والقضايا المزدوجة والمعلومات المتضاربة لدراستها وتحليلها ثم إعادة تنظيمها وصياغتها من وجهة نظر الطلبة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com