الثلاثاء، 31 يناير 2012

الرجوع إلى العصور الوسطى

يديعوت أحرونوت 30/1/2012

اظهر استطلاع جاد للرأي ان نسبة المؤمنين بوجود الخالق في إسرائيل في حالة تزايد واتساع . فالذين يُعرفون أنفسهم على أنهم "حريديون" و"متدينون" و"محافظون" هم الآن الأكثرية الغالبة من السكان المستطلعة آراؤهم.
تشهد الأجوبة عن الاسئلة بشأن الايمان بمجيء المسيح المخلص، وبقاء النفس، والعناية الالهية، وخصوصية شعب إسرائيل، على أن أكثر اليهود الإسرائيليين يؤمنون باعتقادات لا يمكن فصلها عن الصلة بالله. فنحن أبناء السكان الأشد ايمانا بين أمم الغرب.
وفي المقابل تستمر خيبة أمل الله جل شأنه من اليهود الذين يعيشون خارج إسرائيل فنحو نصف يهود الولايات المتحدة بل أكثر من ذلك بحسب بعض الابحاث يقولون انهم لا يؤمنون بوجوده، وكلما كانوا أكثر شبيبة وأكثر ثقافة وأكثر غنى قل ايمانهم. ولما كان يهود أميركا هم المجموعة العرقية الأكثر ثقافة في العالم ومن أغناها، فانه يجوز لنا ان نتساءل عن اهمال الله لمراقبة صلاح ميزان العدل فهو يدلل الكفار خاصة.
ويتبين ان ثمةعلاقة احصائية ايجابية بين الثقافة والطبقة الاقتصادية وبين عدم وجود ايمان ايضا من المعطيات التي جمعت في البلاد برغم ان الاحصاء هو بالطبع مقياس قاس، ويوجد مؤمنون كثيرون جدا ايضا بين الناجحين في حياتهم ذوي المحافظ المليئة والأدمغة المنتفخة من كثرة العلم المكتسب. ولا يضعف هذا كفري بل يعزز قلقي فقط.
أنا اسأل هل شيوع الايمان بالله الذي يزيد ويتسع حسن بالنسبة إلينا. هناك من يزعمون انه رابط وطني. وهذا زعم مُغر لكن يحسن ان نتذكر ان شعوبا كثيرة غابت عن مسرح التاريخ وكانت مترابطة بصورة رائعة وموحدة بواسطة اعتقادات تحطمت بازاء ما حل محلها. وأهم من ذلك بكثير علينا ان نفحص عن منتوج الايمان بالله، وأنا أعتقد بحسب نتائج الاستطلاع أنه مقرون بعيوب شديدة في التفكير.
على سبيل المثال، يؤمن أكثر اليهود في إسرائيل بمجيء المسيح المخلص. لو كنت متأكدا من ان ايمانهم يعبر عن توق الى عالم صالح لقلت انه قوة بناء. لكن مما أرى حولي أرى ان الامر ليس كذلك فالمسيح المخلص عند كثيرين هو شخص سامٍ سيحيي الموتى ويُنزل الهيكل المقدس من المكان الذي خزن فيه مؤقتا في السماء وسينشئ جنة عدن على الارض – وسيهتم في الطريق الى ذلك ايضا بأن يفوز المكابي بكأس أوروبا. وأقول بحذر ان احتمال مجيء مسيح كهذا ليس مرتفعا.
أو على سبيل المثال الايمان بوجود "نفس" مستقلة عن الجسم. ان أكثر المؤمنين لا يرون "النفس" استعارة لعالم الشعور بل هم على ثقة بأنها جوهر ليس له حجم ووزن يطير عن جسم الانسان ساعة وفاته وتبقى الى أبد الآبدين وتدخل أجسام بشر لم يولدوا بعد. وأشك في ان يكون مجتمع يؤمن أكثر ابنائه بهذه السخافة قادرا على انتاج شعب مستنير.
وبرغم ان أكثرنا خاضعون لسلطة السخافة فاننا ما نزال متمسكين بايمان أننا "شعب مختار". حتى ان من يشكون بأن الله اختارنا لقيادة العالم ولنهب له الاخلاق الحسنة، يتمسكون بفكرة عن حمولة مورثة وثقافية متميزة وهبت لنا انجازات فكرية لا مثيل لها مثل التمثيل غير التناسبي في قائمة الفائزين بجائزة نوبل.
والحقيقة هي انه بين مظاهر الاعتقاد بالتميز وبين العصر الحديث أسهمت الدراسات اليهودية التقليدية بالقليل جدا في الحكمة الانسانية. فكل اليهود تقريبا الذين فازوا بجائزة نوبل ابتعدوا عن الثقافة اليهودية وكان الأكثرون منهم وما يزالون ملحدين تماما. ان تحطيم الماضي فقط هو الذي مكّن اليهود من التميز ولهذا فان نتائج الاستطلاع تدلنا على أنه قد مُهدت الطريق للرجوع من "فترة التنور" الى العصور الوسطى. تنذر هذه المسيرة بالشر فيما يتعلق بوجود الدولة. ومن حسن حظنا ان جيراننا أشد تمسكا بالله من تمسكنا نحن بالله. وسيختفي الفرق في النوعية بيننا وبينهم حينما يختفي ايضا آخر الملحدين الإسرائيليين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com