السبت، 16 يونيو 2012

80 ثانية حوار في اليوم فقط..!



صورة

نداء الشناق -بمالا يتجاوز دقيقة وعشرين ثانية في اليوم، ينتهي حوار الابناء والاباء.
كيف يجري ذلك ؟.
وما هو السبب في غياب الحوار العائلي ليصل الى نتيجة مؤلمة تضيع مفاهيم الثقة والرضا والانتماء.
، قضية تبدأ منذ لحظة انتهاء العام الدراسي ,ومع  ظهور نتائج الاختبارات , فنقارن أبناءنا بآخرين من زملائهم الذين حازوا معدلات عالية , دون ان نتعرف على قدراتهم الحقيقية ودون أن نحاورهم , فيحاولون في العام التالي ويفشلون, وتبدأ اولى حلقات دوائر عدم الثقة في النفس .
وتقول سماح- طالبة جامعية على وشك التخرج - انها عانت مما تسميه «المعايرة» حين كانت في المدرسة, ما انعكس على حياتها ,فقلّ منسوب ثقتها في قدراتها, وغاب الحوار بينها وبين أسرتها واحتاجت الى وقت طويل لتستعيد ثقتها وتصف نفسها  :»لا استطيع المشاركة وإبداء رأيي حتى في الحوار داخل العائلة بالرغم من إلمامي الكبير بالموضوع المطروح والسبب هو «الخوف من ان ينتقدني أحد « .
ويقول الاستشاري الاسري أحمد عبدالله من مركز مهارات التفوق للتدريب ،انه اجرى استطلاعا على 120 أسرة عام 2005 لمعرفة مدة الحوار مع الابناء في البيوت، فكانت النتيجة كما يوضح صادمة جدا حيث ان الوسط الحسابي للزمن الذي يتحدث فيه الأبوان مع ابنائهما، كحوار متبادل وليس كتعليمات لم يتجاوز دقيقة وعشرين ثانية في اليوم .
النتيجة السابقة تعطي مؤشرا خطيرا جدا يدلل على غياب قيمة وفكرة الحوار , كمتطلب اساسي من متطلبات النمو السليم والثقة بالنفس للأبناء وليس مجرد شيء عابر يمكن الاستغناء عنه .
ويؤكد الطالب وائل عليان في الصف العاشر انه لم يعرف معنى الحوار مع والده , وان سبب اقباله على التدخين في سن المراهقة هو شعوره بعدم الثقة بالنفس 
والتدخين كما يقول «يعطيني شعورا بأني صاحب شخصية قوية وجريئة بين أصدقائي .
اما سناء العمري- مديرة تنفيذية في شركة خاصة فحالها يختلف وتقول: ان ثقتي بنفسي ساعدتني بأن أبدع وأتفوق وأثابر من اجل النجاح وأن أقاوم بقوة التحديات والظروف كافة مهما كبرت وان أصر على التفوق وان لا يعرف طريقي اليأس أبدا.
ويقول الدكتور محمد عبد الكريم الشوبكي، مستشار الأمراض النفسية والعصبية، حينما يفقد الانسان الشعور بالأمن والاطمئنان ويغلب عليه الشعور بالعجز للسيطرة على واقع حياته لفترة طويلة يتولد لديه الشعور بالدونية وفقدان الثقة بالنفس .
ويبين ان هذه الحالة تتسم بالمعاناة والشعور بانعدام الكفاءة الاجتماعية حيث يشعر فاقد الثقة انه اقل ( مكانة ) في كل المعايير مقارنة بالآخرين ، لذلك يتجنب المجابهة ما يؤدي به إلى الانحسار ضمن مواقع حياتية ضيقة ، والغوص في العزلة الاجتماعية، اوالتبعية والالتصاقية لفرد آخر او مجموعة يرى أنها أكثر منه ثقة بالنفس ، وأصلب إرادة وعزيمة. 
مؤكدا أنه بهذه الوضعية يغلب على الأشخاص فقدان الشعور باحترام الذات،وهيمنة الروح الانهزامية والتبعية والانصياع للآخرين ويرى الشخص مصيره معرضا لأحداث تهدد أمنه في كل لحظة وساعة ويوم ، وتظهر على قدراته ، وتزلزل شعور الطمأنينة على صحته ووضعه المالي, والوظيفي, والعائلي, والعملي وعلاقاته الاجتماعية .
وينصح  د.الشوبكي قائلا «ان كنت تعاني من هذه العقدة : فاعلم انك تخاف من نفسك ، وانك تصنع مشروعا وهميا هو « الخوف « يؤدي بك إلى عقدة الدونية والشعور بالنقص ، وكلما مر الزمان يكبر هذا المشروع ويتشعب ليصبح همك وشغلك الشاغل ( انه مشروع مرضي واعتلالي نفسي ) لا بد ان تتخلص منه . 
ويؤكد التربوي الدكتور محمد ابو السعود من كلية غرناطة على ان بناء الثقة بالنفس لا يأتي من خلال أشياء يفعلها الشخص في ليلة وضحاها ويقول «الثقة بالنفس عملية متواصلة تراكمية تبدأ مع الطفولة المبكرة وتستمر مدى الحياة معتمدة في نموها وتماسكها وقوتها على كثير من المتغيرات والخبرات الحياتية اليومية التي تبني أولا ما يسمى بمفهوم الذات يعني كيف ينظر الإنسان لنفسه وبناء على تلك النظرة يتحدد مستوى الثقة بالنفس ودرجة رضا الفرد عن نفسه أولا وعلى من حوله.
ويوضح ابو السعود خطوات بناء الثقة بقوله « ان اعتماد مبدأ المرور بالخبرة مهما كانت بسيطة يعزز مفهوم الذات الايجابي وبالتالي الثقة بالنفس ويسمي تلك العملية (بالتحصين التدريجي) داعيا الأسر الى تدريب أبنائها على مبدأ تحليل المهمات اي التجزئة من الأصعب الى الأسهل والبدء بتنفيذ الأسهل أولا وهكذا (لان النجاح يولد النجاح), ولأن تراكم الصواب يقود الى الثقة بالنفس.
وينصح ابو السعود بضرورة تدريب الأبناء على الضبط الذاتي من خلال وسائل كثيرة والتركيز على حديث الذات الايجابي (مثلا نضع لوحة في غرفة الطفل مكتوب عليها انا قوي واخرى انا مثابر .
وحسب قول الاستشاري الاسري احمد عبدالله, فالحوار مع الابناء لابد أن ينطلق من المفهوم الصحيح للحوار، حيث ان هناك فهما خاطئا لدى الاباء فيظنون ان الحوار معناه ان نتكلم مع الابناء كثيرا وهذا غير صحيح ، لان مفهوم الحوار  هو « التدفق الحر للمعاني والافكار «فلكل طرف الحق في إبداء الرأي وعلى الاخر احترامه , فالأبناء كثيرا ما يمرون بانفعالات تحتاج من الاباء فهمها جيدا وقد يعجز الابناء عن التعبير عنها لكن على الاباء فهم شعور الابناء من خلال كلماتهم ولغة أجسادهم . 
وينصح عبدالله بالحوار البنّاء مع الابناء بحثهم على التعبير عن أنفسهم بحيث يكونون هم المبادرين وعدم تسفيه أي فكرة يقولونها او استهزاء  بما يقال وعدم قمع أفكار الابناء مهما كانت غريبة ، فمجرد قولها يفتح آفاقا كبيرة لحل أية مشكلة مع الابناء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com