الاثنين، 30 سبتمبر 2013

أسطورة (كورنث) .. مِن إله الشمس الى طروادة !؟

صورة

محمد رفيع - مِن حقّها ان تمارسَ دلالَها كما تشتهي. فَلَها ان تنتسب الى سلالة آلهة الشمس، ليمنحَها الملكُ الاسطوريُّ (كورينثوس) اسمَه. وَلَها ان تنسبَ الى ملك أسطوريٍّ آخر؛ (سيسيفوس)، ليصيرَ اسمها (إفيرا)..! فالأساطيرُ لا تبحثُ عن المدن، بل تلهثُ المدن خلفَها..!
و(كورنث) ليست مدينة عادية، أو مرفأ يونانياً عابراً، بل هي مستودعُ أساطير. يغشاها أبطالُ التاريخ حيناً، فتغرقُ في الحروب حتى أساطير طروادة. وفي أحايين أخرى، يغمرُها المبدعون والمعماريون، فَتَرِقُّ، وتصعدُ إلى السماء، على هيئة تيجانِ أعمدةٍ كورنثيّة، تمسحُ أحزانَ الكون بِمُنمنماتٍ نباتيةٍ غايةٍ في الرِقّة ..!؟

* حقائق
- كورنث (كورينثوس) هي مدينة ومرفأ يوناني، تقع في وسط جنوب البلاد، ضمن منطقة البيلوبونيز الإدارية، وهي مركز مقاطعة كورينثيا.
- تقع كورنث ضمن (برزخ كورنث) الذي يصل شبه جزيرة المورة بــاليونان، وإلى الغرب من هذا البرزخ يقع (خليج كورنث،) وإلى الشرق (الخليج الساروني). وتبعد المدينة عن أثينا مسافة 78 كيلومتر من جهة الغرب.
 - تقع كورنث الحديثة (كورينثوس) على الساحل الغربي للبرزخ، ضمن سهل فوخا الساحلي على (خليج كورنث)، بينما تقع مدينة كورنث الأثرية (أرخيا كورينثوس) على مسافة 3 كيلومترات إلى الجنوب من ساحل كورنث الجديدة، وإلى الجنوب منها أيضاً يقع (جبل أكروكورنث) الصخري الذي كان موقعاً محصّناً على مرّ العصور.
 - يبلغ عدد سكان مدينة (كورنث) حالياً نحو 40 ألف نسمة، وهي من المدن المزدهرة نظراً لوصول قطار ضواحي أثينا الكهربائي الحديث إليها، بالإضافة لأهميتها الصناعية والتجارية.
 - يُعتقد أن اسم المدينة له أصول ما قبل هيلينية، حيث يعود لمرحلة شعوب البحر، ومن المتوقع أن تكون المنطقة قد شهدت وجود مستوطنات بشرية تعود إلى العصر النيوليثي منذ الألف الخامس قبل الميلاد.
 - بحسب للأسطورة فإن مؤسس المدينة كان (كورينثوس)، وهو أحد الملوك من سلالة إله الشمس (هليوس). وهناك أسطورة أخرى ترجع المدينة إلى الإلهه (إفيرا) ابنة (التيتان أوقيانوس). فالمدينة قديماً كانت تدعى أيضاً بهذا الاسم (إفيرا)، حيث ظهر هذا الاسم في كتابات (هومير) التي أشارت بأن المدينة كانت محكومة من نسل ملكها الأسطوري (سيسيفوس)، وبأنها شاركت في الحروب الطروادية تحت قيادة (أغاممنون).
- منذ القرن الثامن قبل الميلاد، بدأت صورة (مدينة كورنث) تتضّح، حيث كانت وقتها محكومة من قبل أوليغارشية تجّار. فأصبحت قوة تجارية تنافس أثينا وطيبة، واستفادت من التجارة والنقل عبر البرزخ. كما استفادت من مهارة صناعييها، وخاصة صانعي الأواني الفخارية السوداء، تلك الصناعة التي كانت تميز المدينة، انتشرت عبر التجارة إلى كل عالم البحر المتوسط.
- ومن دلائل قوة المدينة معبدها الكبير المكرس لأفروديت، والتي كانت تعمل فيه أكثر من ألف (عاهرة مقدسة).
- ومن ابرز المواقع الأثرية في (كورنث): نافورة غلاوكه. المتحف الأركيولوجي. المعبد E وهو المكرّس ل(جوبيتر كابيتوليوس) أو (أوكتافيا). معبد أبوللو، وهو أحد أقدم المعابد في اليونان. الأغورا، وهي أغورا كبيرة واسعة تحتل موقعاً مركزياً في المدينة، تحيط بها الأروقة، المحلات، الحمامات والأبنية العامة. نافورة بيرينه. أكرو كورنث، وهو (أكروبوليس كورنث)، أحد أمنع الحصون الطبيعية في أوروبة.
 - في القرن السابع قبل الميلاد، بدأت (كورنث) بإنشاء مستعمرات مثل (كورفو)، و(سيراكوزا) وغيرها، واشتركت مع تسع مدن إغريقية أخرى في بناء مستعمرة (ناوكراتس) في مصر، التي نظمت التجارة بين العالم الإغريقي ومصر.
- حكم (كورنث) أحد رجال اليونان السبعة الحكماء (بيرياندر)، والذي كان أول من فكر بحفر (برزخ كورنث)، من أجل شق طريق بحري بين جهتي البرزخ، ولكنه تخلّى عن الفكرة نظراً للصعوبات التقنية، واستبدلها بإنشاء (الديولكوس)، وهو عبارة عن منحدر صناعي مع رافعات، مبنيٌّ من الحجارة، تسير عليه السفن من جهة إلى الأخرى. حيث استمر حكم (بيرياندر) بين عامي (627-585 ق.م).
- وفي فترة حكم (بيرياندر) المزدهرة، شهدت (كورنث) ظهور (النظام الكورنثي) في العمارة، وهو النظام المعماري الكلاسيكي الثالث بعد الأسلوبين (الأيوني) و(الدوري).
- اشتركت (كورنث)، مع المدن الإغريقية الأخرى، في حربها ضد الفرس وخاصة في معركتي (سالاميس) و(بلاتيا). ومن ثمّ انتقلت إلى المنافسة مع أثينا، حيث انضمت إلى الرابطة (البيلوبونيزية)، ودعمت (أسبارطة) ضدّ (أثينا)، ولكنها دخلت في صراع مع الأخيرة أيضاً، الأمر الذي أضعفها وسهل على المقدونيين السيطرة عليها، تحت قيادة فيليب الثاني المقدوني، غير انّ (كورنث) استمرت على ازدهارها السابق.
 - بوصول الرومان تحت قيادة (لوسيوس موميوس) عام 146 ق.م ،الذي حاصر كورنث ثم استولى عليها، وقتل العديد من سكانها، وأخذ الباقي كعبيد ثم حرق المدينة بالكامل. وبدأت فترة حالكة من تاريخ كورنث استمرت حتى عام 44 ق.م ، الى ان قام (يوليوس قيصر) باعادة الاعتبار لهذه المدينة، وبدأ بعض أبناءها بالرجوع إليها والاستيطان فيها، حتى أصبحت مركزاً إدارياً لجنوب اليونان، واستعادت مجدها السابق، ويُعتقد أنّ عدد سكانها وصل إلى 300 ألف نسمة في تلك الفترة.
 - في مدينة(كورنث)، أمضى (بولس الرسول) 18 شهراً عام (52-53) م. حيث كتب الرسالة الأولى والثاني إلى أهل (كورنثوس) فيها.
- في العامين 375 م و551 م، ضرب المدينة زلزالان، ولكنّها استمرت بلعب دور تجاري مهم، وكانت عاصمة لمقاطعة هيلاس (في الفترة البيزنطية لليونان). وفي عهد الإمبراطور البيزنطي جوستينيان الأول، بُنيَ سور دفاعي بين طرفي البرزخ لحماية (البيلويونيز) من الهجمات المحتملة للبرابرة.
- منذ العام 1204 م، حاول الفرنجي (جيوفري الأول فيلهار دوان) السيطرة عليها، لكنه واجه مقاومة شرسة من قبل الكورنثيين المتحصّنين في( أكرو كورنث)، واستمرّت محاولته حتى العام 1208م. حيث أصبحت المدينة تحت حكم إمارة (أخايا) الإفرنجية، الواقعة على الحدود الشمالية لهذه الإمارة مع كيان إفرنجي آخر هو دوقية أثينا.
- سيطر الأتراك عام 1458 م على (كورنث)، اي بعد سقوط القسطنطينية بخمس سنوات، حيث فقدت أهميتها تدريجياً خلال هذه الفترة، ودمرها الأتراك بشكل كامل أثناء انتفاضة استقلال اليونان (1821-1830) م.
- انضمت (كورنث) للدولة اليونانية الحديثة عام 1833، حيث كانت من المدن المرشّحة كعاصمة لهذه الدولة، نظراً لأهميتها التاريخية، ولكن في النهاية تمّ اختيار أثينا عوضاً عنها. دُمّرت المدينة بزلزال عام 1858، ومنذ ذلك الحين بدأت عملية بناء (كورنث) الجديدة على شاطئ (خليج كورنث).
- تمتاز (كورنث) بوجود موقع لثلاث مدن متلاحقة فيها، هي: كورنث الكلاسيكية، كورنث الرومانية، وكورنث البيزنطية، مع وجود عناصر أثرية من الفترات الأخرى التي مرت بها المدينة. وهي تعتبر من أكبر المواقع الأثرية في اليونان وتمتدّ على مساحة كيلومترين مربعين.
- تشهد مدينة كورنث الحديثة نهضة صناعية وتجارية متسارعة وتعتبر من أحد أهم المناطق الصناعية في اليونان، ومعدل النمو السكاني فيها من الأعلى في البلاد. ويوجد بالقرب منها مجمع ضخم لتكرير النفط.
- تشتهر المدينة معمارياً بنمطها الخاص في البناء الكلاسيكي والذي أصبح معروفاً إلى الآن بالنمط الكورنثي، وخاصة فيما يتعلق بتيجان الأعمدة والذي أوجده المعماري (كاليماخوس) في القرن الخامس قبل الميلاد.
fafieh@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com