الأربعاء، 11 سبتمبر 2013

تخويف الطفل من الشرطي أو الطبيب: أسلوب غير تربوي يؤثر سلبا على نفسيته

على الأهل ألا يلجأوا لاستخدام أسلوب  تخويف الأطفال من الطبيب الذي يحمي صحتهم - (أرشيفية)
تغريد السعايدة
عمان- يلجأ كثير من الأهل بهدف ردع الأطفال عن القيام بتصرفات خاطئة أو للحد من شقاوتهم ومغامراتهم، لتخويفهم، مستعملين أسلوب تهديدهم بالطبيب أو الشرطي على سبيل المثال.
ورغم إدراك الكبار بخطأ طريقتهم، وهو ما يؤكده مختصون يرون أن ذلك له تأثير سلبي على الصغار، الا أنهم لا ينفكون عن انتهاج هذه الطريقة وبشكل شبه يومي.
أكثر الأساليب التي يعتمدها بعض الأهل لثني الصغار عن تصرفات معينة، ابرة الدكتور والدواء، والشرطي، وما الى ذلك من طرق خاطئة تجعلهم يخافون من أشخاص يمتهنون أعمالا مفيدة لخدمة المجتمع ولتوفير الحماية للأطفال لا إخافتهم.
شادية علي، الأم لأربعة أطفال تقول إنها اعتادت منذ وقت طويل إخافة أطفالها من الشرطي أو الدكتور، مع أنها تعلم أن هؤلاء الأشخاص يجب أن تكون صورتهم إيجابية بعيون الأطفال الذين يقومون بأعمال جيدة تسهم في حماية الأطفال وخدمة المجتمع.
وتؤكد علي أن تقارب أعمار أبنائها يجعلها تتغلب في مجاراتهم ومتابعتهم، ما يقودها الى تخويفهم عندما يقدمون على تصرف خاطئ، منوهة إلى أن هذا الأسلوب يجدي معهم ويتراجعون عن اقتراف تصرفات خاطئة.
"الشرطي" هو أيضا ما تتعمد اعتدال ناصر تخويف أبنائها به، وتضيف بأن صغيرها أصبح يخاف من الشرطة بشكل عام وعندما تريد إخافته لا يتطلب الأمر سوى أن تقول "إجى الشرطي أو رح أجيبلك الشرطي"، وعندما تشعر بخوفه بشكل مبالغ تبدأ بعد ذلك بتهدئة روعه مع التذكير بحجم الخطأ الذي اقترفه حينها.
ناصر لا تحبذ اللجوء لمثل تلك الإجراءات لردع ابنها عن الخطأ، ولكن فقدانها لأعصابها من الغضب هو ما يحملها إلى اللجوء للتخويف.
وتعترف ناصر بخطئها في استخدام "شخصية الشرطي" لتخويف طفلها مع علمها أنه إنسان يقوم بعمل مهم للحفاظ على الأمن، إلا أنها ترجع تصرفها "للتقليد والتربية الخاطئة التي ترعرعت عليها مستخدمة الأسلوب ذاته".
اختصاصية الطب النفسي للأطفال الدكتورة حنين جرار تؤكد أن هذه الطريقة تعد "غير مناسبة" لتربية الطفل لما لها من تأثيرات نفسية "غير دائمة" عليه، إذ إن الأم عادةً ما تقوم بتخويف ابنها من أمور هو بحاجة لها في عمر الطفولة كما في حالة تخويفه من الطبيب أو الإبرة أو حتى الشرطي.
وعلى سبيل المثال، توضح جرار أن الإنسان في عمر الطفولة يحتاج إلى زيارة الطبيب بشكل مستمر وبحاجة إلى المطاعيم التي تقيه من الأمراض، ففي حال قامت الأم بتخويف ابنها من الطبيب والإبرة فإنها بذلك تخلق لديه حالة نفسية متناقضة، فكيف له أن يذهب للطبيب طوعاً، وهو في الوقت ذاته مصدر خوف وقلق لديه؟!
جمانة أحمد (25 عاماً) غالباً ما تنتقد شقيقتها الكبرى التي تتعمد توجيه التهديدات لطفلتها البالغة من العمر ثلاث سنوات، فهي عادةً ما تخوفها بالدكتور أو الإبرة أو الدواء المر، وهي تلحظ بعد ذلك مدى الخوف الذي تشعر به الطفلة وانعكاس الحالة عليها لفترة من الوقت.
وتنتقد أحمد الأمهات اللواتي يُعرضن أولادهن للخوف من أمور من الأجدى أن يقمن بتحبيبهم بها، وهي تعتقد أن سلبيات هذا التصرف أكثر من إيجابياته، فمدى الخوف والحالة النفسية التي يشعر بها الطفل تتجاوز الفائدة التي قد تجنيها الام من ذلك.
أحمد تبرر "اشمئزازها" من موضوع تخويف الأطفال لما تحمله في نفسها من خوف من "الظلام" منذ طفولتها واستمر لغاية الآن معها، فهي لا تستطيع النوم في غرفة معتمة، وهذا الشعور يدفعها للتعاطف مع الاطفال الذين يخافون من "ترعيب الامهات"، على حد تعبيرها.
بيد أن جرار تؤكد أن الكثير من حالات التخويف "لا يستمر تأثيرها النفسي إلى أعمار متقدمة، ولا يمكن تعميم الاستمرارية في ذلك"، فالشخص البالغ العاقل "لا يمكن أن يستمر خوفه من الشرطي مثلاً أو من الطبيب"، منوهة إلى أن من يستمر معهم ذلك "هم حالات فردية".
وتنصح جرار الأمهات بضرورة مراعاة احتياجات الطفل ونفسيته لأنها تؤثر على سلوكه وردود أفعاله، ومن الطرق المثلى لمعاقبة الطفل وردعه عن التصرفات الخاطئة، تقول جرار إن "الحرمان مما يحبه الطفل عقاباً على الخطأ"، هي من الطرق الناجحة والتي يمكن أن تربي الطفل ولا تؤذي نفسيته في الوقت ذاته

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com