الاثنين، 9 سبتمبر 2013

"الواتس اب" تعزيز لقروية العالم واختراق للخصوصية

يحذر مختصون من استخدام الاطفال بشكل لافت لتقنية

عمان- كما الملايين عبر العالم ممن يستخدمون تقنية ( الواتس اب ) انبهرت الثلاثينية وداد بهذا التطبيق الذي توفره تكنولوجيا الهواتف الذكية لتتعزز فكرة قروية العالم وصغره .
بيد ان هذه التقنية باتت تشكل عبئا عليها امعن في اختراق الخصوصية كما توضح، لا سيما حينما تردها رسائل اقتحامية تحمل في طياتها مضامين وصورا تخدش الحياء العام من قبل مجهولين.
وتلفت الى انها قادرة كناضجة على التعامل مع تلك الاختراقات عبر منعها بما يسمى (البلوك)، لكنها قلقة على جيل الشباب والاطفال ممن اعتادوا على استخدام (الواتس اب) على مدار الساعة مشددة على اهمية التنبه لخطورة مضامين الرسائل التي تتم عبرها .
معنيون يؤكدون ان الانضمام الطوعي لاي مجموعة الكترونية بالثقافة الرقمية يشير تلقائيا وبطريقة غير مباشرة الى منح الاخرين حق اختراق الخصوصية ليبقى التعامل مع تطبيقات (الواتس اب) وغيرها خيارا وليس اجبارا، مشددين على اهمية توظيف التكنولوجيا بما يخدم البشرية جمعاء .
تقول العشرينية دانا الموظفة في احدى شركات القطاع الخاص، ان خطورة الواتس اب لا تكمن فقط بتلك الصور والمضامين، بل بإسهامها بافتعال المشكلات الاجتماعية خاصة بين الازواج، اذ كثيرا ما تحرج حين تتلقى رسالة اقتحامية من مجهول خصوصا في ساعات ما بعد منتصف الليل، بصرف النظر عن مضمونها، الا انها تشكل ازعاجا ايضا وقلقا لها ولزوجها وربما يتطور الامر كما توضح الى مشادات، ومشكلات لا تنتهي، خاصة في ظل توفر تقنية "الترو كولر" اي معرفة المتصل الحقيقي الامر الذي اسهم فعلا في اثارة القلق والتوتر .
وتضيف ان هذه التقنية من الاهمية بمكان حين تسهم في انسيابية اعمال الناس ومصالحهم، لكن الاستخدام الخاطئ لها حولها فعلا الى عبء اجج المشكلات المختلفة.
ويحذر بعض المواطنين من استخدام الاطفال بشكل لافت لهذه التقنية ومما قد تحمله من صدمات مختلفة لهم عبر تلقيهم رسائل وصورا غير لائقة لتقع الاسر ووفقا لمعنيين في حيرة من امرها وتقف بين مفترقين احدهما امر من الاخر، اما عزل اطفالهم عن العالم المفتوح، او اقحامهم به تحت طائلة مواكبة التطور التكنولوجي، وللحالتين سلبياتهما التي لم تعد تخفى على احد .
تقول العشرينية مها جمال: كوني مغتربة لم اعد اقوى على مفارقة الواتس ولو لدقائق، حيث يوفر لي الاتصال المباشر باقربائي، خاصة في ظل امكانية التواصل مع مجموعات وليس افرادا فحسب، مشيرة الى انها تتواصل عبر الكتابة والصور والصوت مع افراد اسرتها في آن معا اينما كانوا ، والى انها تعرف كيف توظف تلك التقنية بايجابية وفائدة .
وتستذكر الخمسينية ام ايمن كيف كان التواصل بين الاشخاص في الماضي ملتزما باحترام الخصوصية، وتتذكر كيف انها ارتبطت بزوجها وهي في الثامنة عشرة من عمرها وكان على سفر اثناء خطبتها منه، ورفض حينها اهلها السماح له باخذ صورتها الشخصية معه خوفا على سمعة العائلة، معلقة " ارأيتم كم اختلف الزمن، الان يتم تبادل الصور، حتى انني اجد صوري مع ابنائي عبر الواتس اب والفيس بوك، اذ ان نظرة الناس للتعامل مع التكنولوجيا اختلفت. لكن الوعي والحذر من مخاطر التكنولوجيا مطلوب من جميع مستخدميها وباشكالها كافة.  ولم يعد بوسع الفرد الوقوف بعيدا عن هذا العالم التكنولوجي الافتراضي وفقا لاستاذ علم الاجتماع المشارك في جامعتي مؤتة والبلقاء التطبيقية الدكتور حسين محادين ما يعني دفع اثمان جديدة لعضويته الطوعية في هذا المجتمع الكوني .
وعلينا ان ندرك كما يتابع ان الممنوعات التي لطالما ترسخت في ثقافتنا اصبحت محط اختبار لحظي، وكأننا نتجرأ على قدرتنا على التحدي ومواجهة التطور وقياس مدى القدرة على الثبات امام سرعة التحولات والتغييرات التقنية المتلاحقة .
ويلفت الى اننا نواجه عالما مفترضا لم نختبره من قبل الا عبر هذا الفضاء الرحب من التفاعل الانساني، ما حول مفهوم الخصوصية الى مجرد دعابة غير مقنعة للانسان الواعي القادر على حسم اموره والتعامل مع كل المستجدات بما يمكنه من ترتيب اولوياته وتمييز العام من الخاص بذكاء يوازي قدرته على التعامل مع التكنولوجيا.
وحول مخاطر اختراق الخصوصية عبر تطبيق الواتس اب او غيره يوضح ان موافقة الفرد على انضمامه الى اي مجموعة الكترونية بالثقافة الرقمية انما يؤكد انه منح الاخر المنتمي معه الى هذه المجموعة حرية اختراق طوعي لما يسمى بالخصوصية سابقا مبينا "ان دورة الحياة بشكل عام من الميلاد الى الموت انما هي مشتركة مع كل البشرية والفارق بين مجتمع واخر هو شكل الغلاف ومسماه والذي قد يحمي خصوصية وهمية باتت مشاعا لكل البشرية طالما ان العالم بات فعلا اصغر من القرية".
ويشير الى ان فكرة الطواعية وحرية الاختيار من المقومات الاساسية لحقوق الانسان، والدليل ان هنالك من لا يقتني هاتفا خلويا ومع ذلك تصوب نحوهم نظرات الاستغراب من اشخاص لم يلجوا العالم الرقمي بعد.
ويلفت محادين الى انه لم يعد بوسع الانسان الا ان يكون عضوا في مجتمع كوني ساهم في كسر احتكار المعرفة والمعلومات التي كانت في السابق حكرا على الاعلاميين والمثقفين والحكومات ، مبينا استمرار تعزيز فكرة المواطن الصحفي عبر استخدام التقنيات التكنولوجية المختلفة ولاسيما الواتس اب، مع الاقرار بمهنية اصحاب الاختصاص من الاعلاميين.
وحول الرسائل الاقتحامية التي تحمل مضامين لا اخلاقية يقول ان العامل الاساسي في بث واستقبال المعلومة او الصورة هو الوظيفة بين المرسل والمتلقي وحينها تبرز اهمية الالتزام بالمعايير الاخلاقية التي تكون والحالة هذه محط اختبار لحظي يتصرف المرء على اساسه من وحي قيمه ومبادئه الراسخة ، فيحسن استخدام التكنولوجيا بما يعود عليه بالنفع والخير .
استشاري طب الارشاد النفسي الدكتور نايف الطعاني يقول ان العقل الراجح يتحكم بطرق تعاملنا مع التكنولوجيا التي باتت قاسما عالميا مشتركا لا غنى عنه وعلى مدار الساعة.
ويشدد هنا على اهمية تفعيل التواصل بين ابناء البشرية جمعاء بما يخدمها وهذا يحتاج الى تفكير ابداعي ناضج وتقييم ذاتي للتعامل مع العالم الرقمي والاستفسار الدائم عن ماذا نريد منه وكيف نوظفه لخدمة مصالحنا والتقليل قدر الامكان من سلبياته التي لم تعد تخفى على احد .
ويؤكد اهمية تعزيز الضوابط المرتبطة بالتربية القويمة، والنهل من الوازع الذاتي الذي يحصن الفرد من الانجرار لاي سلوك قد يحمل نتائج كارثية على الاسر، ومن ذلك ارسال الصور اللاخلاقية بغية استدراج الطرف الاخر او ابتزازه الامر الذي يتنافى والقيم الانسانية وحق الانسان في احتفاظه بخصوصيته.
ويشير الى انه لا صحة لمن يقول ان الخصوصية تتلاشى امام التطور التكنولوجي، بل ان التكنولوجيا ذاتها اتاحت فرص وخيارات المحافظة على الخصوصية عبر تطبيقات سهلة، ليبقى امر دخول العالم الرقمي خيارا شخصيا بالدرجة الاولى .
ويلفت الى ان الادمان على تقنية الواتس اب او غيرها وتوظيفها لاغراض غير لائقة من شأنه التسبب بامراض نفسية كالقلق والتفكك الاسري والتوتر ولاحقا الاكتئاب الناجم عن غياب التفاعل الحقيقي مع الشركاء، حين تكون العلاقة مباشرة مع (آلة) عاجزة عن ترجمة المشاعر الصادقة وغير قادرة على رصد تعابير الوجه وردات الفعل الحقيقية .
ويحذر الطعاني من تفشي ظاهرة اقتناء الاطفال والمراهقين للهواتف الذكية التي توفر التقنيات المختلفة الكثيرة والمتجددة يوميا ، مشددا على دور الاهل في المراقبة والمتابعة. ويدعو الاسر الى ملاحظة اعراض قد تصيبهم في هذه المرحلة العمرية مثل الميل الى الوحدة والانعزال، وكرههم للتعامل مع المجتمع الخارجي اضافة الى عصبية المزاج والتشبث بالرأي وعدم قبول الاخر مؤكدا ان جميع تلك الاعراض اذا ما تفاقمت ولم تعالج اولا باول تشكل مؤشرات على احتمالية اصابتهم بامراض نفسية خطيرة.-(من اخلاص القاضي-بترا)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com