السبت، 1 يونيو 2013

الزواج من زوجة الأخ أو شقيقة الزوجة: استقرار للأبناء بعيدا عن الاعتبارات النفسية للشريكين



مجد جابر
عمان - بعد أن كانت الثلاثينية نادين أسعد إنسانة سعيدة بحياتها مع عائلتها، وخصوصاً مع وجود أختها وأبنائها بقربها، انقلبت الدنيا عليها حزنا وكربا بعد أن خسرت أختها في حادث سير أصاب العائلة بصدمة كبيرة استطاعت أن تتعافى منها شيئا فشيئا، إلا نادين، حيث كان وقع هذه الصدمة مضاعفا عليها، إذ ظلت تكابد الحزن على أختها التي وصفتها بـ "توأم روحها"، وزاد حزنها أكثر حين فاجأها أهلها بعرض الزواج من زوج أختها الراحلة لكي تربي أبناءها.
نزلت المفاجأة كالصاعقة على نادين التي لم تفارقها الصدمة، فهي لا تعرف كيف انقلب كل شيء في وقت قصير جدا، وهي حائرة كيف تحل محل أختها وتتزوج زوجها الذي كان بمثابة أخ بالنسبة إليها، وربما أكثر من ذلك.
تقول نادين "كان الأمر صعبا جداً بالنسبة لي، لقد اختلطت في نفسي مشاعر الحزن والحيرة، ولم أتقبل الأمر، فكيف أحل مكان أختي، وكيف أتصرف مع هذا الزوج الذي كان بالأمس القريب زوجا لأختي، وكان لي بمثابة الأخ، وفي الوقت نفسه أتساءل كيف أطمئن على مصير أبناء أختي بين أيدي زوجة أب؟
وتتابع نادين أنها في النهاية لم تجد بدا من أن تستسلم لقدرها وتسلم بالأمر الواقع، وهي الآن متزوجة منذ عامين، إلا أن حاجزا نفسيا مؤلما ما يزال يفصل بينها وبين زوجها الذي كان بالأمس "أخا"؟.
حالة سهير إبراهيم لا تختلف كثيرا عن حالة نادين. فبعد مرور ثلاث سنوات على زواجها من ابن عمها توفي زوجها في حادث فكان رحيله فاجعة أليمة لم تفارقها خصوصا وأن الزواج جاء بعد قصة حب طويلة.
تقول سهير "بعد وفاة زوجي بأسبوعين كانت المفاجأة حين طلبني أهله للزواج من أخيه، فصدمت ورفضت بشدة، وقلت لهم إن مشاعر الإنسان ليست لعبة، فكيف لي أن أعيش مع أخ زوجي وأنا ما زلت حتى الآن أحب زوجي المتوفى، وفوق ذلك كيف لي أن أتزوج أخاه وأنا أعرف أنه يحب فتاة أخرى؟".
وتضيف سهير أن أهل زوجها الراحل ظلوا يلحون في الطلب وفي النهاية أبلغوها أن أبناء ابنهم لن يعيشوا مع رجل غريب، ولذلك عليها أن تختار إما الزواج من أخيه وإما التنازل لهم عن الأبناء.
لكن سهير كما تقول لم تجد بدا في النهاية، وبعد صراع طويل أن تسلم بالأمر الواقع فقبلت بالزواج فكان ذلك أصعب قرار تلجأ إليه، وقد تألمت لذلك كثيرا وحزنت كثيرا، ويزداد حزنها أكثر لأنها تعلم أن هذا الزوج حزين مثلها أيضا لأنه يحب امرأة أخرى.
وتضيف سهير تقول إن حياتها مع زوجها طبيعية، وأنها أنجبت منه وأنه لا يبخل بحنانه وعطفه على أبناء أخيه، ولذلك فهي راضية ومطمئنة.
اختصاصي علم الاجتماع د. حسين الخزاعي يرى أن السبب الأول والرئيسي في لجوء المجتمع إلى مثل هذا الحل هو تغليب مصلحة الأسرة على أي مصالح أخرى، كون الشخص عندما يتزوج أخت زوجته بعد وفاتها يشعر بأنها تسد إلى حد كبير الفراغ الذي تتركه الزوجة الراحلة، وتستطيع أن تحل محل أختها بسهولة حيث يتقبلها الأبناء بسهولة لأنها أقرب إليهم من زوجة الأب الغريبة عنهم.
ويضيف الخزاعي أن هذا الزواج قد يكون "غير مقبول نفسيا"، لاسيما من قبل الزوجة، لكنه زواج شاءته العادات والتقاليد التي تجعل مصلحة الأسرة هي الهم الأكبر الذي يسبق أي مصلحة أخرى.
ويرى الخزاعي أن هذا الزواج قد ينجح في كثير من الأحيان ويحقق استقرار الأسرة والأبناء، بعيداً عن الاعتبارات النفسية الأخرى، مبينا أن الزوج الذي يختار مثل هذا الزواج هو أب حريص على مصلحة الأسرة والأبناء، وعلى إبقاء الروابط متينة مع أهل زوجته بعد وفاتها.
وفي ذلك يقول اختصاصي الطب النفسي د. محمد حباشنة، إن هذه الظاهرة موجودة، إلا أنها كانت في السابق شائعة أكثر، مبينا أن الزوج يقدم عليها من باب أن أخت زوجته ستكون أقرب من غيرها إلى أبنائه، فهي أفضل من غيرها لرعاية أبنائه بعد وفاة والدتهم. ويرى الحباشنة أن الأمر من الناحية النفسية قد يكون متعبا أحيانا للزوجة والأبناء، والسبب هو رؤية المجتمع الذي يعتبر زوج الأخت بمثابة الأخ، بمعنى أن العلاقة بين الزوج وأخت الزوجة هي علاقة الأخ بأخته، لا وجدانية فيها. فمن الصعب جدا أن ينقلب جوهر العلاقة بين يوم وآخر، نفسيا وجسديا، ولذلك فلا غرو أن يصعب التأقلم بين الطرفين في مثل هذا النوع من الزواج.
في حين يرى أستاذ الفقه والدراسات الإسلامية، د.منذر زيتون، أن الزوج "غير مضطر" لمثل هذا الزواج، لأنه "لا يوجد في الشرع ما يحث على وجوب زواج الرجل من أخت زوجته بعد وفاتها، إنما الأمر متعلق كله بدوافع اجتماعية بحتة، يلجأ إليها الناس، حفاظا على مصلحة الأبناء". ويرى أن أخت الزوجة "محرمة عليه تحريما مؤقتاً في وجود أختها"، وأنه لا يجب اعتبارها أختا، ولا يجب معاملتها كأخت حتى في حياة الزوجة.
في حين تذهب اختصاصية العلاقات الزوجية د.نجوى عارف أن هذه المسألة "صعبة جداً" خصوصاً اذا فرضت من العائلة واذا وجد فرق كبير في العمر كونه قد يكون "زواجا بالاكراه".
وتعتبر عارف أن الخطورة عندما ينفذ الأمر بسرعة دون استعداد نفسي كونه يحتاج استعدادا نفسيا أكثر بكثير من الزواج العادي، والأسر لا تراعي هذا الأمر على الإطلاق، مبينةً أن الأمر بحاجة الى تهيئة وتقبّل للفكرة وتحويل الفكرة من النظرة الى الشخص على أنه "أخ" أو "عمو" الى زوج، ومن "خالة" للأولاد الى زوجة.
وترى أن ذلك عدا عن الصدمة عند الأولاد الذين لم يعالجوا من صدمة وفاة الأب والأم ليتم ادخالهم بصدمة أخرى أكبر، لافتةً الى أن هناك علاجا للحزن والذي لا يجب تجاهله أو التغاضي عنه ومعالجته بطريقة حكيمة. وتضيف عارف أن هذا الأمر يجعل عند الأبناء "الثقة مهزوزة أي أن الأب والأم يسهل استبدالهما"، بالتالي فإن الهدف من الزواج بهذه الحالة "اختلف كليا وفقد معانيه الأساسية"، لذا تنصح عارف "بالتأني تماماً من حيثيات هذا الزواج وتهيئة الابناء والزوجين له".

majd.jaber@alghad.jo


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com