الأربعاء، 5 يونيو 2013

الليــل.. سكون الأشياء وبهجة الخفاء !

صورة

نضال حمارنة - عندما يهيم الكحل بفضاء السماء ، تترقب عيوننا قدوم الليل .. هذا الزمن الموعود مع نهاية كل نهار ، ربما تسترخي له أجسادنا بعد مثابرة ونشاط ، وربما ننهل من إيقاعه ما يُسرّي عنا بعد ضغط العمل والضجيج المصاحب للنهار . والليل في عرف البعض وقت الراحة والنوم ، وفي عرف الآخرين وقت السمر والسهر والمؤانسة . وليل العشاق يختلف عن ليالي أصحاب القلوب الخالية ، وليل المشتاق أو الحالم بلقاء أو بوعد اللقاء كليل القابض على الجمر . وليل الحيارى في اتخاذ قرار مصيري في الحياة ليس كليل نديم الحبيب وسميره في جلسة صفاء . أما ليل المتعبين والمثقلين بهموم الحياة والمنتظرين فرج فك الأسر والسجن قد يجدون الليل ظلمة وعتمة ودهر من الأزمان حط على قلوبهم وأخرج زفرات الحنين إلى الحرية من أفواههم ، بينما ليل المحتفلين بعرس أو مولود جديد أو بنجاح وتفوق أحد الأبناء فهو ما يوصف بالليل والعين والآه المستفيضة من فرحة الوداد


لا شك في أن الليل كان وما يزال جديل الشعراء لنشوى تأملهم في الكون والعشق والجمال ، وباعث السكينة لكلماتهم الفياضة التي تنبض بمشاعرهم على اختلاف صنوفها وحالات حزنهم وفرحهم وأحياناً استيائهم ورفضهم وتمردهم . 
لا تتحدد علاقتنا بالليل بالزمان فقط ، ولا بثقل ظلامه ودماسته ، فالليل بلا نجومه وشهبه وقمره يغدو موحشاً ومفزعاً ، خاصة حين نكون بعيدين عن المدن والقرى والأماكن العامرة بالسكان . فالمكان هو من يحببنا بالليل .. فمن يعيش ليلة على ظهر سفينة في عباب البحار غير الذي يعيش ليلة من ألف ليلة في زمن هارون الرشيد وبجانبه الشاعر أبي نواس ، ومن يعيش ليله يسهر على مسلسل درامي أو يشاهد نشرات الأخبار اليومية المليئة بالضحايا والدماء البريئة يختلف عن من يسهر في عوامة على النيل أو يسير في قارب بين أحياء مدينة فينيسيا الإيطالية . 

 تنام في النهار وتعمل في الليل 
 هناك فئات في العالم، تنام في النهار وتعمل في الليل أغلب أيام حياتها ؛ في المناجم المختلفة والمصانع والأفران والإعلام، وهناك الجنود والضباط حراس حدود الوطن المناوبون على السهر في البرد والحر خلف الأسلاك الشائكة .. مهن عديدة صديقة الليل يعود أصحابها مع خيوط الفجر إلى فراشهم .

الليل في المثيولوجيا 
جسدت المثيولوجيا الإغريقية( ايريبوس)إلاهاً للظلام باعتباره ابن( خرنوس) إله الزمن و( أنكانكا ) إلهة القَدَر . كما نصبت ( نيكس ) إلهة لليل وتعادلها عند الرومان ( نوكس). أما البابليون فلديهم (سين) إله القمر وكان له لحية من اللازورد ويركب ثوراً مجنحاً . وقد عرفت حضارة بلاد ما بين النهرين (ملكة الليل) صورتها منحوتة ترتدي غطاء رأس وتحمل بيديها رمزي العصا والحلقة ولها أجنحة متدلية غير مفرودة وقدميها قدمي طائر ، تظهر واقفة أمام خلفية سوداء فوق أسدين وبومة على كل جانب ، وقد عرفها العامة باسم (لوليتو) أي ليليت التي كتب عنها الأشعار والقصائد منذ ذلك الوقت إلى أيامنا ؛ وقد خصتها الشاعرة اللبنانية جمانة حداد بمجموعة شعرية كاملة . وهناك طائفة اغريقية من أتباع (ديونيساس) إله النجوم كانت تنغمس في رقص جامح حتى تفقد وعيها ؛وكانت والدة الاسكندر المقدوني من أعضاء هذه الطائفة .
الليــــل والفنـــــون
كتب محمود درويش

« أليس الشعر هو نثر الورد على الليل ليضيء الليل !» . 
فمن أمرؤ القيس وبيته الشهير في وصف أحوال الليل وانعكاسه على نفس الشاعر :
وليلٍ كموج البحرِ أرخى سدوله
عليَّ بأنواع الهموم ليبتلي .
إلى : يا ليل الصب متى غده أقيام الساعة موعده .
وبيتأحمد شوقي : سجا الليل حتى هاج لي الشعر والهوى
وما البيد إلا الليل والشعر والحب
ولعلي وجدت أن الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب أكثر من تلحين القصائد الشعرية المكتوبة في أحوال الليلبأصوات شعراء لايتشابهون في رؤاهم ومنابتهم الثقافية كأحمد شوقي في سجا الليل ومحمود ابو الوفا الشاعر المحروم الذي فقد والده وهو صغير ، ثم فقد إحدى ساقيه إثر جراحة فاشلة ، وكان يملك نصف مقهى شعبي في شارع عبد الخالق ثروت (وسط البلد) بالقاهرة ؛ حول المقهى إلى صالون أدبي عُرف ( بالأدبش). ومن أشهر قصائده :
عندما يأتي المساء 
ونجوم الليل تنثر
اسألوا الليل عن نجمي
متى نجمي يظهر
كما اختار عبد الوهاب قصيدة ( ياليالي الشرق) للشاعر أحمد خميس صاحب مقولة :»كلنا يا ليل ملّاح الهوى .» كما قام عبد الوهاب بتلحين قصيدة جبران خليل جبران (سكن الليل) للسيدة فيروز . وقصيدة (أقبل الليل) للسيدة أم كلثوم .
وهناك العديد من الأفلام والمسرحيات والروايات التي كان زمانها وحدثها الرئيس في الليل . فالليل ستّار كما يقول العامة ؛ لكونه موئل الدسائس والخطط السرية للصوص والمهربين والقتلة المأجورين والتجارة الممنوعة بأجساد البشر .. وكل تلك الحوادث والقصص كانت وما زالت نصوصاً صالحة للدراما لمَ فيها من تشويق وأسرار ومغامرات وأكشن . بينما كتب عبد الرحمن منيف رواية عن معاناة سجين بعنوان «تقاسيم الليل والنهار» كما خط العظيم نجيب محفوظ من ليل القاهرة رواية « قلب الليل « . أما الشاعرة نازك الملائكة فقد كتبت قصيدة طويلة عن الليل وهنا مقطع منها: أقبل الليلُ عليها فأفاقت مقلتاها
ومضت تستقبلُ الوادي بألحان أساها
ليت آفاقكَ تدري ما تُغني شفتاها
آه يا ليل ويا ليتكَ تدري ما مُناها.

 وادي رَمْ والليل
الليل في وادي رَمْ أو وادي القمر كما تحب العامة تسميته ، أكثر كحلاً وانبلاجاً بالسواد ، لكأن صفاء اسوداده يضفي على القمر لمعاناً غريباً .. هناك شعرت أن الليل يشبه قبة من اللآلئ السوداء والقمر قريب جداً جداً يكاد يلامس رأسي ، لم أشعر أن هناك مسافة من أي نوع بيني وبين الفضاء ؛ حتى أني توهمت بقدرتي على ملامسة القمر كما ألامس الرمال النقية بأصابعي فكانت كلماتي على ورقة :
لا طير يعبر
لا ورود
للرمل لونُ البشر
للجبال وجوه توشوش
أنتَ وأنا..
من روح الليل .
الرمال تغوي أقدامنا
القمر يلاحق 
المكمن الأكثر التباساً
في وجهينا .
نقوش « ثمود «
مرايا صغيرة
محفورة على جسدينا .


جبران خليل جبران 

سكن الليل

سكن الليل و في ثوب السكون ** تختبي الأحلام
وسعى البدر و للبدر عيون **ترصد الأيام
فتعالي يا ابنة الحقل نزور** كرمة العشاق
علنا نطفي بذياك العصير** حرقة الأشواق
اسمعي البلبل ما بين الحقول **يسكب الألحان
في فضاء نفخت فيه التلول** نسمة الريحان

لا تخافي يا فتاتي فالنجوم** تكتم الأخبار
وضباب الليل في تلك الكروم **يحجب الأسرار

لا تخافي فعروس الجن في **كهفها المسحور
هجعت سكرى و كادت تختفي** عن عيون الحور

ومليك الجن إن مر يروح **و الهوى يثنيه
فهو مثلي عاشق كيف يبوح **بالذي يضنيه


 على عكس الليل:

الشمس تزيد الخصوبة!

اكدت دراسة طبية حديثة ان أشعة الشمس تزيد من خصوبة الرجل والمرأة.
أجريت الدراسة في جامعة «ميديكال يونيفيرستي» النمسوية وخلصت الى ان فيتامين «د»، الذي يطلق عليه العلماء اسم فيتامين الشمس، يلعب دوراً محورياً في توازن الهرمونات الجنسية لدى المرأة وكذلك تحسين الحيوانات المنوية لدى الرجل. ويرى علماء ان الحمامات الشمسية قد تكون بديلاً ناجعاً عن الأدوية وكافة سبل العلاج من العقم الذي قد يعانيه أحد الزوجين. كما يؤكد العلماء ان «فيتامين الشمس» يزيد معدل الهرمونين الأنثويين «بروغيستيرون»بنسبة 13% و»إستروغين» بنسبة 21%، كما انه يسهم بتنظيم الدورة الشهرية. أما بالنسبة للرجل فيؤثر فيتامين «د» إيجاباً على الحيوانات المنوية، كما انه يقوي الرغبة الجنسية لديه، من خلال زيادة هرمون «تستستيرون».
ورأى العلماء في نتائج هذه الدراسة تفسيراً لارتفاع معدلات الولادة في أوروبا الشرقية في فصل الصيف مقارنة مع فصل الشتاء، وذلك بالإشارة الى ان معدل الـ»تستستيرون» يكون في أعلى معدلاته لدى الرجل في شهر آب/ اغسطس، بينما يسجل أدناها في شهري آذار/مارس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com