ياسين الجيلاني - تقول الباحثة الاجتماعية الفرنسية لويز هرفيوLouise Hervieu في حديثها عن غيرة الأطفال : «لا يوجد أطفال غيورون، بل الأطفال هم دائماً الضحايا». لا شك أن الطفل في السنوات الأولى من حياته، هو محصلة العوامل الوراثية والبيئية، التي تؤثر فيه وتتفاعل باستمرار، في ميدان لا يكاد توجد فيه في بادئ الأمر، أي مقاومة صادرة عن الطفل نفسه. فهو في حاجة لكي ينمو، إلى تلقي الآثار المادية والمعنوية في الوسط العائلي الذي يعيش فيه.
وفي هذا الوسط العائلي، لا يلبث الطفل الرضيع أن يكتسب الكثير من الدوافع والرغبات والاتجاهات والميول التي تسمى بالدوافع الاجتماعية، ومنها دافع الغيرة التي تنشأ تحت تأثير عوامل الاحتكاك والمشاحنات، والتي تؤثر في سلوكه وطبعه الاجتماعي، وفي علاقته بالأفراد الآخرين. ويمكن تعريف الغيرة وتفسيرها، أنها إحساس مزعج مؤلم ناشئ عن كره الغير، خاصة عند مشاركة شخص آخر في حقه بالشخص المحبوب... والغيرة هي الوجه الآخر للطفولة البريئة. ولما كانت الغيرة عند الطفل انفعالا كريها بغيضا، يشقى به الطفل، كما يشقى به الآباء والأمهات، فإن هذا الانفعال الغريب يلعب دوراً مهماً في حياة الطفل، ويطبع بطابعه كثيراً من العواطف الاجتماعية. ويجب ألا ننسى شقيقه الأقرب «الحسد» فالغيرة والحسد توأمان يسيران جنباً إلى جنب، في ظل توأمين آخرين هما «الحب والبغض»، وهذه الانفعالات الأربعة هي بمثابة الاتجاهات التي تعين أركان أو محاور المجال الوجداني، وما يقوم عليه من دوافع وحوافز وميول ورغبات عند الطفل.
فالطفل في سنواته الأولى، إذا أحس أن حب والديه قد فتر، أو قل بسبب انصرافهما إلى العناية والاهتمام بمولود آخر جديد، فإنه يثور ويغضب... ومن الطبيعي أن يشعر الطفل بالحب حيناً وبالبغض والكره حيناً آخر، ويشعر بالفرح والسرور بعض الوقت، وبالحزن والكآبة في بعض الأحيان... وعندما ينتاب الطفل الشعور بالغيرة الشديدة، نراه يثور ويدمر ما حوله، وقد يخلد أحياناً أخرى إلى الهدوء والسكينة وينعم بلذة الطفولة البريئة، وبهجتها حيناً آخر.
وكثيرا ما تسلك الغيرة عند الطفل في نشأتها ونموها وظهورها مسالك شتى متنوعة. فقد تتكون في الظلام حتى نجد الطفل في حالة خور وإعياء، عاجزاً عن إبداء أي مقاومة، فتعمل الغيرة عملها الخبيث الدفين في هدم الأمل وتحطيم الصحة النفسية والجسمية في آن واحد. وأحياناً أخرى تنفجر الغيرة لديه كالصاعقة فتهز بنيان حياة أسرة الطفل هزاً عنيفاً تاركة وراءها الخراب والدمار.
وليس من السهل تحليل الغيرة ووصف ما يعانيه الطفل الغيور من حالات نفسية، نظراً لتضارب هذه الحالات وتعقدها، فقد نجد الطفل ابن الثالثة يبكي بكاءً مراً ومريراً، فيملأ البيت صراخاً وعويلاً، لا لشيء إلا لأن أمه تحتضن شقيقه الصغير وتداعبه، ولهذا نراه يقوم ببعض التصرفات ليلفت الانتباه إليه، خاصة عندما يلاحظ أن الكل منصرفون عنه... فقد يقلب كوب الماء فوق المنضدة، أو يقوم بتكسير ما يقع تحت يديه من أبواب وخزائن، وأحياناً يضرب رأسه بالحائط، أو يدق به بلاط الأرض... وهنا قد يضج الآباء والامهات، من سلوك الطفل وتصرفاته، يضجون لدرجة النزق والثورة عليه، أو قد ينهالون عليه الضرب أو التوبيخ أو التعزير والتهديد، أو بكل هذه العقوبات معاً.
يرى بعض علماء النفس، أن الغيرة هي انفعال مركب من عدة انفعالات مختلفة، فهو مزيج من انفعالات الغضب والحسد والخوف، فالطفل الذي يشعر بالخيبة من حبه لوالديه، لأن طفلاً آخر جديدا ينافسه في ذلك الحب، أو يشعر بعدم الطمأنينة وبالقلق والخوف على مركزه في الأسرة، قد يتعرض لبعض الاضطرابات النفسية الخفيفة، مما يولد في نفسه، دافع ايذاء أخيه بآلة حادة، أو قد يضربه بعنف للتخلص منه.
وفي كل الحالات؛ فإن انفعال الغيرة أمر عادي وشائع بين الأطفال في مرحلة عدم النضوج النفسي والعقلي والعاطفي، وعلى الآباء والأمهات أن لا يخافوا من غيرة الطفل... وغالباً ما يكون سلوك الكبار دافعاً إلى إثارة الغيرة في نفوس اطفالهم دون مبرر، وذلك حينما يفضلون طفلاً على طفل في الأسرة أو حينما يمدحون طفلاً في حضور طفل آخر، أو حينما يقارنون الأطفال بعضهم بعضاً، فالمقارنة والمفاضلة غالباً ما تثير الغيرة في نفوس الأطفال. وقد لا يغار الطفل من غيره من الأطفال فحسب، بل قد يغار أيضاً من والديه. يذهب العالم النفسي الشهير «فرويد» أن الولد يميل عادة نحو أمه ويغار من أبيه، وأن البنت تميل عادة نحو أبيها وتغار من أمها، وهذا ما يعرف عند فرويد بعقدة «أوديب».
من الحقائق الثابتة عقلاً وتجريباً، أن البيئة الوحيدة الملائمة لنمو الطفل الجسمي والنفسي ولتنشئته الاجتماعية، هي البيئة العائلية المكونة من الأب والأم والإبن، وهي أحسن الفرص لتقوية شخصية الطفل وتعليمه أساليب التضامن والتعاون وضبط النفس بعيداً عن انفعال الغيرة الكريهة. وفي هذه البيئة أيضاً يستطيع الوالدان بتصرفهما الواعي والسليم، أن يخففا من شدة انفعال الغيرة عند اطفالهم، فلا تصبح الغيرة ذات أثر كبير في حياة أطفالهم مستقبلاً، غير أنه كثيراً ما تكون ظروف الأسرة، التي ينشأ فيها الطفل، سبباً في زيادة حدة انفعال الغيرة في نفس الطفل، فينشأ ولديه استعداد قوي للغيرة، وتظهر هذه الغيرة بوضوح في حياته المستقبلية، وفي جميع علاقاته الانسانية وخاصة علاقته الزوجية
وفي هذا الوسط العائلي، لا يلبث الطفل الرضيع أن يكتسب الكثير من الدوافع والرغبات والاتجاهات والميول التي تسمى بالدوافع الاجتماعية، ومنها دافع الغيرة التي تنشأ تحت تأثير عوامل الاحتكاك والمشاحنات، والتي تؤثر في سلوكه وطبعه الاجتماعي، وفي علاقته بالأفراد الآخرين. ويمكن تعريف الغيرة وتفسيرها، أنها إحساس مزعج مؤلم ناشئ عن كره الغير، خاصة عند مشاركة شخص آخر في حقه بالشخص المحبوب... والغيرة هي الوجه الآخر للطفولة البريئة. ولما كانت الغيرة عند الطفل انفعالا كريها بغيضا، يشقى به الطفل، كما يشقى به الآباء والأمهات، فإن هذا الانفعال الغريب يلعب دوراً مهماً في حياة الطفل، ويطبع بطابعه كثيراً من العواطف الاجتماعية. ويجب ألا ننسى شقيقه الأقرب «الحسد» فالغيرة والحسد توأمان يسيران جنباً إلى جنب، في ظل توأمين آخرين هما «الحب والبغض»، وهذه الانفعالات الأربعة هي بمثابة الاتجاهات التي تعين أركان أو محاور المجال الوجداني، وما يقوم عليه من دوافع وحوافز وميول ورغبات عند الطفل.
فالطفل في سنواته الأولى، إذا أحس أن حب والديه قد فتر، أو قل بسبب انصرافهما إلى العناية والاهتمام بمولود آخر جديد، فإنه يثور ويغضب... ومن الطبيعي أن يشعر الطفل بالحب حيناً وبالبغض والكره حيناً آخر، ويشعر بالفرح والسرور بعض الوقت، وبالحزن والكآبة في بعض الأحيان... وعندما ينتاب الطفل الشعور بالغيرة الشديدة، نراه يثور ويدمر ما حوله، وقد يخلد أحياناً أخرى إلى الهدوء والسكينة وينعم بلذة الطفولة البريئة، وبهجتها حيناً آخر.
وكثيرا ما تسلك الغيرة عند الطفل في نشأتها ونموها وظهورها مسالك شتى متنوعة. فقد تتكون في الظلام حتى نجد الطفل في حالة خور وإعياء، عاجزاً عن إبداء أي مقاومة، فتعمل الغيرة عملها الخبيث الدفين في هدم الأمل وتحطيم الصحة النفسية والجسمية في آن واحد. وأحياناً أخرى تنفجر الغيرة لديه كالصاعقة فتهز بنيان حياة أسرة الطفل هزاً عنيفاً تاركة وراءها الخراب والدمار.
وليس من السهل تحليل الغيرة ووصف ما يعانيه الطفل الغيور من حالات نفسية، نظراً لتضارب هذه الحالات وتعقدها، فقد نجد الطفل ابن الثالثة يبكي بكاءً مراً ومريراً، فيملأ البيت صراخاً وعويلاً، لا لشيء إلا لأن أمه تحتضن شقيقه الصغير وتداعبه، ولهذا نراه يقوم ببعض التصرفات ليلفت الانتباه إليه، خاصة عندما يلاحظ أن الكل منصرفون عنه... فقد يقلب كوب الماء فوق المنضدة، أو يقوم بتكسير ما يقع تحت يديه من أبواب وخزائن، وأحياناً يضرب رأسه بالحائط، أو يدق به بلاط الأرض... وهنا قد يضج الآباء والامهات، من سلوك الطفل وتصرفاته، يضجون لدرجة النزق والثورة عليه، أو قد ينهالون عليه الضرب أو التوبيخ أو التعزير والتهديد، أو بكل هذه العقوبات معاً.
يرى بعض علماء النفس، أن الغيرة هي انفعال مركب من عدة انفعالات مختلفة، فهو مزيج من انفعالات الغضب والحسد والخوف، فالطفل الذي يشعر بالخيبة من حبه لوالديه، لأن طفلاً آخر جديدا ينافسه في ذلك الحب، أو يشعر بعدم الطمأنينة وبالقلق والخوف على مركزه في الأسرة، قد يتعرض لبعض الاضطرابات النفسية الخفيفة، مما يولد في نفسه، دافع ايذاء أخيه بآلة حادة، أو قد يضربه بعنف للتخلص منه.
وفي كل الحالات؛ فإن انفعال الغيرة أمر عادي وشائع بين الأطفال في مرحلة عدم النضوج النفسي والعقلي والعاطفي، وعلى الآباء والأمهات أن لا يخافوا من غيرة الطفل... وغالباً ما يكون سلوك الكبار دافعاً إلى إثارة الغيرة في نفوس اطفالهم دون مبرر، وذلك حينما يفضلون طفلاً على طفل في الأسرة أو حينما يمدحون طفلاً في حضور طفل آخر، أو حينما يقارنون الأطفال بعضهم بعضاً، فالمقارنة والمفاضلة غالباً ما تثير الغيرة في نفوس الأطفال. وقد لا يغار الطفل من غيره من الأطفال فحسب، بل قد يغار أيضاً من والديه. يذهب العالم النفسي الشهير «فرويد» أن الولد يميل عادة نحو أمه ويغار من أبيه، وأن البنت تميل عادة نحو أبيها وتغار من أمها، وهذا ما يعرف عند فرويد بعقدة «أوديب».
من الحقائق الثابتة عقلاً وتجريباً، أن البيئة الوحيدة الملائمة لنمو الطفل الجسمي والنفسي ولتنشئته الاجتماعية، هي البيئة العائلية المكونة من الأب والأم والإبن، وهي أحسن الفرص لتقوية شخصية الطفل وتعليمه أساليب التضامن والتعاون وضبط النفس بعيداً عن انفعال الغيرة الكريهة. وفي هذه البيئة أيضاً يستطيع الوالدان بتصرفهما الواعي والسليم، أن يخففا من شدة انفعال الغيرة عند اطفالهم، فلا تصبح الغيرة ذات أثر كبير في حياة أطفالهم مستقبلاً، غير أنه كثيراً ما تكون ظروف الأسرة، التي ينشأ فيها الطفل، سبباً في زيادة حدة انفعال الغيرة في نفس الطفل، فينشأ ولديه استعداد قوي للغيرة، وتظهر هذه الغيرة بوضوح في حياته المستقبلية، وفي جميع علاقاته الانسانية وخاصة علاقته الزوجية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق