السبت، 2 يونيو 2012

رفض الأزواج يمنع نساء من مواصلة دراستهن العليا




منى أبو صبح

عمان- المرأة العصرية طموح لا ينتهي..، خاصة إذا تعلق الأمر بإكمال دراساتها العليا، إلا أنها تصطدم بحائط المعيقات التي تجعلها حائرة، ولا تستطيع أن تلبي حاجاتها، وبالذات إذا كان الزوج لا يتقبل فكرة خروج الزوجة من المنزل لمواصلة تعليمها، مبررا بأن عليها الاهتمام بالأسرة والمنزل، وبعضهم يرفض أن تكون زوجته بمستوى علمي أعلى منه.
 فالمعلمة فاطمة راشد (40 عاما)، سعت جاهدة في وقت سابق لإكمال دراساتها العليا في تخصص اللغة العربية، لكن زوجها لم يتقبل الفكرة، وكانت ذريعته في الرد "يكفينا عملك خارج المنزل، وتريدين متابعة الدراسة أيضا".
وتستغرب أسماء طه، رفض الرجال مساعدة زوجاتهم في متابعة دراساتهن العليا، معتبرة أن الزواج مسؤولية مشتركة بين الرجل والمرأة، ويحق للمرأة مواصلة تعليمها وتحقيق طموحها العلمي، حيث تقول "كم سمعنا أن رجالا نالوا أعلى الدرجات العلمية، وحققوا النجاح بفضل وقوف زوجاتهم إلى جانبهم ودعمهم لهم".
وترى أن إكمال المرأة لتعليمها لن يهدم الأسرة، كما يعتقد أغلب الأزواج، فهي تستطيع مساعدة أبنائها في حياتهم وتكون قدوة لهم في جميع جوانب حياتهم، ومنها الجانب العلمي، إلى جانب أنها يمكن أن تسهم في تحسين الوضع المادي للأسرة بعد نيلها الشهادات العليا.
ويرفض الخمسيني (أبو عثمان)، رفضا تاما اكمال زوجته الدراسات العليا، معتبرا أن ضريبة هذا التعليم ستكون على حساب الأسرة والمنزل، والاعتماد على المربية أو دور الحضانة للاهتمام بالأطفال.
ويرى أن الأبناء سوف يفقدون الكثير من حنان والدتهم، نظرا لانشغالها في تعليمها، حيث يصبح وقتها ليس ملكها وينصب اهتمامها على الدراسة، على عكس المرأة التي تقوم بدورها الطبيعي في المنزل، وتعطي جل وقتها لأفراد الأسرة.
ويشير إلى حدوث العديد من المشاكل مع زوجته، التي كان لديها الرغبة في اكمال دراستها للحصول على الماجستير في التخصص "إلا أنني استطعت إقناعها بالفوائد التي يحصل عليها الأطفال والأسرة عندما تتفرغ لهم الأم".
تؤكد خبيرة العلاقات الأسرية نجوى عارف، أن تعليم المرأة حق لها، ولا يحق للزوج الاعتراض لأن ذلك مرفوض، فالشهادات العلمية تعود بالنفع عليه وعلى الزوجة والأولاد.
"فالمرأة المتعلمة أفضل في تربية ابنائها" بحسب عارف، مشيرة إلى أن الكثير من يعانين من الفراغ، ويمكنهن مواصلة تعليمهن بطريقة أفضل، كما لا ننسى فؤائد العلم في تحسين الثقافة والظروف المادية، كما أنه في حالة مرض الزوج أو توفي تستطيع حمل المسؤولية بعده.
وتعتقد أنه في حال رفض الزوج إكمال تعليم زوجته لأسباب حقيقية مثل الحالة المادية، خصوصا أن الدراسات العليا والأبحاث مكلفة، فهو "محق في الأمر".
وترى أن رفض بعض الأزواج متابعة المرأة لتعليمها، يكون من باب "الخوف" على العلاقة الأسرية بينهما، خصوصا من لا يملكون شهادات عليا، وإذا رفض الزوج بالرغم من حصوله على شهادات كبيرة، وكانت الزوجة لديها رغبة في إكمال دراستها فهذه، وفق عارف، "أنانية".
ولاء عايش (45 عاما)، التي تعمل موظفة في إحدى المؤسسات، لديها هاجس لإكمال الدراسات العليا منذ تخرجها في الجامعة في مرحلة البكالوريوس، رغم أنها كرست اهتمامها ووقتها للمنزل والأولاد.
لكن الحظ لم يحالفها في إكمال دراستها، حتى بعد كبر الأولاد "حيث ضحيت بطموحي، لأن زوجي في الوقت ذاته كان يسعى للحصول على الدكتوراه في تخصصه، وقررت الوقوف إلى جانبه"، بحسب ما تقول.
وتضيف "قمت بتشجيع زوجي ودعمه لإكمال تحصيله العلمي، وبمشاركة الأبناء استطعنا توفير الأجواء التي تمكنه من نيل شهادة الدكتوراه، وبفضل الله تعالى حصل عليها، وأنا وابنائي فخورون به، فنجاحه يعني نجاحنا".
واستطاعت فاتن زهدي (38 عاما)، التي تعمل رئيسة قسم في إحدى الشركات الخاصة، إكمال تعليمها بالحصول على الماجستير في تخصصها، ولديها الطموح أن تحصل على الدكتواره، لكن مسؤوولية المنزل، والأبناء تحول دون تحقيق هدفها.
"ويقف زوجي إلى جانبي، فهو الذي يشجعني في مواصلة تعليمي، لأنه متفهم لضرورة وأهمية العلم، في أي مرحلة من مراحل الحياة".
تنوي فاتن الحصول على شهادة الدكتوراه عندما يكبر أولادها، ليتمكنوا من تدبير أمورهم الحياتية،"حتى لو تأجل هدفي وحلمي، لكن يمكنني تحقيقه ما دام السعي والأمل في الحياة موجودين لدي".
يرى أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأردنية د. مجد الدين خمش، أن مواصلة تعليم المرأة يعتمد عليها نفسها، فيجب أن تطالب بحقها في التعليم من خلال شرح وجهة نظرها، وإقناع الزوج بأنها جامعية ويمكن من خلال تعليمها العالي أن تحقق أشياء كثيرة.  
ويشير إلى أن إكمال المرأة لتعليمها لا يتعارض مع مسؤوليتها في المنزل، ومن الممكن أن تستعين بالحضانة، أو تؤجل دراستها إلى حين أن يكبر الأطفال، حيث يمكنها تدبير وترتيب الأمور.
"فأغلب الأزواج المتعلمين في الجامعات، تشربوا قيم المساواة والتعاون، وأصبح لديهم موقف إيجابي للمرأة وحقوقها، وهناك تعاون فيما بينهم"، وفق ما يقول خمش.
لكنه يرى أن هناك قلة ذكورية تسيطر على الأمر، ولا تعي أهمية التقدم في حياة المرأة، وفي حال وجود مثل هؤلاء فإن على الزوجة أن تتفهم الأمر، وتستعين بآخرين، لغاية إقناع الزوج بأهمية الأمر، وأهم الشيء الرغبة لديها.
ويبرر أحيانا بعض الأزواج معارضتهم بأن الدراسة مكلفة، وفي الحقيقة أن برامج الدراسات العليا وفق خمش "لا تكلف كثيرا، وتتوفر بها فرص الحصول على منح، والكثير من الطلبة يحصلون على هذه المنح، إذا كانت معدلاتهم التراكمية عالية".
ويجد أن الكثير من الفتيات بعد حصولهن على البكالوريوس، ومن ثم الزواج، يعدن من جديد إلى الدراسة، والبعض منهن بعد أن يكبر الأبناء، لكن الأهم أن مجتمعنا يحترم المرأة، ويعطيها الفرص للتقدم في مجالات كثيرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com