الأحد، 3 يونيو 2012

الفراعنة اهتموا بالتمثيل الصامت والموسيقى



صورة

القراءة والبحث المعمقين في مضمون الحاضرة الفرعونية، في مصر القديمة، يؤشر على مدى الاهتمام بفنون الرقص والغناء والموسيقى. وبشكل لافت، الاهتمام بمهارات ومذاهب التمثيل الصامت. فقطعوا في هذا الشأن، أشواطاً مهمة.
ووصلت مستويات تطور الموسيقى بشكل بارز، درجات تميز وتفرد نوعية. وكانت الموسيقى مع فنون الرقص، لدى الفراعنة، حاضرة بشكل طاغ ضمن طقوس العبادة في بيوت الآلهة. وكان عندهم، حسب الكثير من المراجع، آلة خاصة بهذه الطقوس العبادية المفعمة بالنغمات والألحان، في نمط قالب على منوال محدد، وكانت تضبط ماهية حركات الرقص والغناء، وهي في الشكل، كحدوة الحصان، ومصنوعة من البرونز، كما أنها مستطيلة الشكل.
وتدل الآلات الموسيقية التي عرفت لدى الفراعنة، في عهود مختلف الأسر الفرعونية، على أهميتها الكبيرة، فمنذ أن وجدت كانت على شكل «الصندوق» ومصنوعة من عدة قصبات، بأطوال مختلفة، حسب نغمات السلم الموسيقي. وأضاف الصانع أوتارها وفق آليات محددة، أتت معها الأوتار بالترادف والتتالي، وثبتت بأوتاد تقابل المفاتيح. وكانت تلك الخطوة الأولى التي خطتها الآلة الموسيقية في الأرض الفرعونية، ومن ثم كان يأتي دور المرأة في عزفها ورقصتها ضمن هذا العصر، إذ أتقنت العزف على العود بشكله الأول: المنحني، كما عزفت الصنج. الآلة الوترية الوحيدة التي تحولت في الدولة المتوسطة، إلى مجموعة آلات تستخدم في طقوس العبادة. وكانت النساء ترسل مثل العبيد، إلى البلاط الملكي، بغرض إقامة الرقصات الإيقاعية على وقع أنغام محددة، ترافقها الطبول. واعتادت النساء، خلال الضرب على الدفوف الخشبية، وضع آلات نقر خاصة في أيديهن، مصممة على شكل أيد صناعية (يد رجل).
 كما تدل الآلات الموسيقية التي عرفت في مصر القديمة، على قيمتها الفنية، حيث وجدت فرق منظمة تضم المغني إلى جانب العازف بالصنج وعازف الناي، وذلك طبقاً لما تذكره بعض الموسوعات والكتب المتخصصة. وهو ما نراه في اللوحات الأثرية التي يتضمنها متحف اللوفر في باريس. ولم نلحظ التقدم في هذا العصر بسبب غزو الهكسوس ووضع مصر السياسي، ولكن تغيرت الموسيقى في الدولة الحديثة تغيراً تاماً، حسب ما تذكره مجموعة مراجع بهذا الخصوص.
وفي مراحل لاحقة، شهد تطور الآلات الموسيقية في الحضارة الفرعونية، تعدد أنواع الصنج وكبر حجمه، ومن ثم زيدت أوتاره، وقد لعب كبير الدور بهذا الخصوص، ارتباط الموسيقى بالطقوس الدينية. وكان البارز انضواء الموسيقى في منظومة ركائز مجتمعية، تعنى بعلاقات الأفراد مع الكهنة، وذلك بغرض التبرك والخلاص. وبذا، وطبقاً لمراجع عديدة، لم تكن الموسيقى المصرية حرة، ولم يتغن بها الشباب، إلا بحسب ما يختار لهم الكهنة من الألحان الجيدة التي تطهر النفس.
ولذلك حافظت مصر على نمط معين في الأداء، وكان الموسيقيون فيها، هم الشعراء. وهؤلاء ممن لقبوا بالحكماء، إذ كانت قصائدهم عظات وأحكاماً تفصل بقضايا الشعب، وترشد وتسير شؤون الناس. وفي هذا السياق، وجدت في الحضارة الفرعونية، مدارس الفنون (رقص وتمثيل وموسيقى)، بجانب مدارس الفلك والطب والفلسفة.
وجميعها كان يعد في إطار العلوم المقدسة. وكان المصريون يجدون شبهاً كبيراً، بين الأجرام السماوية في انتظام حركتها وارتباطها ببعضها، وبين النغمات الموسيقية التي تتألف منها الألحان. فاعتادوا على ان يرمزوا لكل نغمة من النغمات السبع، بالرمز «الهيروغليفي» الذي كانوا يرمزون به لما يماثله من الكواكب. ودرجوا على الاعتقاد، ان كل ساعة من ساعات اليوم، توافق نغمة خاصة من بين تلك النغمات السبع.
وتعددت المعازف وأنماطها، في مصر الفرعونية، فكان معزف توت عنخ آمون الذي يعد من أشهرها، يجمع بين البوق والطبل. ولكن، وفي العموم، كانت الموسيقى عند قدماء المصريين، فناً محترماً مقدساً، يعتقدون باتصاله مع العلوم المقدسة، وخاصة الفلك منها، وقد نصبوا أكبر معبوداتهم، آلهة عليها، كما كانوا يلقبون مخترع الموسيقى بـ»ابن الأبدية».
ويصور كتاب «زوجات الفراعنة» للدكتور محمود أحمد حفني، الحياة المصرية تصويراً جميلاًَ، واصفاً حياة القصور ودور المرأة في تلك الأيام، المشهورة بالترف وبرواج الأغاني الشعبية وقصائد عازف القيثارة الأعمى. ومن أهم ما تحدث عنه الكتاب وصف أنواع الآلات الوترية التي عزفت عليها المرأة الفرعونية. وفي مقدمها: العود، المنحني القديم.
ويبين الكتاب ذاته، أنه تشكلت في مصر، حينها، فرقتا غناء، أولهما مصرية، والثانية آسيوية. كما تحدث الكتاب عن الصورة الحقيقية لحياة المرأة الفرعونية في المناسبات السياسية والتاريخية. إذ كانت تشارك برقصات تعبيرية، ضمن الأغاني الشعبية المرحة، التي تدخل السرور إلى قلب الملك. ويوضح كتاب «موسيقى المصريين»، للمؤلف عينه، أن المصريين القدماء عاشوا حياتهم في فرح دائم، حفل برواج ألوان الفنون، خلال حكم أمنفيس الثالث وزوجته الملكة تاج.
ويذكر الكتاب ان الملك الفرعوني، امنفيس،امر بإنشاء بحيرة على ضفة النهر، سميت بحيرة المسرات لإقامة الاحتفالات. وكانت تنبعث منها، الألحان والأغاني التي ترطب الأجواء وتنعش القلوب، مع مرور المراكب التي تحمل أجمل الفتيات، وهن مزينات ومكملات بألوان الجذب الأنثوي، بينما كن يجدفن وينشدن الأغاني.. وقد دعيت لهذا الاحتفال، في إحدى المرات، 317 أمرأة آسيوية.
كما وصف أفلاطون الموسيقى المصرية بأنها أرقى موسيقى في العالم، مشيراً إلى أنها الملائمة لتكون لحن جمهوريته الفاضلة. فاهتم فلاسفة اليونان بدراستها والكتابة عنها. وكذا اهتم علماء الغرب بوصفها بالتفصيل، وذلك طبقاً لما يبينه كتاب «موسيقى المصريين» للدكتور محمود الحفني: «إن حركة اليد في الغناء المصري القديم كانت أصل التدوين الموسيقى، لما سمي بـ (لغة اليد).. إن السهم المصري قد جمعَ البعد الصوتي الكامل ونصف البعد الصوتي».
ووجدت في مصر القديمة، فرق غناء ورقص محددة، متخصصة بعروض وفنون الرقصات والأغاني في المعابد، وذلك للعمل على خدمة شرف الآلهة. وتألفت ووجدت هذه الفرق نفسها، ضمن البيوت الملكية وبيوت الأمراء. فاستخدمت الموسيقى بهذا، للأغراض الدنيوية، إلى جانب استخدامها الأساسي في الأغراض الدينية.
وكذلك، عرفت مصر الفرعونية، رقصة النجوم، والتي تصور نظام الكون. ووصفها أفلاطون بأنها ابتهالات للتعبير عن حالة قدسية، وكان يتم عرضها في المعبد أمام الكهنة فقط، وليس أمام المشاهدين؛ وهي تعتبر فناً يشبه «الباليه». وتتمثل رقصة النجوم، في أداء مجموعة راقصات، يتحركن بأشكال ترمز إلى بروج السماء الثانية عشرة.
وشهد تطور الآلات الموسيقية في الحضارة الفرعونية، وفي مراحل لاحقة، تعدد أنواع الصنج وكبر حجمه، ومن ثم زيدت أوتاره، وقد لعب كبير الدور بهذا الخصوص، ارتباط الموسيقى بالطقوس الدينية. وكان البارز انضواء الموسيقى في منظومة ركائز مجتمعية، تعنى بعلاقات الأفراد مع الكهنة، وذلك بغرض التبرك والخلاص. وبذا، وطبقاً لمراجع عديدة، لم تكن الموسيقى المصرية حرة، ولم يتغن بها الشباب، إلا بحسب ما يختار لهم الكهنة من الألحان الجيدة التي تطهر النفس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com