سوسن مكحل
عمان- رغم صوت محركات السيارات ومنبهاتها لكثيرة، تستوقفك أيضا أصوات العصافير وتشدك إليها، في ذلك الشارع الصاخب والمزدحم الكائن بمنطقة سوق الوحدات (شارع مادبا).
وما إن تشيح بنظرك إلى اليمين حتى تجد محلات متجاورة عُلقت بها أقفاص متلألئة، تحمل بين قضبانها طائرا صغيرا أو حيوانا أليفا، فيأسرك المنظر بجماله، فلا تجد بدا من أن تلج إلى تلك السوق، مستقصيا مستكشفا.
من رواد هذه السوق أبو أكرم الذي جاء وزوجته من منطقة خلدا، بحثا عن "سمك صغير"، وحوض يضعونه فيه. ويقول أبو أكرم في حديثه للغد أنه سمع من أقربائه عن سوق العصافير الكائن في شارع مادبا الذي يشتهر بأنواعه المميزة من الأسماك، وغيرها.
تنقل أبو أكرم بين مختلف المحال لكنه أصبح، كما يقول، في حيرة من أمره، فأحواض متميزة جدا، وزينة، إضافة إلى أطعمة الأسماك المتنوعة التي هيئت بداخلها.
أما زوجة أبو أكرم فتقول إنها جاءت إلى السوق تطلب حوضا أكبر حجما من الذي كان ببالها، حتى تزينه بالمستلزمات الجميلة التي تمنحه منظرا أكثر جمالا.
وهي ترغب أيضا في شراء عصافير "كناري" لولديها، لتضعها في شرفة البيت، لأن أصوات العصافير، كما تقول، تطربها، ولذلك قررت، ما دامت متواجدة في السوق، أن تنتهز الفرصة، أن تهدي لولديها زوجا من الكناري ذي الصوت الشجيّ.
التاجر جمال صافي، الذي افتتح محله منذ نحو عشرين عاما، وهو المعروف لدى أغلبية السوق باسم "الأمازون"، أكد لنا أن بداية السوق تعود إلى فترة بدايات سوق الوحدات الشعبي، في بدايات السبعينيات من القرن الماضي.
ويضيف أن هذه السوق كانت عبارة عن فضاء غير مبني، على غرار باقي الأسواق الشعبية التي لم تكن مشيدة، وكانت أغلبية الناس يقصدونها لشراء الطيور والأسماك. فلم تظهر المحلات المشيدة إلا في بداية السبعينيات، فاختار جمال منها محلا ليبيع فيها الطيور والأسماك، وقد انتشرت المحلات بعد ذلك وتكاثرت حتى تجاوزت العشرات حاليا.
يقول الصافي إن تجارة الطيور غير ثابتة ولذلك يضطر بعض التجار لبيع محالهم والتوجه نحو أنشطة تجارية أخرى بحسب الظروف، لكن البعض يظل متمسكا بمهنة بيع الطيور لغرض في نفسه.
بيع الطيور "هواية" أحبها صافي منذ الصغر، ورغم أنه فكر كثيرا في أن يبتعد عن هذه المهنة، إلا أن الظروف شاءت، كما يقول، أن يظل مرتبطا بهذه المهنة التي تستهويه كثيرا، والتي أصبح فيها تاجرا خبيرا من تجار هذه السوق المتميزة.
زقزقة العصافير في محال صافي، والتي تطربك أحيانا بأصواتها العذبة، وشجارها أحيانا، تدفعك لأن تسأله عن أنواعها. ويجيبك صافي قائلا إن الأنواع كثيرة ومتنوعة، وكذلك أسعارها.
من أنواع هذه الطيور "عصافير الحب" التي يقبل الناس على شرائها بكثرة، تليها "طيور الجنة"، و"الكناري"، لكونها غير مكلفة.
ويشير صافي إلى أن هناك أنواعا غالية الثمن لندرتها، ومنها "الببغاوات" الأميركية، والإفريقية، ويؤكد أن استيراد الطيور يخضع لشروط كثيرة، إذ تفرض وزارة الزراعة على التجار الحصول على تصاريح للاستيراد هذه الطيور من دول بعينها، دون أخرى، نتيجة الأمراض، مثل انفلونزا الطيور. وحاليا يستورد التجار في سوق "شارع مادبا" الطيور من دول أوروبا، خصوصا بلجيكا وهولندا وأوكرانيا.
وينصح التجار المشترين برعاية الطيور والأسماك التي يشترونها، لأن العناية، كما يقول صافي، أحد أهم أسباب بقاء هذه الطيور لفترة طويلة.
ولأن صافي يهوى الطيور، فإنه يقدم للمشتري شروحات وافية عن كيفية الاعتناء بالطير، فهو يشبه العناية بالطير بالعناية التي يتلقاها الطفل من أمه، فيبعده عن الحرارة، ويطعمه في الوقت المناسب، إلخ.
التاجر أبو محمد، وهو صاحب محل مقابل لمحل صافي، يشير إلى أنه افتتح محله في سنة 1995، وهو ما يزال يمارس المهنة التي يقول إنها تأثرت حاليا بالأوضاع الاقتصادية، حيث أصبح المهتمون بشراء الطيور قليلين جدا.
وأضاف أبو محمد، الذي يحتوي محله على أنواع كثيرة من الأسماك، بالإضافة إلى كم أقل من الطيور، أنه يستورد أسماكه وطيوره في غالب الأحيان من هولندا، ومن سريلانكا أيضا، بعد أن كان يجلبها من سورية والعراق.
موضحا أن سعر السمك يختلف باختلاف الحجم، فكلما زاد حجم السمك وكلما كان مفترسا أكثر زاد سعره، إذ يصل ثمن السمكة الواحدة إلى 70 دينارا.
ويضيف أبو محمد أن نوعية زبائن السوق تغيّرت كثيرا بسبب تغيّر الأوضاع الاقتصادية، إذ صار المواطن المتوسط يركّز على الأساسيات، معتبرا العصافير والأسماك جزءا من الكماليات.
وتعد فترة الأعياد موسما أيضا للإقبال على شراء الطيور والأسماء، كما يقول صافي الذي يعتبر أيضا أن ممارسة هذه المهنة متعبة خاصة في مثل هذه المواسم، بسبب الرعاية المطلوبة والمتواصلة لهذه الكائنات الحساسة، وبسبب طول أوقات الدوام. وفي سياق متصل يضيف صافي أن مديرية البيطرة، التابعة لوزارة الزراعة لا تُجري فحوصاتها على الطيور والأسماك وفقا للمعايير العالمية، ولا تقدم أي نوع من العلاجات الفعالة.
عمان- رغم صوت محركات السيارات ومنبهاتها لكثيرة، تستوقفك أيضا أصوات العصافير وتشدك إليها، في ذلك الشارع الصاخب والمزدحم الكائن بمنطقة سوق الوحدات (شارع مادبا).
وما إن تشيح بنظرك إلى اليمين حتى تجد محلات متجاورة عُلقت بها أقفاص متلألئة، تحمل بين قضبانها طائرا صغيرا أو حيوانا أليفا، فيأسرك المنظر بجماله، فلا تجد بدا من أن تلج إلى تلك السوق، مستقصيا مستكشفا.
من رواد هذه السوق أبو أكرم الذي جاء وزوجته من منطقة خلدا، بحثا عن "سمك صغير"، وحوض يضعونه فيه. ويقول أبو أكرم في حديثه للغد أنه سمع من أقربائه عن سوق العصافير الكائن في شارع مادبا الذي يشتهر بأنواعه المميزة من الأسماك، وغيرها.
تنقل أبو أكرم بين مختلف المحال لكنه أصبح، كما يقول، في حيرة من أمره، فأحواض متميزة جدا، وزينة، إضافة إلى أطعمة الأسماك المتنوعة التي هيئت بداخلها.
أما زوجة أبو أكرم فتقول إنها جاءت إلى السوق تطلب حوضا أكبر حجما من الذي كان ببالها، حتى تزينه بالمستلزمات الجميلة التي تمنحه منظرا أكثر جمالا.
وهي ترغب أيضا في شراء عصافير "كناري" لولديها، لتضعها في شرفة البيت، لأن أصوات العصافير، كما تقول، تطربها، ولذلك قررت، ما دامت متواجدة في السوق، أن تنتهز الفرصة، أن تهدي لولديها زوجا من الكناري ذي الصوت الشجيّ.
التاجر جمال صافي، الذي افتتح محله منذ نحو عشرين عاما، وهو المعروف لدى أغلبية السوق باسم "الأمازون"، أكد لنا أن بداية السوق تعود إلى فترة بدايات سوق الوحدات الشعبي، في بدايات السبعينيات من القرن الماضي.
ويضيف أن هذه السوق كانت عبارة عن فضاء غير مبني، على غرار باقي الأسواق الشعبية التي لم تكن مشيدة، وكانت أغلبية الناس يقصدونها لشراء الطيور والأسماك. فلم تظهر المحلات المشيدة إلا في بداية السبعينيات، فاختار جمال منها محلا ليبيع فيها الطيور والأسماك، وقد انتشرت المحلات بعد ذلك وتكاثرت حتى تجاوزت العشرات حاليا.
يقول الصافي إن تجارة الطيور غير ثابتة ولذلك يضطر بعض التجار لبيع محالهم والتوجه نحو أنشطة تجارية أخرى بحسب الظروف، لكن البعض يظل متمسكا بمهنة بيع الطيور لغرض في نفسه.
بيع الطيور "هواية" أحبها صافي منذ الصغر، ورغم أنه فكر كثيرا في أن يبتعد عن هذه المهنة، إلا أن الظروف شاءت، كما يقول، أن يظل مرتبطا بهذه المهنة التي تستهويه كثيرا، والتي أصبح فيها تاجرا خبيرا من تجار هذه السوق المتميزة.
زقزقة العصافير في محال صافي، والتي تطربك أحيانا بأصواتها العذبة، وشجارها أحيانا، تدفعك لأن تسأله عن أنواعها. ويجيبك صافي قائلا إن الأنواع كثيرة ومتنوعة، وكذلك أسعارها.
من أنواع هذه الطيور "عصافير الحب" التي يقبل الناس على شرائها بكثرة، تليها "طيور الجنة"، و"الكناري"، لكونها غير مكلفة.
ويشير صافي إلى أن هناك أنواعا غالية الثمن لندرتها، ومنها "الببغاوات" الأميركية، والإفريقية، ويؤكد أن استيراد الطيور يخضع لشروط كثيرة، إذ تفرض وزارة الزراعة على التجار الحصول على تصاريح للاستيراد هذه الطيور من دول بعينها، دون أخرى، نتيجة الأمراض، مثل انفلونزا الطيور. وحاليا يستورد التجار في سوق "شارع مادبا" الطيور من دول أوروبا، خصوصا بلجيكا وهولندا وأوكرانيا.
وينصح التجار المشترين برعاية الطيور والأسماك التي يشترونها، لأن العناية، كما يقول صافي، أحد أهم أسباب بقاء هذه الطيور لفترة طويلة.
ولأن صافي يهوى الطيور، فإنه يقدم للمشتري شروحات وافية عن كيفية الاعتناء بالطير، فهو يشبه العناية بالطير بالعناية التي يتلقاها الطفل من أمه، فيبعده عن الحرارة، ويطعمه في الوقت المناسب، إلخ.
التاجر أبو محمد، وهو صاحب محل مقابل لمحل صافي، يشير إلى أنه افتتح محله في سنة 1995، وهو ما يزال يمارس المهنة التي يقول إنها تأثرت حاليا بالأوضاع الاقتصادية، حيث أصبح المهتمون بشراء الطيور قليلين جدا.
وأضاف أبو محمد، الذي يحتوي محله على أنواع كثيرة من الأسماك، بالإضافة إلى كم أقل من الطيور، أنه يستورد أسماكه وطيوره في غالب الأحيان من هولندا، ومن سريلانكا أيضا، بعد أن كان يجلبها من سورية والعراق.
موضحا أن سعر السمك يختلف باختلاف الحجم، فكلما زاد حجم السمك وكلما كان مفترسا أكثر زاد سعره، إذ يصل ثمن السمكة الواحدة إلى 70 دينارا.
ويضيف أبو محمد أن نوعية زبائن السوق تغيّرت كثيرا بسبب تغيّر الأوضاع الاقتصادية، إذ صار المواطن المتوسط يركّز على الأساسيات، معتبرا العصافير والأسماك جزءا من الكماليات.
وتعد فترة الأعياد موسما أيضا للإقبال على شراء الطيور والأسماء، كما يقول صافي الذي يعتبر أيضا أن ممارسة هذه المهنة متعبة خاصة في مثل هذه المواسم، بسبب الرعاية المطلوبة والمتواصلة لهذه الكائنات الحساسة، وبسبب طول أوقات الدوام. وفي سياق متصل يضيف صافي أن مديرية البيطرة، التابعة لوزارة الزراعة لا تُجري فحوصاتها على الطيور والأسماك وفقا للمعايير العالمية، ولا تقدم أي نوع من العلاجات الفعالة.
sawsan.moukhall@alghad.jo
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق