الأربعاء، 12 ديسمبر 2012

«الكريسماس».. طقوس وقصص تتوارد في الأذهان .. وزينة وألوان تعم المكان

صورة

غدير سالم  - أضواء مشعة ، وألوان زاهية ، وزينة متلألأة ، وأغان وترانيم تصدح في كل مكان ، منبئة بقدوم «عيد الميلاد المجيد « أو ما يعرف بــ «الكريسماس» .
أجواء اجتماعية وعائلية ودينية تبدأ بالظهور في بيوت الطوائف المسيحية قبل عيد الميلاد ، استعداداً له وفرحاً به ، فلا يخلو أي بيت من الأشجار المليئة بالزينة والألوان ، وهدايا بابا نويل أسفل هذه الأشجار ، والأغاني ، ولا يقتصر الأمر على البيوت ، وإنما حولها وفي الشوارع ، معلنة قدوم الفرح لهذه الأحياء .

ما هو عيد الميلاد ؟
مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام الأب «رفعت بدر» تحدث عن عيد الميلاد قائلاً :»عيد الميلاد يُعتبر ثاني أهم الأعياد المسيحية على الإطلاق بعد عيد القيامة، ويُمثل تذكار ميلاد يسوع المسيح وذلك بدءًا من ليلة 24 ونهار 25 كانون الأول في التقويم الغريغوري ، و 6 و 7 كانون الثاني في التقويم اليولياني، يترافق عيد الميلاد باحتفالات دينية وصلوات خاصة للمناسبة، واحتفالات اجتماعية أبرزها وضع شجرة الميلاد ، وتبادل الهدايا ، واستقبال بابا نويل وتناول عشاء الميلاد.

طقوس العيد في البلدان المختلفة 
ثم تحدث عن طقوس العيد في دول مختلفة قائلاً :» عيد الميلاد أكثر الأوقات بهجة وانشغالاً خلال العام بالنسبة إلى مئات الملايين من المسيحيين في جميع أنحاء العالم.
ويحتفل الناس في مختلف البلاد بالعيد الديني بطرق مختلفة، اعتمادًا على العادات الوطنية والمحلية.،ففي بعض البلاد كبريطانيا، مثلاً، يزيّن الناس منازلهم بمختلف أنواع الزينة، فيضعون أشجار عيد الميلاد في الممرات، ويتبادلون التهاني بإرسال البطاقات للأقارب والأصدقاء، وفي أمريكا الشمالية، يتناول بعض الناس عشاءً تقليديًا مكونًا من الديك الرومي والخضراوات، ويتلقى الأطفال في معظم أعياد الميلاد أنواعًا من الحلوى والهدايا من بابا نويل أو القديس نقولا.
وفي بعض المجتمعات كإسبانيا يحتفل المسيحيون بالرقص في الشوارع وهكذا، تختلف المظاهر باختلاف البلدان والمجتمعات ، وفي كل من هولندا وبلجيكا ولوكسمبرج؛ يقدم القديس نقولا ـ وفقًا للاعتقاد السائد هدايا للأطفال في ليلة السادس من ديسمبر ويأتي نقولا من خلال المدخنة، ويترك الهدايا في الأحذية التي وضعها الأطفال قرب المدفأة.
ويحتفل الناس في كثير من دول أمريكا اللاتينية بعيد الميلاد، ويتلقى الأطفال الهدايا والحلوى، وتتنوع الاحتفالات في تلك البلاد وفقًا لعادات وتقاليد كل بلد. 

من هو «بابا نويل « ؟
وأضاف فيما يخص شخصية «بابا نويل « :»بابا نويل أو «سانتا كلوز» هو شخصية ترتبط بعيد الميلاد توجد عند المسيحيين، معروف غالباً بأنه رجل سعيد دائماً وسمين جداً وضحوك يرتدي بزة يطغى عليها اللون الأحمر ، وبأطراف بيضاء وتغطي وجهه لحية ناصعة البياض، وكما هو معروف في قصص الأطفال فإن بابا نويل يعيش في القطب الشمالي مع زوجته السيدة كلوز، وبعض الأقزام الذين يصنعون له هدايا الميلاد، والأيائل التي تجر له مزلاجته السحرية، ومن خلفها الهدايا ليتم توزيعها على الأولاد أثناء هبوطه من مداخن مدافئ المنازل ، أو دخوله من النوافذ المفتوحة وشقوق الأبواب الصغيرة».

 ما هي قصة «بابا نويل» ؟
ثم تحدث الأب «رفعت بدر» عن قصة «بابا نويل» قائلاً :»قصة سانتا كلوز مأخوذة من قصة القديس «نيكولاس» وهو أسقف «ميرا» وقد عاش في القرن الخامس الميلادي، وكان القديس «نيكولاس» يقوم أثناء الليل بتوزيع الهدايا للفقراء وللعائلات المحتاجة دون أن تعلم هذه العائلات من هو الفاعل، بعد نياحة (وفاة) القديس نيكولاس انتشرت سيرته العطرة وعمّت أماكن عديدة، في روسيا وأوروبا خاصة ألمانيا وسويسرا وهولندا وكانوا يتبادلون الهدايا في عيد الميلاد على اسمه.
وبدأت الحقيقة تختلط بالأسطورة، وجاء اسم بابا نويل ككلمة فرنسية تعنى «أب الميلاد» ، وظن البعض أن موطن بابا نويل هو السويد ، وذهب البعض الآخر أن موطنه فنلندا خاصة أن هناك قرية تدعى قرية بابا نويل يروجون لها سياحيا على أنها مسقط رأس بابا نويل، ويزورها نحو 75 ألف طفل سنويا.
ومع اكتشاف أمريكا حمل المهاجرون معهم قديسيهم ومنهم القديس «نيكولاس» أو «سانت نيقولا» وتطور الاسم حتى صار «سانتا كلوز».
وأما الصورة المعروفة لسانتا كلوز فقد ولدت على يد الشاعر الأمريكي «كليمنت كلارك مور»، الذي كتب قصيدة «الليلة السابقة لعيد الميلاد» (The Night Before Christmas) عام 1823 يصف فيها هذا الزائر المحبّب ليلة عيد الميلاد.
 أما الشكل الشائع لسانتا كلوز الحالي فهو من ابتكار شركة «كوكاكولا» إذ استعملت هذه الصوره لإحدى الإعلانات لمنتوجها في عام 1881، حيث قام الرسام الأمريكي «توماس نيست» في جريدة «هاربرس» بإنتاج أول رسمٍ لبابا نويل، كما نعرفه اليوم، ببدلته الحمراء الجميلة وذقنه البيضاء الطويلة وحذائه الأسود اللامع، ومنذ ذاك الوقت انتشر بابا نويل في ثوبه الجديد (نيولوك) وصار من اشهر الشخصيات التي يحبها الأطفال في كل أنحاء العالم.
ومع تغير المكان تخلى (سانتا كلوز) عن حماره الذي كان يحمل عليه الهدايا والألعاب ليمتطي زحافة على الجليد ، يجرها ثمانية غزلان يطلق عليها اسم حيوان (الرنة) ذي الشكل المميز».
وأضاف : « هناك أسماء كثيرة تطلق على هذا العجوز الطيب ذي الرداء الأحمر واللحية البيضاء وصوت جرسه الرنان وضحكته المميزة ، وكيس الهدايا المليء بكل ما هو جميل ومميز ويحمل الفرحة والسعادة للأطفال في عيد الميلاد في مختلف أنحاء العالم، تعددت القصص والروايات حول نشأة وأصل بابا نويل والجذور الدينية والثقافية لهذه الشخصية التي أصبحت من بين أبرز رموز عيد الميلاد ، وتروي الحكايات أن (بابا نويل) يضع للأطفال الهدايا داخل (جوارب) صوفية يضعونها فوق المدفأة في منازلهم حيث كان يتسلل (بابا نويل) من خلال فتحة المدفأة حتى لا يراه الأطفال ليلا ، ويفاجأون بالهدايا في الصباح فيتملكهم السرور أكثر وأكثر» .
وفي ليلة عيد الميلاد، يتجمع المسيحيون من جميع أنحاء العالم في بيت لحم، المدينة التي ولد فيها المسيح، لإقامة قداس منتصف الليل».

 الأطفال والكريسماس 
والفرح في هذا العيد هو فرح الأطفال لذا لا بد من معرفة شعور الأطفال في هذا العيد ، وماذا يفعلون في العيد ؟. 
«زينة حداد» 6 أعوام تعبر عن فرحها بقدوم العيد قائلة :» أحب العيد كثيراً ، وأحب الحصول على الهدايا من سانتا كلوز ، فهو يهديني كل ما أريده وأتمناه فاحبه كثيراً ، وأنتظر قدومه بلهفة كبيرة «.
أما «مايا مرجي» 7 أعوام فتتحدث عن سبب سعادتها في هذا العيد قائلة :» نذهب في العيد لزيارة أقاربنا ، ونرتدي الملابس الحمراء كسانتا كلوز ، لذلك أحب العيد كثيراً ، وأسعد كثيراً عندما نذهب مع سانتا كلوز على البيوت لتوزيع الهدايا «.
و»قصي حداد» 3 أعوام يسعد جداً بالعيد ويحبه كثيراً ، ويفرح كثيراً عندما يستيقظ صباحاً ويجد الهدايا أسفل شجرة الميلاد .
«سوار الشامي» 9 أعوام قالت بابتهاج :» أحب الكريسماس لأنه يزيد من المحبة بين الأطفال جميعاً ، واعتدنا من مطلع الشهر البدء بالتحضير للكريسماس ، ووضع الشجرة التي نفرح كثيراً عند تزيينها بالألوان والإضاءة ، وسماع الترانيم الخاصة بالكريسماس «.
وأضافت :» أحب سانتا الذي يأتي ويجلب معه الفرح لجميع الأطفال ، وحاملاً في كيسه الأحمر الجميل الهدايا والسعادة للجميع ، وأتمنى السعادة لجميع الأطفال أينما كانوا».
أما «كرم غسان» 5 أعوام فقد عبر بفرحه بالكريسماس من خلال تزيين الشجرة قائلاًًَ:» أحب الكريسماس كثيراً لأننا نقوم بالاحتفال به جميعاً ، واحب تزيين الشجرة بالألوان خاصة وضع النجمة على رأسها لتضي السماء ، كما أننا نضع القطار حولها «.
وأضاف :» أحب زيارة سانتا الذي يزورنا مرة واحدة كل سنة ، ويحضر لنا الهدايا والألعاب الجميلة التي نتمناها ، وعادة نضع الأوراق الملونة تحت الشجرة ليلة العيد ، ونكتب فيها ما نحب من هدايا وعند قدوم الصباح نرى الهدايا الجميلة أسفل الشجرة «. 
كما تحدثنا مع أصحاب محلات أحدهما لبيع الحلوى والشوكولاته ، والآخر لبيع الهدايا ، لمعرفة الإقبال على هذه الأشياء من قبل الطوائف المسيحية . 

شوكولاتة خاصة بالعيد 
صاحب محلات «البوشية» «عمار عبد الهادي» قال :» نبيع في المحل شوكولاته خاصة بالكريسماس من حيث اللون والطعم ، فالناس يتهادون بالشوكولاته في العيد ، وأيضاً يوجد لدينا هدايا وزينة خاصة بالكريسماس ، ولكن نختص في البوشية بشوكولاته أعياد الميلاد ، وتوجد هناك حركة كبيرة من قبل الزبائن ، منذ الآن ، والمبيعات مناسبة «.
وأضاف:» نقوم بعمل حبات الشوكولاته المغلفة بغلاف خاص بعيد «الكريسماس» ، أو حبات شوكولاته على شكل أجراس وبألوان الأبيض والأخضر والأحمر ، وهناك شوكولاته على شكل «السانتا كلوز» لتكون مميزة يتهادونها فيما بينهم « .
=بيع الهدايا قبل العيد .
صاحب أحد محلات بيع هدايا الكريسماس وأعياد الميلاد «هاني مصاروة» قال :» نبدأ ببيع الهدايا والزينة قبل العيد بوقت قصير ، فهناك نسبة 50% من الأشخاص يشترون الهدايا قبل العيد ، للتجهيز وتفادي عدم انتهاء الكمية عند العيد ، وفيما يخص تغليف الهدايا فبعض الزبائن يطلب أن نغلف له الهدية المطلوبة ، أما البعض الآخر فياخذها ويقوم بتغليفها لوحده ، وتختلف الهدية حسب الشخص المهداة له «.
وأضاف : «فيما يتعلق بزينة الأشجار ، فالزبائن يأخذون الأشجار مغلفة لوضعها بالسيارة ، ويشترون كامل زينتها ويقومون بتزيينها في المنزل ، لذا تجد الإقبال على الزينة أكثر من الهدايا ، وهذا المحل مختص بالعمل طوال العام من أجل «الكريسماس» ويشهد إقبالاً كبيراً من قبل الطوائف المسيحية ، وقد تجد اقبالاً ليس بالكثير من قبل المسلمين لشراء الهدايا لأصدقائهم «.

بداية إعلان ولادة المسيح 
وتحدثنا مع أخصائي جراحة النسائية والتوليد والعقم الدكتور «كميل فرام» حول العيد والهدايا فقال :» العيد بالنسبة للطوائف المسيحية هو بداية إعلان ولادة المسيح ، فهذه البداية أسست للحياة المسيحية ، تاريخياً لا نعلم هل كان العيد في 25 ديسمبر أم لا ، ولكن تم الإتفاق فيما بعد على الإحتفال في 25 ديسمبر ، وهو في الغالب فصل الثلج ، لذلك وعند تزيين الشجرة والمغارة نضع حولها القطن في دلالة على الثلج «. 

 هدايا الصغار والكبار 
وأضاف :» الإحتفال بولادة المسيح هو الإحتفال الأبرز وعلى ضوئه تم هذا التقليد السنوي وما نسميه «العيد الصغير» وهو بداية الحياة المسيحية ، وخلال العيد نتبادل الهدايا ، هدايا الأطفال من خلال «بابا نويل» ذي اللحية البيضاء وهو متواجد لغاية الآن ويأتي مساء 24 بعكازته المشهورة ، وكيس يضع فيه الحلو والأحذية والهدايا للأطفال ، فيقوم بابا نويل بإعطاء الأبناء الهدايا التي قمنا باعطائه اياها ، ومن الممكن أن يأتي بابا نويل والأطفال نائمون ، ويضع لهم ما يتمنونه من هدايا ، وعند استيقاظهم يتفاجئون بتحقيق أمنيتهم «.
وفيما يخص معايدة الكبار قال فرام :» نقوم نحن الرجال بزيارة أخواتنا المتزوجات للمعايدة عليهن ، إما معايدة نقدية أو من خلال حلويات خاصة بالعيد ، كالشوكولاته و»الكوكيز» على شكل شجرة أو جرس ، وبألوان الأخضر والفضي والأحمر ، حيث انها ألوان شجرة الكريسماس ،وقد تتكرر نفس الزينة وتبقى لسنة أو سنتين ولكن نقوم باضافة ما هو جديد «.

التزيين للعيد 
وفي الحديث مع إحدى الأسر من الطوائف المسيحية للتحدث عن العيد قالت «أم منصور» : نقوم قبل العيد بأسبوع بتزيين شجرة العيد ، ووضع المغارة حيث تحتوي على تماثيل للمسيح وهو نائم في المهد ، وحوله ستنا مريم ، وسيدنا ابراهيم ، والمجوس جميعهم ، وقبل العيد بيوم نقوم بعمل حفلة ، ويأتي بابا نويل لتوزيع الهدايا للأطفال «. 

إلى ماذا ترمز المغارة ؟ 
في قادم الايام، ها العيد يقترب وها الترانيم والتراتيل تتعالى:
ليلة عيد.
ليلة عيد. 
الليلة ليلة عيد 
زينة وناس صوت جراس عم بترن بعيد 
ليلة عيد ليلة عيد الليلة ليلة عيد 
صوت ولاد تياب جداد وبكرا الحب جديد 
عم يتلاقوا الأصحاب 
بهديي خلف الباب 
في سجرة بالدار 
ويدوروا ولاد صغار 
والسجرة صارت عيد 
والعيد اسوارة بأيد 
والأيد تعلق عالسجرة 
غنيي وعناقيد 
يا مغارة كلا بيوت 
تلمع متل الياقوت 
كيف جبتي عالدار 
تلج شرايط وقمار 
مين اللي جاي بعيد 
عم بيرش مواعيد 
يدق بواب الناس ويمشي 
والخير علينا يزيد
أبو منصور قال :» المغارة ترمز إلى ولادة المسيح ، فهو ولد في مغارة في بيت لحم ، وكان حوله الخرفان والرعاة فالمكان كان متواضعاً جدا ، أما المجوس فكانوا متواجدين للتأكد من ميلاد المسيح ، وقديماً أجدادي كانوا يقومون بزرع العدس والقمح في أطباق دلالة على أنها مغارة وحولها خرفان ترعى الزرع ،ولكن الجيل الحالي لا يقوم بهذا العمل ، وفيما يخص الطعام فبالغرب يقومون أكثر شي بطبخ الديك الرومي ، ولكن هنا بسبب غلاء أسعاره قد نقوم بعمل المنسف أو الدجاج المحشي «.

 الألفة والتعايش
والطابع المميز في الأردن في أعياد المسلمين والطوائف المسيحية هو مشاركة كل منهم للآخر في أعياده ، فيضفي جواً من الألفة والمحبة والمشاركة الجميلة والتعايش الرحيم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com