الخميس، 7 يونيو 2012

تدريس الأبناء: خلاف في تحمل المسؤولية بين الأهل والمعلم




منى أبو صبح

عمان- يشكل موضوع تدريس الأبناء خلافا حادا بين الموظفة فداء السلمان (35 عاما)، وزوجها الذي يتنصل دائما من هذه المسؤولية، ويوكل لزوجته مهام تدريس أولاده الثلاثة الذين يدرسون في مراحل مختلفة من التعليم، فالابنة الكبرى في الصف الخامس، والطفلان الصغيران في الأول والروضة.
تحاول الزوجة وبكافة الطرق والأساليب اشراك زوجها بهذه المهمة، وعلى الأقل مراجعة دروس الصغيرين، فيما هي تتابع تدريس الابنة الكبرى، ولكنه يرفض ذلك وبشدة متذرعا بأنه ليس لديه "طولة بال في التدريس".
وتعبر السلمان، عن استيائها من هذا الأمر، لأنها لا تمتلك الوقت الكافي لتدريس ابنتها، وتنتظرها أعمال كثيرة في المنزل عند عودتها من العمل، "كما أن ابنتي لا تتعاون معي بتحضير الدروس أو المراجعة، وتعتمد كليا على جهودي، ما يزيد الأعباء عليّ"، وفق ما تقول.
وتعتبر أم رأفت أن تدريس الأب للأبناء أفضل بكثير من الأم، كونه يجعلهم أكثر تركيزا، "وخاصة أن الابن يعمل ألف حساب لوالده، ويخشى غضبه وعصبيته، في حين تظل الأم أكثر تساهلا مع أبنائها"، بحسب ما ترى.
"أغلب الأزواج لا يبدون استعدادهم للتعاون مع المرأة في تدريس الأبناء، وزوجي أحدهم"، وفق أم رأفت، مؤكدة أنها تتابع تدريس أبنائها، وتشعر بالقلق الشديد عليهم أثناء الامتحانات، وتصل إلى مرحلة تبدي سعادتها بنجاحهم، وتحزن إذا لم يحصلوا على نتائج طيبة بعد عناء التدريس.
ويضع أبو عادل، المسؤولية على عاتق المدرسة والمعلمين، حيث يلمس ذلك بوضوح عند عودة أبنائه من المدرسة، ويبادرهم ببعض الأسئلة من المواد الدراسية، فيقوم بشرحها من جديد حتى تترسخ في عقولهم، مستغربا من الوضع الذي وصل إليه التعليم،" فقد كنا في السابق نعتمد على أنفسنا في الدراسة، ونفهم المنهاج في المدرسة"، بحسب ما يقول.
ويؤكد أن أطفاله متفوقون في تحصيلهم العلمي، لأنه يتابعهم في المنزل ويحرص على مراجعة دروسهم باستمرار، متابعا حديثه "لو تركت المهمة في تدريسهم لوالدتهم، كونها تسايرهم وتدللهم، أو للمدرسة وحدها لما حققوا هذه النجاحات".
ترى الاختصاصية الأسرية نجوى عارف، أن الواجبات المدرسية تعد من أكبر مسببات المشاكل الزوجية، فهي عبء كبير على الأم، لأنها تسبب ضغوطا عليها، وإذا فشل الطفل في المدرسة فتعد نفسها هي الفاشلة، والعكس صحيح، بالنسبة أيضا إلى الزوج.
"وتعاني الكثير من الأمهات من كثرة الجهد المطلوب منهن في متابعة تعليم أطفالهن، فهن لا يملكن الوقت الكافي، وإذا كان لدى الأم أكثر من طفل فان تدريسهم يحول غرفة المعيشة لقاعة دراسية"، وفق ما تقول.
وتشير إلى أن أي تقصير من قبل الطالب، فإن الأم توضع تحت المجهر من قبل الزوج، وكذلك من المدرسة التي تشتكي في أحيان كثيرة إذا قصر الطالب في دروسه وتستدعي ولي الأمر، وبنفس الوقت ليس لديهم استعداد لمساعدة الطالب لهذه النتيجة أو محاولة فهمها.
وترى عارف أن الام تقوم بمساعدة طفلها أثناء دروسه، ومتابعة واجباته المدرسية، وكذلك أيام الامتحانات، وتقوم بعمل الأبحاث والنشاطات، فيما كان المعلم في السابق لا يغادر صفه إلا عند فهم الطلبة للمواد.
ولا تخفي أن الأسر تسعى لحصول ابنائها على معدلات مرتفعة وخاصة الآن مع كثرة المنافسة، لذلك تجد أن الأم تحرص على تعليم طفلها، وكذلك عليها أن تعلم طفلها تحمل المسؤولية في دراسته، وخاصة لفترة الصف السادس، "فهذه الاتكالية سيتبعها لاحقا في جميع مناحي الحياة"، بحسب ما تقول.
تثني الطالبة في الصف السادس منال الجيوسي، على والدتها التي تتابع دروسها باستمرار،مبينة أن والدتها تتابع دراستها في البيت، وتساعدها في حل الواجبات، وعندما يصعب الأمر عليها تستعين بالدروس الخصوصية خصوصا في الامتحانات النهائية.
"لقد وصلت إلى مرحلة لا أستطيع فيها الدراسة دون مساعدة والدتي"، حسب قولها، مؤكدة أنها لا تتقبل أبدا فكرة تدريس والدها لها، لأنه لا يبدي استعداده للأمر، ويتذمر كثيرا عند إلقاء مهمة تدريس مادة الحاسوب إليه كون دراسته في هذا المجال.
ويشكو الطالب في الصف الخامس فؤاد مسلم، من أسلوب والده في التدريس، "فوالدي رجل شديد وصارم، وإذا لم استجب له في فهم المادة ربما يضربني، أو يوبخني ويرمي الكتاب"، لذلك تجده يفضل أن يدرس بمفرده دون مساعدة من والديه.
وتشير المعلمة في إحدى المدارس الخاصة ياسمين حمدان، إلى أهمية ودور أولياء الأمور في تعليم أولادهم الطلبة على تحمل المسؤولية منذ الصغر، والاعتماد على أنفسهم في الدراسة، معتبرا أنه من الخطأ الكبير أن لا يدرس الطالب إلا بوجود أحد الوالدين.
وترى أن الأم يمكنها تعليم طفلها منذ البداية كيفية تحضير ومراجعة المتطلبات الدراسية، فيمكن أن تتابعه للصفين الثالث أو الرابع، وبعدها يتابع بنفسه ويلجأ للوالدين، أو إلى المعلم لإيضاح الصعوبات فقط.
وتؤكد المعلمة في إحدى المدارس الخاصة ميسر العموش، أن الطالب المجتهد يستطيع فهم المواد من معلميه في المدرسة، مشيرة إلى وجود تفاوت بين الطلبة في القدرة على الاستيعاب، فهناك طالب مجتهد وآخر متوسط، وثالث ضعيف.
وللتغلب على الضعف الصفي بين الطلبة تعقد المدرسة دروسا للتقوية للطلبة الضعاف، ويتم ذلك خلال أوقات الفراغ، أو يوم السبت، حيث يتم إبلاغ الأهالي أن المدرسة تعمل دروسا اضافية لتقوية الطلبة، وللأسف فإن غالبية الطلبة الضعيفين في تحصيلهم العلمي لا يحضرون.
يشير الاختصاصي النفسي خليل أبو زناد، إلى أن الطلبة في ظل الحياة العصرية يميلون للتنزه واللعب والجلوس أمام جهاز الحاسوب، ويتكل الطالب على والديه في متابعة الواجبات المدرسية والتهيئة للامتحانات.
ويوضح أنه في الغالب تقع هذه المسؤولية على عاتق الأم وحدها، لأنها تعرف المنهاج وتقوم بتحضير الدروس لطفلها، مفضلا أن تتم متابعة الأهل للطالب إلى سن معينة، يتعلم فيها الأساسيات وأساليب الدراسة الصحيحة.
ويؤكد أبو زناد، وجود العديد من المشاكل الأسرية التي تنشأ بسبب متابعة الأطفال لدروسهم اليومية، لكن الأم تصاب أكثر من غيرها بحالة نفسية من كثرة متابعتها، ومسؤولياتها الأخرى في المنزل، فقد تقوم بتدليل الأطفال وبنفس الوقت متابعة دروسهم، وفي كلتا الحالتين تبذل جهودا كبيرة يمكن أن تؤثر على صحتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com