الجمعة، 6 ديسمبر 2013

خريطة البروج الفلكية بين الحقيقة والخيال

صورة

د. عميش يوسف عميش - علم الأبراج «Horoscopy» مبني على فكرة «Horoscope» وهي البرج الفلكي وجمعها بروج (أي من أقسام دائرة البروج الإثنى عشر) ، وهي رسم للسماء كان المنجمون يستعملونه لكشف الطوالع ، أي ما يتفاءل المنجمون به الحظ ، وله علاقة بعلم التنجيم (Astrology) وكذلك بعلم الفلك (Astronomy) .
 إن علم الأبراج مبني على فكرة رسم خريطة البروج مواقع الأجرام السماوية الدائرة حول الشمس أو النجوم «وعددها 12» . لقد استخدم المنجمون ذلك في تحليل طبيعة الأشخاص والتنبؤ بالأحداث التي قد تصيب المرء بحسب تاريخ مولده، وهو ما يسمى بالتكهّن أي التنجيم .
 إن موضوع دراسة الأبراج يقع ضمن الممارسات ،غير التقليدية التي كان العرب وأمم أخرى ولا زالوا يمارسونها مثل: فتح البخت ، والودع ، وقراءة الكف ، والفنجان ، والتأمل ، والتمائم وغيرها .
ولقد كان تاريخ الحضارة العربية الإسلامية غنياً بالعلماء الذين كانوا يتقنون العلوم بمختلف فروعها كالطب والكيمياء والرياضيات ، بالإضافة إلى الفلسفة وعلم النجوم . وكان لعلم النجوم مدلول فلسفي وليس مجرد هواية، بل كان مشهوراً وجزءاً هاماً من العلوم في عراقته، رغم قلة الأدوات والأساليب لمعرفة النجوم، مقارنة بالألفية الثالثة بعد أن استطاع الإنسان أن يرصد معظمها وتطأ أقدامه أرض القمر، ويرسل المركبات إلى المريخ .
إن علم الأبراج قد يدل أو يرمز إلى أمور كثيرة منها : الثأر، الحسد، العداء، عدم الرضى، السخط، النقمة، التفاؤل، التشاؤم، الشعور بالثقة، وتوقع حدوث شيء ما مثل السفر، أو الحصول على ثروة . كما أن المنجمين يدّعون بأنهم وبواسطة تحليلاتهم للأبراج يستطيعون معرفة الوضع الاجتماعي والنفسي والصحي للشخص. كذلك يزعمون بأنهم يعرفون السنوات التي سوف يعيشها الشخص. أما الغريب في هذا الموضوع أن الكثيرين يعيشون حياتهم اليومية ويرتبونها ويتصرفون على أساس حسابات الأبراج وتوقعاتها التي يقوم المدّعون بإقناعهم بأنها ستحدث. 
لذا فالمؤمنين بتوقعات الأبراج قد يصابون بالقلق والحزن وربما الهلع إذا كانت التوقعات سيئة، مثـل حـدوث مرض يـحل بهم، ولذا فإنه يصبح هاجساً يقلقهم ويشعرهم بشعور الاضطهاد. وإذا لم يحدث شيئاً فهناك تفسيرات جاهزة تُعطى للشخص المعني، وفي الحالتين فإن القناعة هي الحل وأن توقعات الأبراج لا تناقش. لقد حدثني صديق بأن أخواله الأربعة قد ماتوا في عمر متوسط وكل واحد منهم مات في شهر شبـاط، وتوقعت له الأبراج موت والدته في نفس الشهر، والذي حدث أنها ماتت في سن الثمانين ولكن في شهر أيار. إن جميع الصحف تنشر «دليل الأبراج « في زاوية خاصة ، وفي كل عدد يقوم خبير الأبراج بتحليل مواليد كل برج من الأبراج الإثنى عشر. وقد أعطيت للأبراج أسماء (الحمل، الثور، الجوزاء، السرطان، الأسد، العذراء، الميزان، العقرب، القوس، الجدي، الدلو، الحوت). تصوروا 365 يوماً لتحليل كل شخص ولد في كل يوم من هذه الأيام وما هو مصيره، وهذا يشمل التحليل العاطفي والصحي والمالي ، وكل المشاكل التي سوف يواجهها ودرجة كل منها. كما لا ننسى أن الفضائيات تضع برنامجاً عن توقعات الأبراج مثل فضائية (LBC) قدمته ماجي فرح.
 إن ما يحدث للأشخاص الذين يؤمنون بالأبراج يجعلهم يفسرون الأشياء التي حولهم والأحداث اليومية التي تواجههم ، والناس الذين يختلطون معهم – تفسيراً مبنياً على الحظ، فإذا كان الحظ جيداً كان أولئك الناس مخلصين ، وإن كان الحظ سيء فالإخلاص غير متوفر لديهم .
 ونتذكر برنامج قدمته (مريم نور) على (New TV) حول الروحانيات ومسلسل التغذية وأصنافها خاصة تلك التي توصف لعلاج بعض الأمراض وشفاءها كمرض السرطان.
 ما يبعث على الغرابة وربما التسلية هو تصرف الأشخاص الذين يؤمنون بالأبراج حسب التوقعات، وعليه يتصرف أو ينتظر ما تفعله الأبراج بشخصه ومؤثراتها عليه وبالتالي يقبلها على أساس أنها شيء لا يناقش.
 لقد بني علم التنجيم في القدم على الأبراج الفلكية والأجرام السماوية، وكلها عالم من النموذج الأصلي المخفي، لكنه أيضاً يوحي ويلهم ويكشف الوجود الصحيح الذي خلفه والذي يقع كذلك فوق الكون، أي فوق (النظام المتناغم).
 إن توقعات الأبراج قد تكون في أحيان كثيرة صحيحة لكنها ليست بالضرورة حقيقية ومسلم بها وتؤدي إلى التأثير في حياة الإنسان اليومية وتصرفاته الشخصية وتطلعاته وآماله . إن الموضوع بمجمله نوع من التكهن رغم أننا نعطيه كل هذه الأهمية الإعلامية.
 أعتقد أن توقعات الأبراج في المفهوم الصيني، قد بدأت منذ خمسة آلاف سنة تماماً بشكل مختلف، فلها حسابات معقدة وكل عام يتم اختيار طائر أو حيوان ليكون سمة تلك السنة ويفسر لكل الناس ما سوف يكون من التوقعات. مفهوم الأبراج في الحضارة العربية القديمة وعلاقته بعلم النجوم كان شيئاً آخر وله معاني عميقة تصل الإنسان على الأرض بنظام الكون المتناغم في السماء. ولقد قيل «كذب المنجمون ولو صدقوا» والله أعلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com