أ.د.عبدالسلام غيث
أستاذ الفيزياء والفلك
عضو الجمعية الفلكية الأردنية
ماهي المذنبات (Comets) ؟.هي أجرام سماوية تدور حول الشمس. وتتألف من رأس لامع يدعى النواة، ويظهر حول الرأس هالة وخلفه ذنب. وتعد المذنبات من مكونات المجموعة الشمسية التي تتألف من شمس وتسعة كواكب، هي:عطارد والزهرة والأرض والمريخ والمشتري وزحل وأورانوس ونبتون وبلوتو، إضافة إلى أقمار تدور حول الكواكب، وعدد هائل من الكويكبات تتواجد بين كوكبي المريخ والمشتري، وشهب ومذنبات وغبار كوني وغازات سائبة بين المكونات السابقة.
تاريخ المذنبات
المذنبات معروفة منذ القدم. وكانت معروفة بأنها ظواهر تحدث في الجو الأرضي، فأحيطت بدلالات خاصة من قبل المنجمين تدل على الخوف والرعب والشؤم. وكانت تعد مؤشراً ونذيراً لحدوث كوارث.
كان لظهور مذنب عقب وفاة يوليوس قيصر في عهد الرومان اعتقاد بأنه روح الإمبراطور. واعتقد الإنكليز أن ظهور مذنب عام 1066م قبل موت ملكهم هارولد الثاني كان السبب في موته في إحدى المعارك. واستمرت الاعتقادات السابقة حتى القرن السادس عشر الميلادي، حيث قام العديد من العلماء بدراسة المذنبات ومراقبتها. ومن أشهرهم الفلكي الإنكليزي إدموند هالي الذي جمع معلومات عن عدد من المذنبات ودرسها، وتبين له بأنها خاضعة لجاذبية الشمس وتدور حولها بمدارات بيضاوية(إهليلجية) ذات استطالة عالية جداً.
كما تبين له بأن المذنب الذي ظهر عام 1607م هو نفسه الذي ظهر عام 1682م ،وتنبأ بظهوره مرة أخرى عام 1758م. ولكن للأسف توفي هالي عام 1742م، أي قبل ظهور المذنب بحوالي 16 عاماً. وفعلاً ظهر المذنب بالموعد الذي تنبأ به هالي. وتكريماً له سمي المذنب بإسمه. ومن ذلك الحين والمذنبات تسمى بأسماء مكتشفيها أو بأسماء المراصد التي أعلنت اكتشافها.
أصل المذنبات
البعض يفسر أصل المذنبات بأنها من السديم الشمسي الذي تكونت منه المجموعة الشمسية، ولكن هذا السديم كوّن ما يسمى بسحابة أورت، وهي سحابة تحيط بالمجموعة الشمسية فكونت بلاييين الأنوية لمذنبات. ويعتقد بأن هذه الأنوية تكونت قبل ولادة الشمس. والمقصود بولادة الشمس أو أي نجم هو بدء التفاعلات النووية الإندماجية نتيجة الارتفاع الهائل للضغط والحرارة في الباطن. ويقدر الفلكيون قطر تلك السحابة التي كونت تلك المذنبات بحوالي 100,000 وحدة فلكية (الوحدة الفلكية هي المسافة بين الأرض والشمس وتساوي 150 مليون كيلومتر)
تركيب المذنبات
المذنبات اجرام سماوية تتألف من رأس(نواة) يتكون عادة من جسيمات صخرية(غبارية) مغطاة بالماء المتجمد والأمونيا والميثان وثاني أكسيد الكربون. ويصفها الفلكيون بأنها تشبه كرات الثلج الوسخة لتركيبها المتشابه.
رؤية المذنبات
بما أن المذنبات تسير حول الشمس بمسار بيضاوي(إهليلجي) ممطوط جداً. فإنها تكون بعيدة جداً عن الشمس عندما تكون في الأوج ، وقريبة جداً من الشمس عندما تكون في الحضيض. وباقتراب المذنب من الشمس فإنه يتأثر بحرارتها، فينطلق من سطحه الغبار والغازات المتبخرة على شكل هالة وذنب. وبزيادة اقتراب المذنب من الشمس يزداد تطاير الغازات والغبار فيزداد الذنب طولاً. والمذنبات غير مضيئة بذاتها وإنما تعكس أشعة الشمس الساقطةعليها. فكلما اقترب المذنب من الشمس ازدادت اضاءته، وازدادت إمكانية رؤيته بالعين المجردة. ويلاحظ الراصد للمذنبات أن الذنب يتجه دائماً باتجاه يبتعد عن الشمس، وذلك بسبب أن أشعة الشمس الساقطة على المذنب تحمل المادة الغبارية والغازات المتبخرة من سطحه بعيداً عنه باتجاه سير أشعة الشمس الساقطة عليه.
دورة المذنبات
تتحرك المذنبات في نوعين من المدارات. المدار المغلق، وفيه تسير المذنبات في فلك بيضاوي ممطوط جداً بحيث تكون الشمس في إحدى بؤرتيه، ولا ترى المذنبات من الأرض إلا عندما تصبح على أقرب مسافة من الشمس. وأشهر هذه المذنبات مذنب هالي الذي تبلغ دورته حول الشمس 76سنة، وبالتالي يظهر لنا مرة كل 76 سنة، وقد كان آخر ظهور له عام 1986. ولأن الفلكيين قادرون على التنبؤ بمواعيد ظهور هذه المذنبات في سمائنا بسبب مدارها المغلق والمحدد حول الشمس، فقد أطلقوا عليها إسم المذنبات الدورية. أما النوع الآخر من المدارات فيعرف بالمدار المفتوح، وفيه تتحرك المذنبات بمدار غيرمغلق، وهذه المذنبات تقترب من الشمس مرة واحدة ولا ترجع أبداً، بل تندفع في الفضاء إلى غير رجعة، ولذلك تعرف بالمذنبات غير الدورية.
عمر المذنبات
بسبب فقدان المذنب لبعض مادته أثناء اقترابه من الشمس نتيجة للتبخر، فإن المذنبات لا تبقى إلى الأبد. ففي كل دورة للمذنب حول الشمس يخسر جزءاً من مادته، إلى أن تتلاشى نواته بالكامل، وبالتالى يتلاشى المذنب.
خطر المذنبات
تبقى المذنبات تسير في أفلاكها حول الشمس ما دامت لا تتأثر بجاذبية جرم سماوي آخر غير الشمس. فإذا أثر جرم سماوي بجاذبيته على مذنب أثناء سيره بسبب قربه من ذلك الجرم السماوي فإنه يغير مساره، وقد يصطدم به أو بجرم سماوي آخر كالأرض. وهذا ما حدث في عام 1994 لمذنب شهير يدعى شوميكر- ليفي ، عندما تأثر بجاذبية كوكب المشتري فحرف مساره واصطدم به، فكان حدثاً فلكياً هاماً لعلماء الفلك لدراسته. وهناك اعتقاد باصطدام مذنب قبل حوالي 65 مليون سنة بالأرض سبب اختفاء الديناصورات.
(Pan-STARRS)
المذنب الجديد بان ستارز
لم يكن المذنب بان ستارز معروفاً قبل عام 2011. فالمذنبات التى ترى بواسطة التلسكوب عددها هائل جداً. والمذنب الشهيرالذي يرى بوضوح بالعين المجرة هو مذنب هالي. إلا أن رؤية مذنب هالي تتكرر كل 76 عاماً، وكان آخر ظهور له عام 1986، وسيعود للظهور عام 2062م.
« بان ستارز « اكتشف في حزيران 2011م بواسطة منظومة تلسكوب بان ستارز الموجود في جزر الهاواي الأمريكية. وكذلك الحال مع مذنب هيل-بوب الذي اكتشف بطريق الصدفة بواسطة تلسكوب عام1995، وكان الحدث مثيراً، حيث شاهده سكان الأرض بالعين المجردة بعد عامين من اكتشافه عند اقترابه من الشمس.
أما المذنب بان ستارز فقد دلت الدراسات الفلكية بأنه سيكون بوضع أقرب ما يمكن من الشمس في العاشر من الشهر الجاري، ويتوقع مشاهدته بالعين المجردة بوضوح ولعدة أيام جهة الغرب بعد غروب الشمس بحولي نصف ساعة ، وسيمكث المذنب فوق الأفق لمدة ساعة تقريباً بعد غروب الشمس، وسيشاهد قريباً من القمر مساء يوم الثلاثاء بتاريخ 12 من الشهر الجاري، ويمكن مشاهدته ليلياً حتى نهاية الشهرالحالي. وليس بالإمكان مشاهدة هذا المذنب مرة أخرى، لأن الدراسات الفلكية دلت بأن دورته حول الشمس تستغرق حوالي 110,000سنة.
عزيزي القارئ
نظراً لأن فرصة مشاهدة المذنبات بالعين المجردة نادرة جداً، وإمكانية مشاهدة هذا الحدث الفلكي الهام من مكان سكنك، فندعوك لمشاهدة هذا المذنب بعد غروب الشمس جهة الغرب، فسترى جرماً سماوياً لامعاً تحسبه للوهلة الأولى نجماً، ولكنه بالحقيقة المذنب بان ستارز. فسيبدو كبقعة غبشاء حولها هالة مضيئة وخلفها ذيل يتجه بعيداً عن الشمس. وبازدياد الظلام تتحسن رؤيته، إلا أنه سيغيب وقت العشاء. ويفضل رصده من مكان بعيد عن أضواء المدينة ، ويمكنك استخدام المنظار لرؤية تفاصيل المذنب بشكل أدق. فإذا لم يحالفك الحظ لرؤيته بسبب سوء الأحوال الجوية لليلة ما فانتظر لليلة أخرى. فمشاهدته ممكنة لعدة أيام، وهي فرصة لترى مذنباً بالعين المجردة، يختلف في ملامحه عن بقية الأجرام السماوية التي تراها في صفحة السماء. قال تعالى
«قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِى السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضِ»
الأربعاء، 6 مارس 2013
ما يهمك معرفته عن المذنبات : المذنب بان ستارز
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق