سامح المحاريق - تعني كلمة لائق صحيا التي توضع على بعض المعاملات الرسمية أن الشخص الذي يحمل هذه الصفة يعتبر قادرا على أداء أعمال معينة، وأنه غير مصاب بأمراض خطيرة أو معدية، ولكنها لا تعني أنه لا يحمل أمراضا مزمنة أو بسيطة، كما أنه تصف حالة هذا الشخص في فترة وجيزة، فلا توجد حصانة ضد المرض.
التفاعل ضمن البيئه
نفس الأمر ينطبق على مقولة لائق نفسيا، فذلك يعني أن الشخص لا يعاني في هذه المرحلة من مشاكل نفسية تعيقه عن أداء أعماله أو التفاعل ضمن بيئته الاجتماعية والمهنية، ولكن لا تعني مطلقا، أن الشخص نفسه، لا يعاني من أية متاعب نفسية يمكن أن تصنف كأمراض نفسية، أو هي مرشحة للتطور إلى ذلك التصنيف.
على الرغم من أن المقارنة واضحة، إلا أن الذهاب إلى الطبيب النفسي مسألة تتطلب كثيرا من الوقت لاتخاذ القرار من قبل معظم الناس، بينما مسألة مراجعة طبيب الأنف والأذن أو العيون أو الجلدية، مسألة لا تحتاج إلى قرار تقريبا، وتكاد تكون مسألة تلقائية أو آلية، فالناس يهرعون إلى الطبيب في حالة انتشرت بثور حمراء على وجوههم أو أطرافهم، ولا يفعلون ذلك، إلا بعد تردد ومشاورات مع المقربين جدا، في حال كانت هذه البثور نفسية أو عاطفية.
البثور النفسية
كما يمكن أن تتطور البثور على الجلد إلى مرض خطير في حالة تأجيل مراجعة الطبيب، يمكن أن تتطور البثور النفسية مثل الضيق أو التشاؤم أو الخوف إلى أمراض خطيرة وأزمات صعبة، إذا تم التأجيل في قرار مراجعة الطبيب النفسي.
لماذا الخوف من عيادة الطب النفسي؟ لأننا مجتمعات تعاني من مشكلة الخجل وتعتبر الشكوى ضعفا، وتحاول أن تبدي التماسك بينما هي مسكونة بالهشاشة والتصدع، ولأن المريض النفسي في تراثنا عادة ما ارتبط بممارسات النبذ والاقصاء الاجتماعي، فالمجذوب، وهو الشخص الذي يسير في الشوارع في ملابس رثة ويتحدث مع نفسه، هو الصورة التي نحملها عن المرضى النفسيين، علما بوجود مرضى نفسيين حكموا العالم وكانوا على قدر كبير من السيطرة والتماسك الظاهري، هتلر مريض نفسي، وكذلك ستالين، ولو أنهم راجعوا طبيبا نفسيا جيدا في شبابهم لم يكن العالم ليصل إلى المصائر التي دفعوه اليها.
الزكام مرض، وكذلك السرطان، والمرض يعني وجود حالة خلل في أجهزة الجسم ووظائفه، ولا يوجد أي شخص لم يمرض في حياته، وكان العلاج يأتي عن طريق مناعته الذاتية، أو عن طريق بعض الأدوية التي تبدأ من حبة الإسبرين لتصل إلى إبرة العلاج الكيميائي، والمرض النفسي يعني وجود خلل في الوظائف النفسية للإنسان، وهي تتدرج من الخلل الذي يمكن وصفه بالزكام، إلى الخلل السرطاني.
حلول لمشاكل العالم النفسية
العالم يبحث عن حلول لمشاكله النفسية، أحيانا تجدي الحياة الروحية والمعتقدات الدينية في تحقيق العزاء النفسي إلى حد ما، وهي في ذلك تشبه المناعة، ولكن المرض في حالة إهماله لفترات طويلة، يطور آليات تجعله يتغلب على المناعة، وهذه هي الآلية التي تجري في النفس الإنسانية، كما أن المرحلة العمرية التي يعيشها الإنسان تعمل على صوغ جزء من مناعته النفسية، فمرحلة النضوج يفترض أنها تتصف بمناعة نفسية عالية تعتمد على الإحساس بالمسؤولية، ولكنها في الوقت نفسه تتسم بصراع نفسي قائم على قمع المشاعر السلبية للاحتفاظ بالقدرة على ضبط الايقاع العام للحياة من أجل استكمال طريق التعامل مع المسؤوليات الاجتماعية والأسرية، ولكن، المرحلة التالية، تكون عادة مرحلة التساقط المفاجئ لكثيرين، ولأننا كشرقيين لا نسعى إلى تفهم النفس أو قراءتها بصورة جيدة، فإننا نشاهد المسنين بيننا وهم يرزحون تحت وطأة متاعب نفسية كبيرة ومؤثرة، بينما المسنون في دول أخرى يحصلون على حياة جيدة في شروطها ومواصفاتها لدرجة أنهم يعتبرون أن الحياة تبدأ بعد الستين.
هذه ليست دعوة لزيارة الطبيب النفسي إذا لزم الأمر، إنها أكثر من ذلك، فكتب الدعم النفسي الجيدة أصبحت متوافرة باللغة العربية، وفيها مجموعة من التقنيات الفاعلة في حالة وجد بعض الإرشاد النفسي المناسب، والمرشد النفسي وظيفة يجب أن تتوفر في المدارس والجامعات وأماكن العمل الكبيرة، وليس بالضرورة أن تتخذ صفة المركز النفسي المتخصص الذي يعالج جميع أنواع الأمراض فيصبح مكانا أحيانا لانتقال العدوى في حالة عدم وجود الحذر الكافي، ولكن يمكن أن تكون هذه المراكز الإرشادية بمثابة مراكز متخصصة في مشاكل الطفولة أو المراهقة أو الشيخوخة.
يحتاج ذلك إلى وجود أعداد كبيرة من المختصين المؤهلين علميا ومهنيا، والمفارقة، أن كثيرا ممن درسوا علم النفس والإرشاد النفسي متعطلون عن العمل أو يعملون في وظائف أخرى لا تمت لدراستهم بصلة، ولكن مجرد حيازة الشهادة الجامعية في هذه التخصصات لا تكفي دائما إلى ممارسة الإرشاد والدعم النفسي، ويجب أن توجد جهة متخصصة تحمل مشروعا متكاملا، والأهم من ذلك، قناعة مجتمعية بضرورة ذلك، وتقدير لفكرة المرض النفسي الذي لا يستثني أحدا على الإطلاق.
لا يحمل ما يعيب
يخضع بعض الزملاء الإعلاميين في بلد شقيق للمحاكمة حاليا لأنهم ذكروا أن الرئيس في ذلك البلد مريض نفسيا، ومع أن ذلك لا يحمل ما يعيب، ولا يمكن أن يعدو القول بأن الرئيس مصاب بالسكري أو ارتفاع ضغط الدم.
مع أن ذلك لا يعني أنه ليس لائقا نفسيا، ويمكنه أن يكون أكثر لياقة لو تغلب على مشكلة نفسية ما؛ في مجتمعاتنا الشرقية يصبح المرض النفسي سبة أو إهانة، مع أنه المرض الذي يمكن أن يتحمل مسؤولية الكثير من وضعنا العام والحضاري والإنساني، ويجب أن نواجهه بشجاعة، أو أن نستسلم له وهو ينخرنا بصمت وبطء
التفاعل ضمن البيئه
نفس الأمر ينطبق على مقولة لائق نفسيا، فذلك يعني أن الشخص لا يعاني في هذه المرحلة من مشاكل نفسية تعيقه عن أداء أعماله أو التفاعل ضمن بيئته الاجتماعية والمهنية، ولكن لا تعني مطلقا، أن الشخص نفسه، لا يعاني من أية متاعب نفسية يمكن أن تصنف كأمراض نفسية، أو هي مرشحة للتطور إلى ذلك التصنيف.
على الرغم من أن المقارنة واضحة، إلا أن الذهاب إلى الطبيب النفسي مسألة تتطلب كثيرا من الوقت لاتخاذ القرار من قبل معظم الناس، بينما مسألة مراجعة طبيب الأنف والأذن أو العيون أو الجلدية، مسألة لا تحتاج إلى قرار تقريبا، وتكاد تكون مسألة تلقائية أو آلية، فالناس يهرعون إلى الطبيب في حالة انتشرت بثور حمراء على وجوههم أو أطرافهم، ولا يفعلون ذلك، إلا بعد تردد ومشاورات مع المقربين جدا، في حال كانت هذه البثور نفسية أو عاطفية.
البثور النفسية
كما يمكن أن تتطور البثور على الجلد إلى مرض خطير في حالة تأجيل مراجعة الطبيب، يمكن أن تتطور البثور النفسية مثل الضيق أو التشاؤم أو الخوف إلى أمراض خطيرة وأزمات صعبة، إذا تم التأجيل في قرار مراجعة الطبيب النفسي.
لماذا الخوف من عيادة الطب النفسي؟ لأننا مجتمعات تعاني من مشكلة الخجل وتعتبر الشكوى ضعفا، وتحاول أن تبدي التماسك بينما هي مسكونة بالهشاشة والتصدع، ولأن المريض النفسي في تراثنا عادة ما ارتبط بممارسات النبذ والاقصاء الاجتماعي، فالمجذوب، وهو الشخص الذي يسير في الشوارع في ملابس رثة ويتحدث مع نفسه، هو الصورة التي نحملها عن المرضى النفسيين، علما بوجود مرضى نفسيين حكموا العالم وكانوا على قدر كبير من السيطرة والتماسك الظاهري، هتلر مريض نفسي، وكذلك ستالين، ولو أنهم راجعوا طبيبا نفسيا جيدا في شبابهم لم يكن العالم ليصل إلى المصائر التي دفعوه اليها.
الزكام مرض، وكذلك السرطان، والمرض يعني وجود حالة خلل في أجهزة الجسم ووظائفه، ولا يوجد أي شخص لم يمرض في حياته، وكان العلاج يأتي عن طريق مناعته الذاتية، أو عن طريق بعض الأدوية التي تبدأ من حبة الإسبرين لتصل إلى إبرة العلاج الكيميائي، والمرض النفسي يعني وجود خلل في الوظائف النفسية للإنسان، وهي تتدرج من الخلل الذي يمكن وصفه بالزكام، إلى الخلل السرطاني.
حلول لمشاكل العالم النفسية
العالم يبحث عن حلول لمشاكله النفسية، أحيانا تجدي الحياة الروحية والمعتقدات الدينية في تحقيق العزاء النفسي إلى حد ما، وهي في ذلك تشبه المناعة، ولكن المرض في حالة إهماله لفترات طويلة، يطور آليات تجعله يتغلب على المناعة، وهذه هي الآلية التي تجري في النفس الإنسانية، كما أن المرحلة العمرية التي يعيشها الإنسان تعمل على صوغ جزء من مناعته النفسية، فمرحلة النضوج يفترض أنها تتصف بمناعة نفسية عالية تعتمد على الإحساس بالمسؤولية، ولكنها في الوقت نفسه تتسم بصراع نفسي قائم على قمع المشاعر السلبية للاحتفاظ بالقدرة على ضبط الايقاع العام للحياة من أجل استكمال طريق التعامل مع المسؤوليات الاجتماعية والأسرية، ولكن، المرحلة التالية، تكون عادة مرحلة التساقط المفاجئ لكثيرين، ولأننا كشرقيين لا نسعى إلى تفهم النفس أو قراءتها بصورة جيدة، فإننا نشاهد المسنين بيننا وهم يرزحون تحت وطأة متاعب نفسية كبيرة ومؤثرة، بينما المسنون في دول أخرى يحصلون على حياة جيدة في شروطها ومواصفاتها لدرجة أنهم يعتبرون أن الحياة تبدأ بعد الستين.
هذه ليست دعوة لزيارة الطبيب النفسي إذا لزم الأمر، إنها أكثر من ذلك، فكتب الدعم النفسي الجيدة أصبحت متوافرة باللغة العربية، وفيها مجموعة من التقنيات الفاعلة في حالة وجد بعض الإرشاد النفسي المناسب، والمرشد النفسي وظيفة يجب أن تتوفر في المدارس والجامعات وأماكن العمل الكبيرة، وليس بالضرورة أن تتخذ صفة المركز النفسي المتخصص الذي يعالج جميع أنواع الأمراض فيصبح مكانا أحيانا لانتقال العدوى في حالة عدم وجود الحذر الكافي، ولكن يمكن أن تكون هذه المراكز الإرشادية بمثابة مراكز متخصصة في مشاكل الطفولة أو المراهقة أو الشيخوخة.
يحتاج ذلك إلى وجود أعداد كبيرة من المختصين المؤهلين علميا ومهنيا، والمفارقة، أن كثيرا ممن درسوا علم النفس والإرشاد النفسي متعطلون عن العمل أو يعملون في وظائف أخرى لا تمت لدراستهم بصلة، ولكن مجرد حيازة الشهادة الجامعية في هذه التخصصات لا تكفي دائما إلى ممارسة الإرشاد والدعم النفسي، ويجب أن توجد جهة متخصصة تحمل مشروعا متكاملا، والأهم من ذلك، قناعة مجتمعية بضرورة ذلك، وتقدير لفكرة المرض النفسي الذي لا يستثني أحدا على الإطلاق.
لا يحمل ما يعيب
يخضع بعض الزملاء الإعلاميين في بلد شقيق للمحاكمة حاليا لأنهم ذكروا أن الرئيس في ذلك البلد مريض نفسيا، ومع أن ذلك لا يحمل ما يعيب، ولا يمكن أن يعدو القول بأن الرئيس مصاب بالسكري أو ارتفاع ضغط الدم.
مع أن ذلك لا يعني أنه ليس لائقا نفسيا، ويمكنه أن يكون أكثر لياقة لو تغلب على مشكلة نفسية ما؛ في مجتمعاتنا الشرقية يصبح المرض النفسي سبة أو إهانة، مع أنه المرض الذي يمكن أن يتحمل مسؤولية الكثير من وضعنا العام والحضاري والإنساني، ويجب أن نواجهه بشجاعة، أو أن نستسلم له وهو ينخرنا بصمت وبطء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق