منى أبوحمور
عمان- استطاعت الأحداث المتتالية التي مر بها الوطن العربي مؤخرا منذ بداية الربيع العربي إلى سوء الأوضاع الاقتصادية التي تعاني منها المملكة مؤخرا، أن تلفت انتباه الأطفال وتوسع مداركهم، كما أنها استوقفتهم عند العديد من المواقف والمفردات التي ظهرت مؤخرا.
استفسارات وتساؤلات عديدة يطرحها عبدالكريم الجالودي (7 أعوام) حول ما يدور مؤخرا في المنطقة العربية بشكل عام والأردنية بشكل خاص، متوقفا عند الكثير من الأحداث والاسئلة التي تفاجأ بها من حوله.
ويقول "خروج كل الناس إلى الشارع خوفني"، مشيرا إلى أن تظاهر الناس مؤخرا لفت انتباهه وبشكل كبير، الأمر الذي جعله يبدأ بطرح العديد من الأسئلة منتظرا إجابات تمكّنه من فهم ما يدور حوله.
ويتابع "الأطفال تغيروا كثيرا وأصبحنا ملزمين بتوضيح الأمور لهم"، وفق ما يشير إليه الأربعيني مسلم حجازي الذي يقول إنه يتعرض إلى الكثير من التساؤلات من قبل أولاده الصغار، والتي تجبره على إعلامهم بما يدور من أحداث أو حتى محاولة إيصال الصورة لهم بطريقة سهلة ومبسطة.
ويبين حجازي أن الأطفال "لم يعودوا صغارا"، مؤكدا أن ما يمر به المجتمع من أحداث "جعلتهم يكبرون بسرعة".
بدورها تجد اختصاصية علم نفس الأطفال الدكتورة حنين جرار أن الطفل كطفل لم يتأثر بطريقة سلبية جراء ما يدور حوله من أحداث، بيد أن حالات القلق والتوتر والضغوطات التي يتعرض لها الأهالي تنعكس بصورة غير مباشرة على الاطفال.
ويأتي تأثر الأطفال، وفق جرار، من معاناة الأهالي وخوفهم من المستقبل وقلقهم الذي يترجم في كثير من الأحيان بصورة خلافات عائلية، قد تسبب نوعا من التوتر والشعور بعدم الأمان بين أفراد العائلة وتخلق نوعا من عدم الاستقرار والجو السلبي.
وتقول "استطاعت الأوضاع ان تترك تأثيرا إيجابيا على الأطفال"، حيث تعرفوا على أمور جديدة وفتحت أمامهم آفاق جديدة وأصبحوا كثيري الأسئلة عن الجغرافيا والأوضاع الاقتصادية.
إضراب المعلمين مؤخرا جعل الطالبة هلا الحياري تتساءل عن سبب غضب المعلمين "وزعلهم" من الطلاب والمدرسة، متخيلة أن رفضهم الذهاب إلى المدرسة يتعلق بهم.
الحياري كغيرها من الطلاب الذين غضبوا من تعطيل المدارس، خصوصا وأن الدنيا لم تثلج، لاسيما وأنهم اعتادوا أن تعطيل المدارس يكون لسوء الأحوال الجوية.
"إضرابات، اعتصامات، ارتفاع اسعار"، كلها مفاهيم جديدة أصبحت تتردد على ألسنة الأطفال الذين كبروا بعقولهم، في حين بقيت أجسامهم صغيرة وفق حجازي.
وبدوره يؤكد اختصاصي علم الاجتماع الأسري أحمد عبدالله، التأثير الكبير للظروف المحيطة على الأطفال وهو أمر إيجابي سواء كانت تلك الظروف غلاء، اعتصامات وإضرابا.
ويجد عبدالله أن هذه المتغيرات ممكن أن تحدث في أي مجتمع، لافتا إلى ضرورة استغلال هذه الظروف وإثراء لغتهم، حيث يتم تفهيمهم ما يدور حولهم من احداث وتقديمها لهم بمنطقهم بشكل تقريبي ومبسط.
ويفضل أن يشرح للطفل وفق عبدالله ما يدور من أحداث بعد أن يسأل عنها وليس قبل ذلك، مشيرا إلى أن سؤال الطفل يعد مؤشر انتباه وهو دليل على أنه قابل للاستقبال.
ويتابع "يمكن للأهل من خلال المراقبة معرفة كم المفاهيم والمفردات التي تدخل موسوعة الطفل"، مضيفا أن من الممكن أن تأخذ هذه المعطيات منحى سلبيا إذا وصلت الطفل موجزة ولم يتم الشرح له بشكل جيد.
ويرى عبدالله ضرورة تحويل الحدث الإيجابي إلى سلبي والسلبي إلى إيجابي يؤثر على الأطفال كثيرا"، حيث يعرضهم إلى الكثير من التوتر، مؤكدا أن البيت، المدرسة والمجتمع المدني كلها معا مسؤولة عن إيصال الصورة الصحيحة وتوضيحها للاطفال.
في حين تؤكد التربوية رولا أبو بكر التأثير الإيجابي الذي ألقاه الربيع العربي والأوضاع المحلية على الأطفال، حيث أصبح لديهم تغير في نظرتهم ونضج في تفكيرهم.
"أصبح لدى الأطفال وعي أكبر بالبلاد، الشعوب والحكام"، حيث أصبحوا يقدرون الغلاء وارتفاع الأسعار وأكثر شعورا مع الأهل وتعاطفا معهم في ظل الأوضاع الاقتصادية الجديدة.
وتضيف "غدوا أكثر قدرة في التعبير عن الرأي"، وكسر حاجز الخوف والبعد عن الاستهتار في كل شيء، منوهة إلى أن ما يجري الآن استطاع أن يحدث توسعا كبيرا في مداركهم، محققا نقلة نوعية للأطفال بطريقة إيجابية.
وتلفت أبوبكر إلى أن تغيير الأوضاع لم يطل الاطفال فحسب وانما اثر على الناس بأكملهم، إلا أنه وسّع مدارك الطفل السياسية التي كانت "تقتصر في القدم على فلسطين واليهود".
وتضيف أن الشيء الكبير "الربيع العربي" الذي يحدث الآن والأحداث المتتالية في سورية، مصر، تونس، والكم الهائل من الأخبار يلفت انتباههم رغما عنهم، إضافة إلى وعيهم بما تعاني منه الشعوب التي حولهم فأصبحوا يقلدون وينادون بشعارات على الرغم من جهلهم بعض الشيء بمعانيها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق