الخميس، 19 أبريل 2012

الصداقة: بحث عن آخر مختلف لتبادل الخبرات


منى أبوحمور

عمان- يسعى كل شخص إلى البحث عن الآخر الذي يكمل شخصيته، وما ينقصه من مكونات، ولا يمكن لأي شخص أن يحظى بالشخصية الكاملة، التي تمكنه من التعامل مع كافة المواقف التي تواجهه في الحياة، وفق ما يؤكد متخصصون.
ولأن كل إنسان يواجه مشاكل، لا يستطيع أن يحلها وحده، فإن الثلاثينية رنا حتر، تواجه كغيرها ظروفا عائلية، بنوع من العاطفة التي تحكم كافة مواقفها وقراراتها، "لأن مشاعري وعواطفي هي التي تغلب على قراراتي"، وفق ما تقول.
وتجد حتر أن غياب العقلانية عن قراراتها، عند تعرضها لمشاكل، يجعلها تعيش في حالة توتر وغير قادرة على السيطرة على مشاعرها، الأمر الذي يدفعها للبحث عن شخص مقرب منها، ليساعدها على التغلب على تلك الأحداث بنوع من العقلانية، والتفكير بعين المنطق.
وتؤكد أن وقوف صديقتها إلى جانبها ساعدها كثيرا على تنمية شخصيتها ومنحها القوة في مواجهة العديد من مشاكلها، موضحة"إذ إن وجودها إلى جانبي قوى شخصيتي، وجعلني أنظر إلى الحياة بعين مختلفة".
ولا يمكن للعشريني حسام الفهد، تناول أي موضوع في حياته من دون ضحك أو لعب، حتى إنه في كثير من الأحيان يتعرض لانتقادات من البعض، ويقول "فحاجتي لنوع من الجدية في حياتي جعلني أبحث عمن يكملني، حيث كان لابن عمي الذي يرافقني، تأثير كبير على شخصيتي، وتغيير نظرتي إلى الحياة".
ويؤكد أن وجود ابن عمه إلى جانبه وتواصله معه، كان بمثابة المعلم بالنسبة له، خاصة وأنه كان يستشيره ويستفيد من جديته في تعامله مع الآخرين، لافتا إلى أنه أصبح أكثر إدراكا ويقينا بأن الضحك والهزل لا يفيدان في الكثير من المواقف.
ويقول"إن ذلك لم يقتصر عليّ فحسب، بل إن تواصلي مع من يحيطون بي أفضل بكثير، إلى جانب أنني استطعت أن أتجاوز العديد من المشاكل التي كانت تواجهني سابقا".
"من المعروف أن طبيعة شخصية الفرد، تعتمد على طبيعة ما هو كامن داخلها، من أحلام وتطلعات أو مواقف مخفية"، يقول اختصاصي علم الاجتماع في جامعة مؤتة الدكتور حسين محادين، مشيرا إلى أن يعرف بجذر السلوك أو ما يسمى بـ"الجزء الغاطس من السلوك".
ويجد محادين أن أول عملية تفاعل لهذا الفرد، ولأي شخص آخر، تمثل ظاهرة سلوك مرئي، وبالتالي يسعى هذا الإنسان للبحث عن اكتماله وامتداده في الطبائع والسلوكات الظاهرة في المعنى الاجتماعي سواء كانت سلوكات جادة أو هزلية.
ويقول "هناك توق لدى البعض في أن يعدل من سلوكاته، من خلال استلهام ما يشعر أنه بحاجة إليه وظيفيا من آخرين، الذين قد يكونون أفرادا على مستوى العلاقات الشخصية الخاصة أو مؤسسات كالانتماء إلى ناد أو جمعية".
ويؤكد محادين أن الأشخاص دائما ما يبحثون عن جنود مجندة من خلال قلوبهم وتوجهاتهم، للتعبير عن جوانبهم بصورة مختلفة، لافتا إلى أن أي سلوك نشاهده ظاهرا إنما هو انعكاس لخبرات الطفولة أو التحصيلات الداخلية رجلا كان أو امرأة .
فيما يعزو اختصاصي علم النفس الدكتور أحمد الشيخ، هذا السلوك إلى أن الإنسان بطبيعته يحاول دائما البحث عن الاختلاف في العلاقات الحميمية، فيجد الجوانب التي يفتقدها في شخصيته ويرغب بالتعامل معها.
وهنا يميز الشيخ ما بين التناقض في العلاقات والاختلاف، إذ إن التناقض يؤدي إلى التنافر في العلاقات، في حين أن الاختلاف يساعد على تعزيز ما نبحث عنه في تلك العلاقه وتقويتها في أنفسنا.
ويفسر أن وجود الصفات التي يرغب بها الإنسان في أشخاص معينين، يساعد على التوحد معهم، ويسهم في توسيع المدارك والمساحات التي يكتشفها في نفسه، مبينا أن بحث الشخص عن شخص مختلف عنه، يسهم في اكتشاف مساحات وصفات جديدة في مكنونات الشخصية على الاختلاف بأنماط التفكير.
وتؤكد خبيرة الاتصال زين غنما، أن وعي الإنسان لنفسه وفهمه لشخصيته ما لديه من نقاط ضعف، والبحث عنها في أشخاص آخرين والاستفادة منها أمر إيجابي، وخطوة قوية ومهمة في العلاقات الإنسانية.
وتقر بأهمية التواصل بين الأشخاص الذين يمتلكون عناصر القوة مع أصدقائهم التي يفتقدونها، لافتة إلى أهمية ذلك في تكوين شخصية الإنسان وصقلها.
في حين تكمن المشكلة، بحسب غنما، عندما لا يفهم الإنسان نفسه، ولا يعرف حقيقة ما ينقص شخصيته وما يحتاج إليه في حياته.
وتدعو غنما إلى ضرورة أن يبقى الإنسان حريصا على التواصل مع الآخرين و"الأخذ والعطا" مع الآخرين، لاسيما وأنه في حالة تعلم دائم، وكأن الشخص الآخر الذي انتقاه معلم خاص له، حيث يتم تبادل الخبرات بينهما.
وتلفت غنما إلى أن الإنسان الذي لا يتمكن من الاستفادة من غيره، ويبقى متقوقعا على نفسه، فإن مهارات اتصاله تكون منطوية على ذاته، لا سيما وأن "الشخص الآخر هو أهم مصادر الاتصال، التي تعتبر طريقة متبادلة تقوم على الأخذ والعطا"، وفقا لقولها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com