الثلاثاء، 17 أبريل 2012

خطر إغلاق "عمان السمفوني" يهدد باندثار 25 عاما من الموسيقى


غيداء حمودة

عمان- يملأ الخوف قلوب الموسيقيين والجمهور وإدارة المعهد الوطني للموسيقى، بعدما بات إغلاق كل من أوركسترا عمان السمفوني وفرقة عمان للموسيقى العربية أمرا وشيكا، إذا ما استمر توقف الدعم عنهما من جهة، وعدم قيام القطاع العام والخاص بتبني هذين المشروعين الموسيقيين الوطنيين المهمين في المشهد الموسيقي المحلي لضمان استدامتهما. 
ناقوس خطر إغلاق الفرقتين بات يدق بشدة، وهذا ما دعا إدارة أوركسترا عمان السمفوني بتخصيص الأمسية، التي ستقام عند السابعة من مساء غد الأربعاء على مسرح مركز الحسين الثقافي لجمع التبرعات ومحاولة إنقاذ الأوركسترا. 
مدير المعهد الوطني للموسيقى د. كفاح فاخوري يبدي أسفه الشديد على الفشل في توفير الدعم، الذي يعني "عدم تجديد عقود جميع أعضاء الأوركسترا والفرقة دون استثناء، وبالتالي إلغاء الأوركسترا والفرقة إلى زمن مستقبلي لا يمكنني تحديده" كما يقول.
وبين أن انشاء الأوركسترا وتطويرها ووصولها إلى مرتبة ثالث أوركسترا في المنطقة استغرق "25 عاما من الجهد والتدريس والتدريب"، موضحا "كلنا يعلم بأن الهدم سريع، والبناء يحتاج إلى وقت طويل".
ويوضح فاخوري أنه على اثر توقف رفد أوركسترا عمان السمفوني وفرقة عمان للموسيقى العربية المفاجئ بالمخصصات التي كانت مرصودة، تنادى عدد من الحريصين على استمرار الأوركسترا والفرقة فشكلوا "أصدقاء أوركسترا عمان السمفوني" ووضعوا استراتيجية محاولة منهم للإنقاذ، ومن هنا تأتي أمسية يوم غد في محاولة لجمع التبرعات، ضمن الاستراتجية التي تم وضعها. 
وأكد فاخوري أن التوقف المفاجئ للمخصصات المرصودة جاء "نتيجة تفسير خاطئ من قبل المراجع الرسمية المعنية لمضمون مذكرة التفاهم التي تحكم العلاقة ما بين المعهد الوطني وأمانة عمان الكبرى"، حيث كانت أمانة عمان الكبرى تبنت الأوركسترا في العام 2007.
ويضيف أن أوركسترا عمان السمفوني وفرقة عمان للموسيقى العربية "لم تكونا تتلقيان دعماً من الأمانة، بل كانتا تقدمان عروضاً موسيقية وخدمات فنية تم الاتفاق عليها عليها، لقاء مبلغ مقطوع كان يقسط شهريا"، وذلك على أساس "شروط معينة" على الفرقتين الالتزام بها. 
ومن أهم الشروط، وفق فاخوري، "أن نحافظ على أداء رفيع المستوى مما تطلب تحمل رواتب وأجور كانت موارد الأوركسترا والفرقة بالكاد تغطيها".
وذهب إلى أنه لما جاء قرار التوقف المفاجئ "اضطرب الوضع وصار علينا الاختيار بين حالتين اثنتين أحلاهما مر: فإما الالتزام بالعقود الموقعة مع أعضاء الأوركسترا والفرقة حتى نهاية هذه العقود وهذا ما اخترناه، وإما فسخ العقود قبل تاريخ انتهائها".  
وأضاف فاخوري "في الحالة الثانية يتطلب توقيف العقود صرفاً تعسفياً تسديد تعويضات لا مخصصات لها في موازنة الأوركسترا والفرقة". 
وبخصوص رد أمانة عمان الكبرى عندما تم مخطابتها بشأن دفع المخصصات، أوضح فاخوري أن "الأمانة التزمت بالتوجيهات الرسمية التي أعطيت لها، والتي قضت بتوقيف المخصصات، وجاء الرد ضمن إطار هذه التوجيهات".
القائد الدائم لاوركسترا عمان السمفوني محمد عثمان صديق، عبر عن استيائه الشديد للوضع الذي آلت إليه الأوركسترا، وعدم توفر الدعم الكافي لاستمراريتها، وقال "نعرف أن الدولة تعاني ظروفا اقتصادية صعبة، إلا أننا ملتزمون بعقود حتى نهاية العام، ولا نستطيع التوقف في منتصف الموسم الذي بدأ في أيلول (سبتمبر) 2011 وينتهي في آب (أغسطس) 2012".
وبحرقة قال صديق "الأوركسترا تحتضر، ونحن نحاول أن ننقذها في الوضع الحالي، وبالرغم من أنه لم يتم دفع الرواتب منذ ثلاثة أشهر، إلا أن العازفين ملتزمون ويحضرون التدريبات".  
وفي سؤال عن عدد الموسيقيين المحليين في الأوركسترا، بين صديق أن 70 % من العازفين هم أردنيون، ويصل عدد العاملين في الأوركسترا والفرقة اليوم إلى حوالي مائة موسيقي، وفي حال استمر تشييد مشروع دارة الملك عبد الله للثقافة والفنون، فإننا نتحدث عن 500 فرصة عمل لكفاءات محلية البلد بحاجة إليها. 
وأشار صديق إلى أن الأوركسترات في الدول المجاورة مدعومة بالكامل من قبل الدولة وحتى في البحرين وقطر. 
ويجد صديق في استمرارية الاوركسترا أهمية كبيرة، ليست فقط لأنها مصدر رزق للكثير من الموسيقيين، بل لأنها أيضا جزء من "ثقافة البلد وصورتها ومشوارها الفني"، مشيرا إلى أن أمر توقيفها هو أمر "لا يحتمله العقل". 
رئيس الاوركسترا الموسيقي باسل ثيودوري أكد ما قاله فاخوري وصديق، بأن الاوركسترا "مشروع وطني وجزء من ثقافة البلد". ولا يجد ثيودوري بتوقف الاوركسترا "أمرا مقبولا" على الإطلاق.
وخاطب ثيودوري كل المعنيين في وزارة الثقافة والقطاع العام لدعم الاوركسترا وضمان استمراريتها.
وقال "تخرجت من كندا وألمانيا، ومن الأمور التي جعلتني أبقى في الأردن هو وجود الأوركسترا، وجميع الموسيقيين يأملون باستمراريتها". 
وأكدت عازفة آلة التوبا الوحيدة في الأوركسترا ديمة عابدين وهي خريجة المعهد الوطني للموسيقى، أن وجود الأوركسترا "أمر في غاية الأهمية"، فهي "مجمع للموسيقيين ومكان لتطوير مهاراتهم ووظيفة أيضا لهم". 
وأضافت عابدين "كنا نأمل أن نكون كموسيقيين كمن في دول أخرى، الوظيفة الوحيدة لنا هي العمل في الأوركسترا، إلا أن هذا الأمر ليس بالسهل تحقيقه ونضطر للعمل في أكثر من عمل، إلا أننا في كل الأحوال نريد للأوركسترا أن تستمر". 
وحول مخاطبة إدارة الفرقتين للقطاع العام قال فاخوري إن الاتصالات التي قاموا بها وما يزالون يقومون بها بمساعدة "أصدقاء أوركسترا عمان السمفوني" تهدف إلى إيصال الصوت بأن مبادرات الثقافة والفنون لا يمكنها أن تستمر وتتطور بمعزل عن دعم القطاع العام، مشيرا إلى أن الأمر قد يحتاج إلى المزيد من الوقت للتوصل إلى نتائج إيجابية.  
وفي حين قد يصل الأمر إلى الاضطرار إلى ايقاف الفرقتين، إلا أن فاخوري يبدي تفاؤله قائلا "الخشية بأن يفوت الأوان لأن الزمن ليس في صالحنا". 
من جهة أخرى قامت إدارة الأوركسترا والفرقة العربية بمخاطبة القطاع الخاص، إلا أنه وفق فاخوري "هو أيضاً بحاجة إلى إقناع بأن تكون الثقافة والفنون في سلم اهتماماته".  
ويرى فاخوري أن الظروف الاقتصادية التي يمر بها العالم اليوم لا تشجع كثيراً، ولكن إذا كان صاحب القرار في مؤسسة القطاع الخاص "مثقفاً ويقدّر الدور الذي تلعبه الثقافة والفنون في تحسين صورة المجتمع المحلي تكون استجابته عادة مشجعة"، حتى ولو كانت إمكاناته متواضعة.  
وأضاف "المشكلة التي نواجهها، أننا نتحدث عن سلعة تتنافس مع ذاتها"؛ فالرسالة التي تحملها أوركسترا عمان السمفوني وفرقة عمان للموسيقى العربية ودورهما يتخطى التسلية والترفيه.
ويرى فاخوري أن توفير الدعم الكافي لاستمرار الاوركسترا وفرقة عمان للموسيقى العربية، يقع تحت مسؤولية القطاع العام "لأننا نتحدث عن جهد وطني" وفق فاخوري. 
ويذهب إلى أن توقف الدعم عن الأوركسترا والفرقة العربية لا يقف عند إلغاء الأوركسترا والفرقة، بل سيتخطى ذلك إلى إيصال صورة قاتمة تنقل إلى جيل الشباب الذي سيفقد الأمل من دراسة الموسيقى، لأن الرسالة التي ستصله نتيجة التوقف تعني الفشل في جعل الموسيقى صناعة غير تقليدية ذات جدوى اقتصادية يتطلع إليها هؤلاء الشباب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com