الثلاثاء، 22 يناير 2013

مواصفات فارس الأحلام تتبدل مع تقدم الفتيات بالعمر


سوسن مكحل

عمان- بعد أن بلغت عبير الثلاثين من عمرها، بدأت بتغيير شروطها في مواصفات فارس الأحلام الذي لطالما تمنته وهي في العشرين من العمر، حيث لم تعد ترفض مقابلة أي شخص إن كان غير متعلم أو غير وسيم، أو وضعه المادي سيئ، على عكس ما كانت قناعاتها السابقة.
عبير التي تزوجت وهي في الثالثة والثلاثين من عمرها؛ انصاعت لقطار العمر، حيث ارتبطت برجل تجاوز عمره 48 عاما، وهو مطلق وله ولدان. 
وظلت عبير تحتفظ بمواصفات شريك الحياة الذي كانت ترغب أن تتزوج ويكون شريكا لحياتها بداخلها، غير أن ضغوطات المحيطين عليها ووصفها احيانا بـ"العانس" الى جانب نصائح صديقاتها بأن شروطها "صعبة" دفعتها للتنازل عن شروطها السابقة.
وتتشابه قصة "عبير" مع كثير من الفتيات اللواتي تدفعهن الظروف وربما التقدم بالعمر الى تغيير "شروطهن" بالزواج. وأحيانا التنازل عنها من أجل أن لا يمضين الحياة بدون زواج واستقرار، وربما تكون غالبا الخيارات المتاحة امامهن حينها "ضئيلة" فيرتضين قبول الأسوأ في ظل اجحاف المجتمع والتقليل من شأن الفتاة التي تتقدم بالعمر.
ولا تعتبر هند (33 عاما) أنها ستدخل عالم "التنازلات" لمجرد دخولها في سن حرج من عدم الزواج، مبينة أن الدافع ربما لتقديم التنازل يكون نابعا من ظروف محيطة كالأهل وعدم الاستقرار بينهم.
وتوضح هند أنها في عمر صغير حددت شروطا لزواجها لم تتنازل عنها لانها تؤمن أن الزواج مؤسسة لا تقبل القسمة على ظروف ومشاكل وعدم قناعة، مفضلة البقاء في منزل والدها بدون زواج طالما لم تتحقق شروطها ومهما بلغت من العمر.
وبنظر هند يجب أن يبنى الزواج على شيء من الأسس والقناعة بين الطرفين، لان تقديم التنازل يعني أن الفتاة تجلب التعاسة الى نفسها دون ادراك منها لأن الزواج ليس تجربة بل حياة حقيقية يجب ان تتوافر فيها شروط كثيرة؛ ولذا فترفض هند أن تدفعها "العنوسة" او أي مسمى يطلقه أفراد المجتمع الى القبول بأي رجل غير مناسب لمجرد الخلاص.
بالمقابل وحين وصلت "جميلة " إلى سن (32) عاماً وهي المرحلة التي يصفها كافة أفراد المجتمع بالخطرة وربما "فات قطارها" إلا أنها كانت مقتنعة بأن هناك فرصا جميلة قادمة في الحياة، وتصر أن تتزوج برجل يحمل بعضاً من المقومات التي تدفعها للقبول. 
موقف أسرة جميلة دفعها الى التنازل  في سن السابعة والثلاثين عن تلك المقومات حين ظلت عائلتها تخبرها بأهمية الزواج لايجاد سند لها بالمستقبل، وعليها بقبول أي عريس لمجرد الزواج؛ وحين تقدم لها عن طريق صديقتها رجل عاطل عن العمل وليس لديه شهادة علمية وسيقيم بعد الزواج في منزل أسرته وافقت بحجة ضغط أهلها على تزوجيها.
بعد زواجها أصبحت تعاني جميلة كثيرا، حتى انها عادت لبيت الاهل ثلاث مرات مصرّة على الطلاق، إلا أن الابناء وإنجابها لتوأمين دفعها الى العودة واستكمال الحياة وتحمل مصروفاتها الشخصية وتدبير شؤون البيت بنفسها، بالوقت الذي لم يتحملها أهلها أكثر من أسبوع.
"إما أن أتزوج بشكل مقنع أو أبقى من دون زواج طوال العمر"؛ تقول حنان التي تعمل في السلك الاعلامي وحياتها الاجتماعية مليئة بالتفاصيل والانشغالات اليومية التي تقيها التواصل مع محيطها بشكل مباشر حيال موضوع "العنوسة" التي تطلق على من وصلن الى عمرها تقريبا وهو سن (30 عاما).
وتضيف حنان أن الاستقرار الاسري في ظل والديها وصديقاتها يدفعها الى الكثير من التأني قبل الزواج، وهي منذ أن بدأت بدراستها الجامعية وضعت شروطا صحيحة للزواج لا يختلف فيها الدين ولا التقاليد.
وتبدي استغرابها من التنازلات الكثيرة بالشروط وقبول الفتاة أي زوج لمجرد الزواج، واصفة ان الامر ربما نتيجة لظروف تدفع الى التنازل، أما الفتاة القوية والتي تؤمن بقدرتها على عيش حياة كريمة لا تستطيع القبول بأي رجل لمجرد الارتباط وبناء أسرة تعيسة لأجل التجربة فقط.
وعلى الرغم من نظرة المجتمع إليها أنها الفتاة التي فاتها قطار الزواج إلا أن حنان ترفض تحديد مصير حياتها لأجل كلام الناس الذي لا يؤثر بها سوى للأسوأ بنظرها خاصة في موضوع بناء استقرار أسري.
"كلما ارتفع عمر الفتاة وفق النظرة الاجتماعية قلت شروطها" وفق أستاذ علم الاجتماع المشارك في الجامعة الاردنية الدكتور حسن خزاعي، مبينا أن بيئة المجتمع تفرض ضمنيا شروطا أهمها فرق العمر بين الفتاة والشاب بان يكون ما بين (5-10 أعوام) كحد لقبول الزواج، وهو ما يبعد الشباب عن التفكير بالفتاة التي زاد عمرها على الثلاثين.
ويورد الخزاعي بأن الفتيات اللواتي تعدين الثلاثين عاما بالأردن ولم يسبق لهن الزواج عددهن يقارب 105 آلاف فتاة، الى جانب ارتفاع نسبة الذكور بنفس الفئة ولم يتزوجوا وبلغت 120 ألف شاب.
ويبيّن الخزاعي أن متوسط الزواج في الاردن بلغ العام الحالي (27 عاما)، وهو ما يعني أن الفتاة ليس عليها التنازل عن الشروط بل استبعاد بعض الشروط الكمالية التي قد تكون وضعتها ضمن خياراتها للقبول بالزواج.
ويدعو الخزاعي الفتيات بعدم التنازل عن شروطهن الاساسية للارتباط والتفكير بالزواج؛ بحيث يجب أن تتخلى بعضهن عن وضع شروط "كمالية" والتي تتمثل  في البذخ والحفلات والمبالغة والتباهي بالمهر لأن تلك الامور ليست شرطا لإتمام الزواج.
داعيا المؤسسات المعنية بعقد دورات توعية للمجتمع حيال ما يتعلق بأسباب عدم الزواج وتقدم الفتيات بالسن، موضحا ان نسبة الأردنيات ممن بلغن 50 فما فوق ولم يتزوجن تصل 5 %.
من جانبها ترى المشرفة الأسرية مروة حسن أن كثيرا من الفتيات يعتبرن أن وصولهن سن الثلاثين هو بمثابة الخطر، ويوقعن أنفسهم بخيارات خاطئة نتيجة التأثر بكلام الناس.
وتضيف حسن "لا شك في أن الفتاة كلما تقدمت بالسن شعرت بحاجتها الى الاستقرار، وذلك يجعل البعض منهن يقمن بالتنازل واحيانا بعدم التريث حتى بالأساسيات لمجرد الخلاص من نظرات المجتمع وغيرها من الأمور".
والتقدم بنظر حسن لا يعني التنازل عن شروط الزواج الرئيسية والقبول بأي عريس، لأن ذلك سيؤثر سلبا على الحياة الزوجية مستقبلا. وتضيف أن من ضمن شروط الزواج أن يكون هناك توافق اجتماعي ومادي وتناسب في كثير من الأمور.
ووفق حسن، فإن كثيرات يعانين إذا تزوجن من شخص لا يناسبهن ماديا، لذا فعلى الفتاة أن تظل مقتنعة بشروطها الاساسية، ولا تتغير لمجرد أنها تقدمت بالسن.
في الوقت الذي تنصح فيه حسن وتحذر الفتيات من الوقوع في فخ المباهاة ووضع شروط غير واقعية وفرض المستحيلات قبل الشروط الاساسية للزواج، لأن ذلك يعرقل الزواج بشكل عام.

sawsan.moukhall@alghad.jo

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com