سوسن مكحل
عمان- في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعانيه غالبية الشباب، فإن تلبية متطلبات الزواج الأساسية، وتأسيس بيت مستقل أمر يزداد صعوبة للكثيرين.
ويحاول بعض الشباب في الوقت الحاضر نتيجة الأوضاع المعيشية الراهنة، الخروج من المأزق ربما بحلول وسطية، فقد قرر أحمد عيسى الذي يعمل في احد محلات الألبسة الارتباط والعيش في منزل أهله بدلا من السكن بمفرده.
البحث عن زوجة تستطيع العيش مع أهل الزوج "أمر صعب"، وفق قول أحمد الذي يشير إلى أن والدته قامت باختيار اكثر من فتاة الا انهن رفضن مبدأ العيش عند الأسرة.
يقول أحمد إن قدرته على توفير سكن مناسب ومريح للحياة الزوجية "أمر صعب"، ولحل المسألة قام بشغر غرفة كبيرة في منزل أسرته وتجهيزها ليتزوج بها، بعد أن يجد الفتاة التي تقبل بذلك.
بالمقابل يرفض العشريني سامر يوسف (29 عاما) ان يقبل على خطوة الارتباط دون ان يفكر بتأمين منزل لعش الزوجية، مبينا أن بيت عائلته يتكون من طابقين ومع ذلك يرفض ان يعيش في كنفهم؛ لأن الاستقلالية بنظره تعني أن يكون لديه منزل خاص يتولى فيه المسؤولية.
ويضيف سامر ان شقيقه الأكبر سبق وان قرر في السنة الاولى لزواجه العيش مع عائلته، الأمر الذي رتب الكثير من المشكلات بينهما، ويقول "على سبيل المثال كيف يحضر شقيقه مجموعة من "الهدايا" لزوجته ولا يحضرها لبيت العائلة، او يخرجان دون ان يعرضا مصاحبة أحد افراد العائلة".
ومن هذا المنطلق يرى سامر ان على الشباب أن يؤمنوا على الأقل ايجار بيت للاستقلاية لهم ولزوجاتهم، موضحا أن من لا يستطيع فعل ذلك فعليه "أن لا يفكر بالارتباط"؛ لأن الإقدام على هذه الخطوة "سيوقعه في المشاكل العائلية لاحقا".
في حين تعتبر أم علي السيد (40 عاما) التي لا تفكر بإقصاء ابنها في حال الزواج عنها، بأن هناك فوائد كثيرة في سكن الابن في بيت اهله، أولها "إرضاء والديه"، اضافة إلى أنه في غياب الزوج أو سفره "تظل الزوجة عند اهل زوجها دون أن تشعر بخوف او ملل".
وتبين ان العيب "ليس في عيش الرجل وزوجته في بيت أهل الزوج"، الا انه في "شخصية الاشخاص والقلوب غير الطيبة في التعامل، فمن يحب ابنه يستطيع ان يحب زوجته".
وفي السياق ذاته يبيّن أستاذ علم الاجتماع المشارك بالجامعة الاردنية الدكتور حسين خزاعي، ان فكرة رفض المجتمع للسكن مع الاهل تنطلق من عدة أسباب اهمها أن شباب الجيل الحالي يفضّل الاستقلالية، ويحبذ ممارسة كافة طقوس حياته بمفرده.
ومن هنا، وفق الخزاعي، يشكّل العيش مع اهل الزوج معضلة لدى الشباب الذي يرى في ذلك تدخلا في أمورهم، بالوقت الذي يعتبر فيه تفكير الشباب بالاستقرار "أمرا ايجابيا وخطوة مناسبة من قبل الشباب للسعي نحو الاستقرار".
إلا أن تلك الخطوة الايجابية يجب أن تكون منسجمة مع تطوير الوضع الاقتصادي للفرد في ان يفكر بالاستقرار ويبحث بشتى الطرق عن أن يستقل هو وزوجته في منزل خاص بهم، خوفا من المشاكل التي قد تترتب مستقبلا بين الزوجين والاهل ولا يعتبر البقاء عند الاهل امرا دائما.
من جانبها ترى الثلاثينية هند محمد انها كانت ترفض فكرة العيش مع أهل الزوج، الا انها حاليا تتقبل الفكرة لأنها تهتم كثيرا بأن تكون مستقرة، مؤكدة أنها بدأت تؤمن بأن الاحوال تغيرت والاوضاع صعبة ولا ضير في بداية الزواج ان تستقر الزوجة مع اهل زوجها.
مع الوقت ومثلما ترى هند إن تحسّن الوضع المادي للشاب واذا أرادت الانفراد بمنزل وحدها وساعدها الظرف المادي، فإن من حقها ان تطلب من زوجها بيتا مستقلا خاصة اذا كان معهما أبناء.
من جانبها ترفض العشرينية آلاء عامر المخطوبة، فكرة أن تسكن الزوجة مع اهل زوجها "مطلقا"، لأن ذلك، برأيها، "يجلب المشاكل بين الزوجين"، من خلال "المقارنة والغيرة من قبل اهل الزوج من الزوجة او حتى العكس".
وتشير آلاء الى أن العيش عند أهل الزوجة لا بد وأن يتعرض فيه الزوجان الى تدخلات من قبل الاهل قد لا تكون في الاشهر الاولى، الا انها تحدث مع الوقت لطبيعة المشاركة في المسكن، الى جانب عدم حصول الزوجة على حريتها باللبس أو الطبخ أو التجول في المنزل لوجود اهل الزوج. مؤكدة انه من المفترض ومنعا للمشاكل وفق آلاء أن يتم التفاهم في موضوع السكن قبل الارتباط.
من جانبها ترفض اختصاصية العلاقات الزوجية الدكتورة نجوى عارف قضية السكن مع الاهل "مهما استدعت الظروف المادية والاقتصادية"، لأنها "ستؤدي حتما الى مشكلات مع الوقت يصعب علاجها".
وتؤكد عارف أن الأصل بالعلاقة الزوجية ان تؤمن "الاستقلالية" لدى الزوج او الزوجة، والتشجيع على السكن مع الاهل رغم ايجابيته المادية الا انه مع الوقت قد يؤدي الى مشاكل اسرية متفاقمة تزيد الاعباء المالية على الزوج اذا ما حدث مشاكل وطلاق بين الزوج وزوجته.
توضّح عارف ان الوضع الاقتصادي قد يكون سببا ومبررا لدى الشباب، الا انه يمثّل علاج مشكلة بصنع مشكلة أكبر وأخطر على حياة الزوجين، ومن هذا المنطلق على الزوجين أن يؤمنا الاستقلالية من خلال البحث عن متطلبات أقل.
ومن تلك المتطلبات وفق عارف بيت بغرف أقل، ايجار يستطيع الزوجان دفعه، الى جانب تقليل ملتزمات شراء الأثاث وغيره بالحصول على فرش مستعمل بحالة جيدة، بدلا من اثاث متكامل وجديد. كي يضمن الزوجان علاقة اسرية مبنية على الاستقلالية، مبينة أنه لا مانع أن يكون لدى الزوج بيت مستقل لو كان بسيطا بالقرب من اهله.
مع اختلاف الآراء تظل فكرة الاستقرار بحاجة الى ترتيبات واتفاق بين الزوجين، وتعود قضية التفكير بالاستقرار عند الاهل لمجموعة من الاعتبارات اهمها الوضع الاقتصادي الصعب، اضافة الى رغبة الشباب بالاستقرار، ومن ناحية أخرى يعتمد الامر بالقبول او الرفض على خيارات المقبلين على الارتباط او الزوجين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق