الخميس، 19 أبريل 2012

الثقة بالنفس سبيل تجاوز أزمة "فقدان الوظيفة"


مجد جابر

عمان- ينتاب الإنسان إحساس باليأس والإحباط لحظة فقدانه وظيفته التي يعتاش من ورائها، في وقت تقل فيه فرص العمل وتزداد نسبة البطالة بين الناس.
وتصل الأمور في بعض الأحيان إلى عزلة ذلك الشخص الذي فقد وظيفته ما يجعله يبتعد عن الناس، ويفقد الثقة بنفسه، ما يزيد من حجم ضغوطاته النفسية، لدرجة الشعور بفقدان الأمل.
وعندما تبدأ شركة أو مؤسسة بتنفيذ هيكلة ادارية جديدة لها، فلا يفكر المسؤولون فيها بأوضاع الناس ومعاناتهم، وهو الامر الذي أدى إلى فقدان وليد (32 عاما) لوظيفته، وانقلبت حياته رأسا على عقب، ولم يعد بحالة نفسية جيدة على الاطلاق. 
تلك الأوضاع أدت بـ"وليد" إلى حالة من فقدان الثقة بالنفس والشعور بالفشل، بسبب قيام شركته باعادة الهيكلة، والتي شملته مع مجموعة من زملائه ما سبب الاستغناء عن خدماته دون سابق انذار.
ويقول وليد "أصبحت أخجل من مقابلة الناس حتى لا يسألوني عن السبب، خصوصا أن بعضهم لا يعتقد أن السبب من الشركة نفسها، ويظن أني طردت من عملي، لأمر ما قمت باقترافه، بالإضافة الى أنني أصبحت أتحسس من أقل الأمور وأبسطها التي قد تصدر من أهلي بالرغم من أنني كنت أتقبلها بكل رحابة صدر وأنا أعمل".
ويؤكد أن هذا الشعور الذي بات يسيطر عليه جعله يرفض التحدث مع الأشخاص، ويفضل الاعتكاف بغرفته، والجلوس على الانترنت لساعات طويلة وفي حال جلوسه مع عائلته يزعجه ويثير غضبه أبسط الأمور.
ولعل نضال سعيد (45 عاما)، تلقى صدمة كبيرة كذلك، عندما دخل عليه مسؤوله في العمل، ليخبره أن اليوم هو آخر يوم في عمله، ما جعله يثور ويغضب فور تلقيه الخبر، ولم يستطع تمالك أعصابه، معتبرا أن مصيبته لا توصف بوجود خمسة أبناء في مدارس خاصة، وعليه قرض بنكي على البيت والسيارة المعتمدين على الراتب.
لكنه وجد أيضا عدم أحقية مثل هذا الإجراء الوظيفي، فبادر في اليوم التالي مباشرة لرفع دعوى فصل تعسفي، ليحصل على حقوقه الوظيفية واعادته الى العمل.
غير أن النتيجة واحدة بجميع الأحوال، كونه فقد عمله ولا يمكنه بسهولة ايجاد عمل جديد، بسبب سوء الأوضاع حاليا، إلى جانب أنه كان بمنصب لا يمكنه النزول إلى أقل منه، مبيناً أن حالته النفسية استاءت جداً، وبات لا ينام طوال الليل، وهو يفكر بوضعه، خصوصاً كلما ذكرته زوجته بالمستحقات المترتبة عليهما للبنك.
ويقول: "أصبحت أحاول تقضية الوقت بأي شيء لأتوقف عن التفكير والقلق والتوتر، كما أنه من الصعب ايجاد عمل في ظل هذه الظروف المعيشية الصعبة، وأخجل من الطلب من الناس بعد أن كنت أنا من أساعدهم".
ويرى الاختصاصي الاجتماعي الأسري مفيد سرحان أن كل شخص عليه أن يتوقع أنه من الممكن في أي ظرف من الظروف أن يضطر أو يجبر على ترك عمله، وبالتالي لا بد له من وضع خطة مستقبلية بديلة، وأن يكون لديه حيز للادخار للظروف الطارئة.
ويلفت إلى ضرورة أن يكون هناك قدر كبير من التفهم في الأسرة والظروف التي يمر بها الشخص، مما يبعث الراحة النفسية للشخص الفاقد لوظيفته، ويعطيه ذلك دافعا للبحث عن فرص أخرى، ولا يحمله المسؤولية الكاملة ويشعره بالذنب والتقصير.
ويؤكد دور الأسرة في توفير الأجواء النفسية المساعدة أو محاولة البحث عن فرص أخرى للعمل وبطريقة لا تجرح شعوره ولا تشعره بالتقصير.
الأشخاص الذين يفقدون وظيفتهم يعانون من مشكلات نفسية ترتبط بالبطالة، مثل زيادة العدوانية، والمزاج الحاد ومشاعر الذنب، وتحميل أنفسهم المسؤولية، وهذه المشاعر كلها تتراكم من حالة الضيق التي قد توصلهم للاكتئاب"، وفقا الاختصاصي النفسي ورئيس قسم علم النفس في جامعة عمان الأهلية د.أحمد الشيخ.
ويرى الشيخ أن هذه الحالة التي تنتاب الانسان فترة طويلة، خصوصا إذا ارتبطت بعدم وجود فرص أخرى، ما يتسبب بحدوث سلوكيات سيئة، مثل الادمان على الإنترنت وحضور التلفاز، والحساسية من الآخرين، وزيادة في النقد الموجه نحو الذات، واهتزاز الثقة بالنفس. والنتيجة تكون عبر الانسحاب والعزلة أو بالسلوك العدواني والغضب السريع.
وينصح الشيخ في مثل هذه الظروف أن يبادر الانسان البحث عن عمل جديد، حتى لو كان أقل من الذي شغله سابقا كون القيام بعمل ما يؤدي الى تحسين الحالة النفسية والانفعالية وتقدير الذات.
ويعتبر الخبير الاقتصادي حسام عايش أن طبيعة المرحلة الاقتصادية السائدة في الوقت الحالي تجعل الشخص لا يستطيع التنبؤ بموعد الهيكلة في العمل، بالتالي فإن من يترك عمله الآن يتركه بصورة مفاجئة، داعيا الشخص الذي يعمل حاليا وبالظروف السائدة، أن يخطط سلفا الى امكانية الاستغناء عن خدماته هي امكانية قائمة، وأن يخطط مسبقا لمواجهة الأمر، ويرتب أموره.
يؤكد عايش عدم وجود وظائف آمنة ولم يعد الموظف محميا من الاستغناء عنه، لافتا إلى أن صراع البقاء في الوظيفة، أصبح كبيرا، وعدد المنافسين على العمل أكبر، لهذا يفترض للموظف تحصين نفسه سلفا، وأن يفهم الشباب مسبقا أن سوق العمل أصبح تنافسيا في الكامل، ولا يوجد شيء دائم ومستمر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com