الاثنين، 23 يناير 2012

الزواج من أجنبية: تغريب للعادات أم تفاعل مع الثقافات؟


معتصم الرقاد

عمان- يرى البعض أن الزواج، لن يكون موفقا، إلا إذا كان من الملة نفسها، والبلد، فيما يرى مراد صالح، أن وجود زوجته الأجنبية الأصل في حياته، لا يشكل له أي مشكلة، بل على العكس، أتاحت له فرصة تعلم ومعرفة عدة أشياء، أفادته في حياته العملية.
كما أن زواجه من أجنبية جعله يتقن لغة أخرى، بالإضافة إلى لغته العربية، ما يتيح له فرصا للعمل بشكل أكبر، وساعده ذلك الزواج على التعرف على بلدان جديدة، ومنها بلد زوجته، و"الاطلاع على ثقافات جديدة وعريقة"، حسب ما يعتقد.
أما بالنسبة لسلامة العلي (35 )عاما، فإن تداعيات الزواج من أجنبية عديدة، أهمها أنها تعود سلباً على الأبناء من حيث اللغة والعادات والتقاليد وغيرها، "خصوصاً عندما تكون الأم من ثقافة مغايرة لعاداتنا وتقاليدنا العربية، حيث تكبر المصيبة.
ولا يؤيد العلي مثل هذا الزواج، مؤكدا أن هنالك فتيات قانعات كثر في الأردن، وعلينا أن نبحث عن الزوجة الصالحة أولاً وليس على المظاهر.
ومن وجهة نظر العشرينية غير المتزوجة إيمان مصطفى، فإن زواج الشباب من أجنبية يعود إلى أسباب أهمها؛ أنهم يبحثون عن الجمال، من حيث الشكل والقوام، لا جمال الروح والأخلاق، معتقدين أن هذا الجمال سيسعدهم.
وكذلك فإن كلفة الزواج من أجنبية، كما تقول مصطفى، أقل من الزواج من الأردنية، التي تضع الشروط عند الزواج وبعده، وبالوقت نفسه فإن فتيات الجامعات لا يرغبن في الارتباط بموظف بسيط حامل للشهادة الثانوية، هذا إلى جانب تأثر شبابنا بالمسلسلات الغربية المدبجلة التي تعكس حياة هؤلاء الأجانب.
اختصاصي الإرشاد الأسري مفيد سرحان، يرى أن أول تحد في هذه الظاهرة، الجانب الديني الذي له الأثر الكبير على الأبناء، فكما هو معروف أن الابن يتبع ديانة أبيه، ولكن التأثيرات التي تحدث عليه من قبل الأم الأجنبية هو ما يشكل الخطر.
وكما هو معروف بالنظر الى الواقع الاجتماعي، وفق سرحان، فإن تأثير الأم على أبنائها كبير بحكم الفترة والوقت التي تقضيها معهم، وأن الجزء الأكبر من الأبناء في هذه الحالة غالباً ما يكونون بلا هوية أو التزام ديني.
ويتأثر الأبناء بشكل كبير في رأي سرحان عندما تسافر الأم إلى موطنها، منوها إلى أن الفارق الكبير بين طبيعة المجتمع العربي، وتلك المجتمعات الأجنبية يؤثر سلبا على الأبناء في تلك المجتمعات، نظراً للالتزام الشكلي بالدين هناك، بمعنى الفصل التام بين الدين والحياة العملية.
في حين يحرص أبو ليث على تعلم ابنه اللغة العربية كون أمه أميركية، مصرا على أن تكون لغة المخاطبة بين الوالدين في البيت بوجود الأبناء هي اللغة العربية، حتى يتم تعلمها بشكل صحيح وسليم.
والزواج من أجنبية يلقي بتأثيراته السلبية على الأسرة من وجهة نظر سرحان الذي يؤكد أن أهمها اللغة، فالطفل بالمراحل المبكرة يتعلم اللغة بشكل أساسي من الوالدين، فإذا كان الوالدان يتحدثان العربية جيداً، فهذا يعني أن الابن سيتعلمها بسهولة، معتبرا أن عدم التخاطب باللغة العربية بين الزوجين، ينعكس مباشرة على الطفل الذي يكون ضائعا بين لغة المنزل ولغة المجتمع، ما يؤدي إلى تأخر في إدراك وإتقان اللغة الأم.
ويوضح سرحان أنه إلى جانب اللغة، فإن العادات والتقاليد لها تأثيراتها، حيث يحدث اختلافات في العادات والتقاليد بين المجتمعات، خصوصاً العربية والإسلامية والغربية.
اختصاصي علم الاجتماع الدكتور سالم ساري، يرى أن التأثيرات ليست بالضرورة أن تكون اجتماعية أو اقتصادية أو تعليمية، إنما هي عبارة عن تأثيرات ومخاطر ثقافية.
ويقول "فنحن في عصر العولمة والتفاعل الثقافي مع الشعوب يجري يوميا، لكن ضمن محددات عربية، فالأم التي تنتمي إلى ثقافة أخرى ستبقى في موضع استغراب واشتباك مع الثقافة العربية، أما الأبناء فيبقى عندهم شعور دائم أنهم غير مكتملي الهوية، وانخراطهم في الهموم والاهتمامات العربية لا ينقطع".
وبعض العادات لدى المجتمعات الغربية، كما يقول، ليست مقبولة نهائيا لدى المجتمع العربي، منها ما يتعلق باللباس والشكل والعلاقة مع الجنس الآخر، بالإضافة إلى خروج الإناث ليلا لوقت متأخر والانفتاح الاجتماعي.
كل تلك القضايا، كما يقول ساري، تؤثر على نشأة الإنسان وتحدد معالم شخصيته في المستقبل، وتحتاج إلى إدراك ووعي من الوالدين لمعرفة مصالح الأبناء؛ لأن الخطر يحدث إذا شعر الابن بنوع من الصراع بين الوالدين في عملية التربية، ما يؤدي إلى التمرد على كليهما.
ويدعو الوالدين إلى الاستعانة بمختصين اجتماعيين في قضايا التربية، لمساعدتهم في التعامل الأمثل مع الأبناء، والأفضل أن يكون ذلك قبل إنجاب الأبناء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com