الأحد، 6 يناير 2013

لا للتلقين.. نعم للتعليم الإستقصائي ..!

صورة

أمينة منصور الحطاب-    لطالما اثير مثل هذا السؤال :
- ما دور التعليم الإستقصائي في تنمية مهارات الطلبة البحثية؟.
« لا للتلقين « شعار جميل ينادي به كل التربويين، ويتجاهله المعلمون في الغالب، إما لصعوبة تطبيقه داخل الحصص الصفية، أو لعدم توفر الوقت الكافي لإنهاء المنهاج الدراسي، أو لثقل العبء المناط بالمعلمين، أو بسبب الفوضى العارمة التي قد تحدث عند تطبيق استراتيجيات تعليمية جديدة لم يعتد عليها الطلبة، وكل الأسباب السابقة هي حجج واهية يستخدمها من لا يؤمن بضرورة التغيير في طرق التدريس في عصر تتسارع فيه التطورات التكنولوجية بصورة مذهلة، فلم يعد المعلم محمور العملية التعليمية وإنما تبدلت الأدوار ليصبح ، مخطط ، موجه ، ميسر ، منظم ، ومستثير لعملية التعلم ، لذلك لا بد من تغيير الطريقة التي ينظر فيها المعلم إلى مهنته . وبالرغم من كثرة الدورات التدريبية التي يخضع لها المعلمون إلا أنها لم تأخذ حيز التطبيق ولسان حالهم يقول اترك الجديد الذي تعلمته فلا فائدة ترجى منه وعد للتلقين ، هكذا تَعلّمنا وهكذا سَنُعلم ، لتبدأ بعد ذلك مشاكل الإدارة الصفية وصعوبة ضبط الطلبة داخل الحصة الصفية ، وتنهال الشكاوى على الطلبة فننعت هذا بالفوضى وذاك بعدم الإنضباط ، وآخر بتجاهله للتعليمات ، وينتهي بنا الحال في دائرة مفرغة من عدم التواصل بين أهم الأطراف في العملية التربوية ، وتتسع الفجوة بين الطريقة التي ينتهجها المعلم في التعليم والطريقة التي يحتاجها الطالب لكي يتعلم.
لا أريد أن أجحف بحق المعلمين أو أن أقلل من شأنهم ، فهم أصحاب أشرف رسالة ومهنة وُجدت على سطح الأرض،وأعتزوأفخربالإنتماء إليهم ، وإنما هي دعوة للتغيير في طرق التدريس المتبعة، رحمة بأبنائنا ؛أبناء هذا الجيل الذي أصابه الملل من عملية التلقين.
تكمن المتعة في البحث عن كل ما هو غامض ، جديد ، وغير مألوف ، فتتولد رغبة عند الأفراد في طرح التساؤلات والبحث عن أجوبة نابعة من حب الإستطلاع والإستكشاف للوصول إلى معرفة جديدة مبنية على منهجية منظمة ومنطقية تمكنهم من تفسير الظواهر وضبطها والتنبوء بها ، ولقد طوّر سكمان Suchman هذا النمط من التعليم الذي نطلق عليه التعليم الإستقصائي ، لتعليم الطلاب عمليات البحث في الظواهر ، وممارسة إجراءات شبيهة إلى حد ما بالإجراءات التي يستخدمها العلماء في الحصول على المعرفة وتنظيمها وتوليد المبادئ والنظريات ، وتزويد الطلبة بمهارات ومصطلحات الإستقصاء العلمي .

 افتراضات نمط التعليم الإستقصائي
1-    التركيز على مفهوم التعلم الذاتي .
2-    الأطفال تواقون بطبيعتهم إلى التطور ، مدفوعون في معظم نشاطاتهم بحبهم للإستطلاع ورغبتهم في الإكتشاف .
3-    التسامح حيال بعض الغموض بالنسبة للظواهر الطبيعية ، ينطبق أيضاً على التسامح حيال الظواهر الإجتماعية ، وعمليات التفاعل الإجتماعي .
4-    يركز التعليم الإستقصائي على وصف الجانب المعرفي للمتعلم ويتناول الجانب العاطفي و الحركي أيضاً.
5-    إمكانية تطوير حب الإستطلاع والتساؤل عند الطلبة بطريقة مباشرة .
6-    يُغني الإستقصاء التعاوني تفكير الطلبة ، ويعلمهم تقدير وجهات نظر الآخرين. 

شروط نمط التعليم الإستقصائي
1-    اختيار حادث أو ظاهرة تستثير اهتمامات الطلبة ، وتدفعهم إلى التساؤل والبحث عن تعليل أو تفسير ، وخير مثال على ذلك الحوادث أو الظواهر الغامضة أو غير المتوقعة ، أو غير المعروفة ، أي التي لا يعرفون أسبابها أو متغيراتها أو تفسيرات لها ، لأنهم لم يطوروا أفكاراً أو نظريات حول طبيعتها وطرق التحكم بها .
2-     يجب أن تكون الظاهرة المستهدفة بالتعليم او التدريب ، على درجة من الأهمية والغموض ، بحيث تستثير دهشة الطلبة أو إستغرابهم على نحو يحول دون ظهور اللامبالاة لديهم .
3-    يجب أن تكون أسئلة الطلبة من النوع الذي يمكن أن يجيب عنه المعلم بكلمة « نعم « أو « لا « ، لكي يتجنب تفسير أو تعليل الظاهرة موضع الإهتمام ، وعلى المعلم أن يوجه أسئلة الطلبة ، بحيث تتحول إلى فرضيات بدائية يمكن التحقق من صدقها .
4-    إدارة حوار تعليمي على نحو يمكن الطلبة من تحديد حقائق الظاهرة موضوع البحث ، وشروط حدوثها ، تنظيم هذه الحقائق على نحو منطقي يسهل عمليات التفسير والضبط والتنبؤ ، وبتعبير آخر ، ينبغي على الحوار التعليمي أن يتخذ شكلاً يؤهل الطلبة لإكتساب المفاهيم ، وإدراك العلاقات ، واستخلاص المبادئ وتكوين النظريات .

مراحل التعليم الإستقصائي 
أ‌.    مرحلة تقديم الوضع المشكل
     يعرض المعلم في هذه المرحلة الوضع المَشكل ( الظاهرة موضوع البحث ) ، ويبين للطلبة إجراءات الإستقصاء الواجب إتباعها في البحث عن حل لهذا الوضع ، ويتم ذلك بتحديد أهداف التعليم ونمط الأسئلة الواجب طرحها وتداولها ، ويتوقف اختيار المشكلات وأسلوب عرضها على خصائص المتعلمين المعرفية ، فبعض المشكلات تحتاج إلى تفكير تأملي عميق ، وخلفية معرفية واسعة ، في حين لا تحتاج مشكلات أخرى إلى هذا النوع من التفكير والخلفية ، ولضمان استثارة عملية التساؤل لدى الطلبة فإنه يُفضل اختيار موضوعات تنطوي على ظواهر غير منطقية ، لتمكينهم من طرح أكبر عدد ممكن من الأسئلة ، طالما كان تدريب الطلبة على التساؤل هو هدف بحد ذاته ، يسعى التعليم الإستقصائي إلى تطويره. 
ب‌.    مرحلة جمع المعلومات
      يقوم الطلبة في هذه المرحلة بجمع معلومات حول الحادث أو الشيء الذي يواجهونه ، ويتم الحصول على المعلومات عادة بالأسئلة التي يوجهها الطلبة للمعلم ، وهنا ينبغي على المعلم أن يستثير أكبرقدر ممكن من الأسئلة ، ليوفر قدراً كافياً من المعلومات تُمكن هؤلاء الطلبة من الوصول إلى الحل المناسب واستخدام استراتيجيات عقلية مناسبة .
ج‌.    مرحلة التجريب والتحقق من المعلومات
     يحقق التجريب في التعليم الإستقصائي هدفين أساسيين هما : اكتشاف مزيد من المعلومات وتوجيه عملية اختبارها ، عندما ينتهي الطلبة من تكوين فرضيات يرغبون في التحقق من صدقها أو فاعليتها.
د‌.    مرحلة التفسير
     يطلب المعلم من طلبته في هذه المرحلة ، تقديم تفسيرات علمية للظاهرة موضوع البحث ، ويواجه بعض الطلبة صعوبات في هذه المرحلة ، لأن الإنتقال الفكري من الحقائق والمعلومات إلى النظرية العلمية أمر صعب ، قد لا يتمكن منه طلبة عديدون ، لذلك ينبغي على المعلم أن يساعد طلبته على الإستفادة من المعلومات ذات العلاقة جميعها وأن يبين لهم أصول الإستدلال المنطقي ، وكيف تنبثق النتائج عن مقدمات معينة ، وأن يجعلهم قادرين على التمييز بين العلاقات والسببية. 
هـ . مرحلة عملية الإستقصاء وتقويمها 
     يجب على الطلبة في هذه المرحلة القيام بعملية تحليل وتقويم شاملة لكل استراتيجيات الإستقصاء وإجراءاته التي استخدمت فعلاً في الوصول إلى حل المشكلة موضوع الإهتمام ، وتعتبر هذه المرحلة ضرورية جداً لتطوير وعي الطلبة بأصول البحث العلمي وخطواته، لذلك ينبغي على المعلم تزويد طلبته بالمهارات العقلية الضرورية ذات العلاقة ، كالتمييز بين العناصر،وإعتماد معلومات حقيقية لدى إصدار الأحكام ، واستخدام المحكات أو المعايير المناسبة، والعوامل الأساسية لعملية الإستقصاء.

صعوبة استخدام نمط التعليم الإستقصائي 
1-    صعوبة وضع أهداف  تعلمية محددة على نحو سلوكي ، لعدم قدرة المعلم على التنبؤ بجميع نتائج التعلم المتوقعة التي قد تنجم عن استخدم التعليم الإستقصائي .
2-    إن الصعوبة في تحديد أهداف سلوكية للتعليم الإستقصائي ، تؤدي إلى صعوبة أخرى في مجال التقويم ، لعدم وضوح الإجراءات التقويمية بشكل دقيق بدرجة كافية .
3-    قد يواجه المعلم صعوبة في تحويل بعض المواد المتضمنة في المنهاج إلى أوضاع تعليمية مَشكلة ، الأمر الذي يحول فعلاً دون إمكانية تطبيق النمط الإستقرائي ، لذلك على المعلم أن يحاول إكتساب مهارات تمكنه من ذلك التحويل  ومن إجراء التكييفات أو التعديلات المناسبة لتحويل المواد الدراسيةالمتنوعة إلى مشكلات. (مرعي والحيلة، 2005 )
هذا ويمكن استخدام نمط التعليم الإستقصائي مع طلاب من مختلف الأعمار بيد أن كل فئة عمرية تتطلب تكيفاً معيناً يتفق مع خصائص أفراد هذه الفئة.كما ويمكن تعديله على نحو يتلائم مع طبيعة المادة الدراسية ليست العلمية فحسب بل الأدبية والإجتماعية على حد سواء. 

Ameeneh@live.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com