الاثنين، 7 يناير 2013

مواقع التواصل الاجتماعي تقوّي علاقة الكفيف بمجتمعه


ذاكرة ربى

يصعب على الكثيرين استيعاب فكرة أن الكفيف شخص مثله مثل غيره يقرأ ويكتب ويتعلم ويمارس حياته بشكل طبيعي جدا.
وينقسم الناس في تقييمهم للكفيف إلى قسمين؛ قسم ينظر إليه نظرة استغراب وإعجاب، لاعتقادهم أن الكفيف إنسان خارق، يقوم بأعمال صعبة، يستحيل أن يقوم بها إنسان فقد حاسة مهمة من حواسه وهي حاسة البصر، التي يعتبرونها نقطة التواصل مع الآخرين، فيبقى الكفيف بذلك محط أنظار الجميع وأي عمل يقوم به مستغرب ومستهجن.
أما القسم الآخر فينظرون إلى الكفيف على أنه شخص عاجز وضعيف، ولا يستطيع القيام بأي شيء حتى لو كان بسيطا.
وقلة هم الأشخاص الذين يؤمنون بقدرات الكفيف ويقدرونها، في الوقت الذي ما يزال فيه الناس يتساءلون عن مدى إمكانات الكفيف وهل باستطاعته القيام بأبسط الأمور التي تخص حياته اليومية؟ فها هو الكفيف قد تمكن من أن يقتحم ذلك العالم الفسيح، الذي هو حديث الناس جميعهم وشغلهم الشاغل، فمواقع التواصل الاجتماعي استطاعت وبجدارة أن تجمع ملايين الأشخاص وتربطهم بعلاقات صداقة مهما اختلفت بلدانهم وأجناسهم ولغاتهم، وبذلك تكون هذه المواقع قد ألغت المسافات وقربت بين الأشخاص، ومن خلالها أصبح بإمكاننا التعرف على عادات وتقاليد لم نكن نعرفها من قبل، وباستخدامنا لها لم يعد هناك خبر نجهله، والسبب هو اتصالنا بما يجري حولنا، ومتابعة الأحداث أولا بأول بدون أن نبذل أي مجهود. 
ومن أهم العوامل التي ساعدت الكفيف على اقتحام هذا العالم والإبحار فيه كغيره من الناس؛ التقدم التكنولوجي الذي نشهده مؤخرا، الذي أسهم بشكل كبير في اعتماد الكفيف على نفسه والتحرر من قيود الآخرين، فالكفيف الآن باستطاعته كتابة كل ما يريد على مواقع التواصل الاجتماعي وإبداء رأيه في جميع الأشياء التي يقرؤها، والتي تثير إعجابه، والفضل في ذلك يعود إلى وجود قارئات الشاشة التي تعد منفذ الكفيف وأهم وسيلة تربطه بمحيطه وتجعله أكثر ثقافة واطلاعا، فهي تلعب دورا مهما وأساسيا في حياة الكفيف، لأنها ليست فقط مواقع للتواصل الاجتماعي، وإنما هي عبارة عن بحر من المعلومات لا ينضب، والكفيف بطبعه يحب جمع المعلومات، ويسعى جاهدا إلى التزود والبحث في شتى المجالات.
وما نلحظه اليوم هو أن الأمر لم يكن سهلا في البداية، فقد كان الكفيف يجد صعوبة في التعامل مع هذه المواقع، التي تمتاز بجاذبيتها واتساعها، وعلى الرغم من وجود تلك البرامج الناطقة التي جاءت لتخدم الكفيف وتحقق له الاستقلال، إلا أنها وقفت عاجزة أمام كثرة التعقيدات التي كانت تواجه الكفيف وتعيق أداءه وتجعله بحاجة إلى مساعدة الآخرين في كل صغيرة وكبيرة، فأدى ذلك كله إلى نفور الكفيف من التعامل مع هذه المواقع، خوفا من الوقوع في أي خطأ وتجنبا للعناء، الذي قد تسببه تلك التعقيدات، وعدم قدرة البرامج الناطقة على قراءة كل ما يكتب على الشاشة، ولكن مع مرور الوقت شهدت هذه البرامج تطورا ملموسا، فأصبح بمقدور الكفيف التعامل معها بكل سهولة وبدون الحاجة إلى مساعدة أحد.
وكان لهذا التطور أثر كبير على أداء الكفيف الذي تميز بفاعليته وسرعته، فلم نعد نفرق بين أداء الكفيف وأداء الشخص المبصر، ولذلك نرى أن شعور الكفيف بالمساواة والاستقلالية قد زاد من ثقته بنفسه، الأمر الذي ساعده على التواصل مع الآخرين بجرأة وبدون الشعور ولو للحظة بالخوف والإحراج.
وأما عن تجربتي الشخصية مع هذه المواقع، فقد كانت تجربة طبيعية خالية من أي مهاجمة أو انتقاد، فلم أشعر أبدا بالاختلاف، ولم يوجه لي أي جملة تحمل في معناها السخرية والاستهزاء، بل على العكس تماما، وإذا لم أتعرض أنا للسخرية وانتقاد من قبل الأشخاص المبصرين الذين أتواصل معهم، فهذا لا يعني أبدا أن جميع المكفوفين لم يتعرضوا للرفض والاستهزاء، فهناك الكثير من المبصرين الذين لا يقتنعون بقدرة الكفيف على استخدام هذه المواقع والتعامل معها بأريحية، وفي ذلك استهانة بقدرات الكفيف وتقليل من شأنه.
وما نريد قوله إن تعرضنا لهذه المواقف يجب أن لا يؤثر علينا أو يضعف من عزيمتنا، بل نتخذها حافزا يشجعنا ويقوي ثقتنا بأنفسنا، ومهما كانت الانتقادات قاسية وجارحة، فعلينا دائما تجاهلها وعدم السماح لها باختراق حريتنا الشخصية ومنعنا من ممارسة حياتنا بشكل عادي بدون تدخل من أحد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com