الجمعة، 4 يناير 2013

إبداعات أردنية تؤرخ لحضارتنا: رحلة علاء الدين السحرية في المسارح الأثرية



Yoصورة

وليد سليمان - للحفاظ على المدرجات الرومانية القديمة المترامية في بعض دول حوض البحر الأبيض المتوسط ، قام برنامج أوروبا المتوسطة للتراث الرابع وعبر أحد مشاريعها :( مشروع أثينا لتعظيم قيم المسارح القديمة لأدوار جديدة ) باطلاق هذا المشروع الهام والتي تشترك به عدة دول هي : «الاردن وتونس والجزائر وايطاليا واسبانيا» ، وذلك من أجل تخفيف التآكل في المسارح الأثرية من الناحية المادية والثقافية والنواحي الاجتماعية والاقتصادية ، ثم دعم إعادة إحياء المسارح كجزء من موقع اثري أشمل أو منظور عمراني .

علاء الدين والمدرجات الرومانية 
الشاعر والكاتب في أدب وثقافة الأطفال « محمد الظاهر» ألف كتاباً فريداً مزيناً بالرسوم الملونة عن رحلات خيالية إلى المدرجات القديمة في تلك الدول المتوسطية ، وذلك عن طريق الإستعانة بتلك الشخصية الأسطورية العربية المعروفة علاء الدين والجان في مصباحه السحري والذي يخرج منه حسب إرادة علاء الدين نفسه .
كتاب الظاهر الذي جاء بعنوان « رحلة علاء الدين السحريه في المسارح الأثرية « نوه فيه :» في هذا الكتاب أقوم برحلة ممتعة ومفيدة مع صديقي علاء الدين في المسارح الاثرية في الدول العربية والاروبية ، على ضفتي البحر الابيض المتوسط ،هذه المسارح التي كانت وما تزال تشع نوراً وحضارة على العالم . 
هذا مع العلم ان نحو عشرة ألاف نسخة من الكتاب سيتم توزيعها في أرجاء الأردن، بما في ذلك مبادرة « مدرستي « للوصول الى الأطفال في جميع أنحاء الأردن داخل المدارس وخارجها .
 وسيترجم الكتاب لعدة لغات بما في ذلك الأنجليزية والفرنسية والايطالية والاسبانية ويستهدف الكتاب الاطفال بين أعمار 10-12 سنة لكنه سيلهم خيال جميع الفئات بسبب طريقة سرده كونه ممتعا وجذابا ، كما يقول الظاهر: «يملك الكتاب معلومات كافية يمتصها العقل الشاب ، ويقدم امكانية الولوج عبر رحلة خيالية ستتمكن من غرس نفسها في ذاكرة الاطفال والبالغين على حد سواء .

فوق جرش والبتراء 
فكر علاء الدين واختار من أين يبدأ المشوار ، لكنه لم يطل التفكير ، فعنده دائما الحل الأخير بمصباحه السحري ، الذي يحتفظ فيه بصديقه الجني ، وما أن فرك المصباح ،حتى خرج صوت شبيه بصوت الرياح ، ثم ظهر الجني ، وهو يصيح بصوته المجلجل القوي :»شبيك لبيك عبدك بين يديك «، قال علاء الدين ، لجنيه المخلص الأمين :
«أريد أن أعرف سر هذه الديار ، وما فيها من آثار» 
- أجاب الجني :» سيدي علاء الدين ، سآخذك برحلة عبر السنين ، لتعرف كل شيء عن هذا المكان ، في كل فترة من فقرات الزمان 
وما هي إلا لحظات ،حتى بدأت أجمل الرحلات ، حيث سار الاثنان ، في نفق الزمان ،ليصلا إلى مكان ، نابض بالعمران ، شوارع مرصوفة بالحجارة ، وأعمدة عالية عظيمة جبارة وبنايات جميلة البنيان ، تمتد عبر ساحات المكان ، وعربات تجرها الخيول ، في الشوارع تطوف وتجول .
-قال علاء الدين وهو مذهول بما يراه ، فهو أجمل ما رأت عيناه :
«أين نحن الآن ؟ وفي أي زمان ومكان ؟
قال الجني : نحن الآن ، في جرش التي بناها الرومان ، قبل ألفي عام ، ، فقد شهدت هذه البلاد نهضة بناء وحضارة ، لتصبح في هذا العالم منارة 
وأشار الى مجموعة من العمال يعملون فوق إحدى التلال وقال : إنهم يبنون المسرح الجنوبي الكبير ، وتجول علاء الدين مع الجني في المكان ، في ذلك الزمان ، فرأى المسرح مكونا من طابق علوي ، وطابق سفلي وهذه الطوابق تميز طبقات المشاهدين ، وهناك غرف للممثلين ، تزينها الزخارف والتماثيل ، التي تدل على فن النحت الجميل ، حيث يتسع لثلاثة ألاف مشاهد ، ثم خرجا من المكان عبر نفق الزمان ، دون أن يشعر بهما إنسان وهما يطوفان ، في نفق الزمان ،
- قال الجني لعلاء الدين :
«هل تريد أن نبقى في الزمان ، أم نلق نظرة على المكان ، ونطوف فوق السهول والجبال والوديان ؟
-فكر علاء الدين واختار ، ثم سأل باستفسار :
«ما الفرق بين نفق الزمان والتجوال في سماء المكان ؟
-قال الجني لعلاء الدين:
«في نفق الزمان ، نحن الآن على ُبعد بضع سنين ،من حضارة أخرى تختلف عن حضارة الرومانيين ، حضارة زاخرة بالنشاط ، ويطلقون عليها حضارة الأنباط . وحين نطوف في سماء المكان ، سوف نمر على مدينة تدعى عمان ، كي نصل الى مدينة رائعة بهية ، يطلقون عليها اسم المدينة الوردية ، وهي مدينة البتراء المنحوتة في الصخور.
-قال علاء الدين للجني :
«لا تسخر مني أيها الجني الذكي ، فأنا أعرف أن البتراء ،هي عاصمة حضارة عربية كبرى ، بناها أجدادنا الأنباط ، لكنني أريد أن نبقى في نفق الزمان حتى نرى هذه المدينة التي لا مثيل لها في مختلف أنحاء المعمورة»
وبعد رحلة سنوات قليلة في نفق الزمان ، حط الاثنان في ذلك المكان ، وهما مندهشان ، كانت الشمس ترسل أشعتها من خلف التلال ، فتتوهج حجارة البتراء بالجمال ، وكان الصخر الوردي ، يلقي على المكان لونه البهي ، وكانت الكهوف المحفورة في الصخور ، آية من آيات الابداع على مر العصور 
- قال الجني بفرح وسرور :
«هل رأيت في حياتك كهوفا محفورة في الصخور ؟»
لكن علاء الدين ، ظل يتأمل المكان دون أن يدري ماذا سيقول ، ينظر الى السيق فيراه تحفة نادرة ، ثم ينظر الى الخزنة التي نقشت زخارفها الأيادي الماهرة ، ويتأمل الناس الذين يعملون بجد ونشاط ، إنها بالفعل معجزة العمران ، التي أبدعها الانسان على مر العصور والأزمان وأكملا التجول ، في هذا المكان النابض بالجمال ، متجهين الى مسرحها الجميل ،فهو معلم من معالم المدينة الوردية ، التي تشع بالحضارة الثرية الغنية على البشرية .
دهش علاء الدين ، وهويرى النحاتين ، ينحتون درجات المسرح في الصخور ، ولا يبنونها بناء كما هو حال المسارح في مختلف الأماكن والعصور ، كان المسرح في غاية الجمال ،وكان على وشك الاكتمال ، لقد نحت الأنباط صفوفا من المقاعد ، لتتسع لثلاثة آلاف مشاهد.
-قال الجني لعلاء الدين :
«نحن الآن في القرن الأول قبل الميلاد ، نقف على مسرح الأنباط الأجداد، لكننا بعد قليل من السنوات ، سنرى الرومان ، وهم في هذا المكان ، يوسعون المسرح منحوتا وبنفس الأوصاف ، ليتسع الى أكثر من ثمانية الاف «.

أداة ثقافية لزيادة وعي الاطفال
يشير الاعلامي» محمد بن حسين» لهذا الكتاب بقوله :
«هذا الكتاب عبارة عن أداة ثقافية لزيادة وعي الاطفال حول أهمية الحفاظ على ماضيهم ، بما أنهم أصغر مكونات المجتمع فان الاطفال هم من يستطيع نقل رسائل احترام وحماية الاماكن الاثرية ، وعندما يتجول الاطفال والرجال والنساء سينشرون معرفتهم للأجيال القادمة .
ويعتقد مدير المشروع « نزار العداربة « ان عملية سرد القصص اكثر فاعلية لخلق إلهام وتأثر بما يخص المواضيع الثقافية من كتب التاريخ بنصوصها
ويقول :»إن استخدام شخصيات كرتونية خيالية محبوبة على مستوى العالم سيجذب الانتباه وسيساهم في نشر القيمة التعليمية للقصة «.
من خلال القصة ، تقوم الشخصية الأسطورية بالتنقل عبر الزمان لمشاهدة عميلة بناء المسارح ، دمارها وإعادة إحيائها ، وينتقل عبرصحفات التاريخ للكشف عن المآسي واللحظات الرائعة عبر التاريخ ، لقد مرت هذه المباني العظيمة عبر لحظات مجد ولحظات مآس ، للتحول من أماكن لقتال المصارعين أو مسارح للغناء أو أقبية سجون للمحكومين.

الحفاظ على المواقع الأثرية 
ويواصل محمد بن حسين حديثه : «يسعى المشروع لايجاد موازاة بين الحفاظ على المواقع الأثرية وعملية التطوير، وقد تم الكشف عن المواقع الستة بواسطة اشعة الليز لجمع معلومات تاريخية وتقنية والتعرف على المشاكل المحتملة، ولقد تم استحداث بنك معلومات وقدمت دراسات تقنية لتحليل المخاطر البيئية والزلزالية ولتقديم خطط إدارة للتركيز على السياحة المستدامة.
ويقول المحرر المسؤول في مشروع أثينا «مروان الأسمر» إننا نحتاج أن نبلغ العامة حول أهمية الحفاظ على المواقع الأثرية ، والتي تحمل معاني ثقافية وجمالية وفنية بالاضافة الى اهميتها الحضارية ، ليس فقط من الناحية الاقتصادية او كمصدر لكسب الدخل .
ويضيف :إن المواطن له مصلحة بالمسارح الأثرية ,فهذه المباني القديمة جزء من المجتمع ويجب أن ينظر إليها كجزء من نظرة شمولية نحو المجتمع».
ويؤكد الأسمر أن استخدام الأماكن الأثرية يجب أن يتضمن الحفاظ على هذه الجواهر التاريخية للأجيال القادمة. 
وينهي حديثه قائلا»: يجب ان تستخدم الأماكن الأثرية القديمة بطريقة مناسبة من أجل ضمان أن تستمر بلعب دور ثقافي في المستقبل ، إن عملية إدارة المسارح -المدرجات -عملية معقدة يجب أن تخلق التوازن بين الحماية والتقدم».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com