الخميس، 6 سبتمبر 2012

أطفال الأنابيب - نفق الحياة العائلية نحو السعادة!

صورة

دكتور كميل موسى فرام
أستاذ مشارك/ كلية الطب– الجامعة الأردنية
استشاري النسائية والتوليد/ مستشفى الجامعة الأردنية


الاستسلام لواقع سلبي، أمر محرم بين أفراد المعشر الطبي فمعامل البحث العلمي والجهود الطبية للتغلب على المرض وترميم العثرات التي تحجب شمس السعادة عن الأزواج أحيانا قد أسهمت بالاصرار والعزيمة بغرس وتروية بذور السعادة للعائلات التي حُرِمت من نعمة الانجاب، بقدر يبعث أكثر من رسالة ويترجم أكثر من معنى بعد تجاوز عقدة المستحيل عندما توظف خلايا العقل البشري، بتوقيت يساهم بمسح دمعة حزن رافقت فئة من العنصر البشري لأسباب حرمان صُنفت بالمطلقة في الفترات الزمنية السابقة، وأصبحت نسبية بعد التقدم الهائل بعلم المساعدة على التلقيح خارج الرحم وهو ما يعرف بين طبقات المجتمع بأطفال الأنابيب.




كانت البدايات لهذا المشروع الطبي متواضعة جدا ،وانعكس ذلك على النتائج أيضاً، ولكنه حال المشاريع المؤثرة بكتابة التاريخ والتي بدأت بظروف السرية الصعبة ومغامرة بعالم مجهول ومجنون من طرفي المعادلة، فلم تمنع أصحاب الفكرة من الانطلاق لمرحلة التطبيق، حيث تعطى السيدة جرعات كبيرة من هرمونات التحفيز للمبيضين لانتاج أكبر كمية من البويضات وضمن أسسس مقيدة تمنع الافراط، حتى إذا وصلت البويضات لحجم الاخصاب، فيتم سحبها بترتيب معين داخل مراكز الاخصاب والتي تحتوي على حافظات تساهم بتوفير الأجواء المماثلة لبيئة الرحم والمبيضين، يرافقها أخذ عينة السائل المنوي من الزواج بعد فترة انقطاع عن ممارسة شعائر الحياة الزوجية والتي تعالج بأجهزة متخصصة بفرز الحيوانات المنوية الضعيفة والميتة عن تلك النشيطة.

  أسس الطبيعة
بعد أن كانت البدايات الأولى تتمثل بخلط الحيوانات المنوية بعد معالجتها مع البويضات ،بعد سحبها داخل أنبوب المعمل الوراثي المتخصص وضمن أجواء الحاضنات الطبية ليتم الكشف عليها بعد مرور أربع وعشرين ساعة وتحت إشراف الفني المتخصص بعلم الأجنة وتكون النتيجة بالاعتماد على الخصائص الفسيولوجية والبيوكيميائية لكلا الطرفين على اعتبار أن سبب الفشل بالحمل وجود سببب عضوي أو ميكانيكي يمنع فرصة الاتحاد بينهما، لتتطور الجهود بيومنا إلى فرصة الاختيار والتمحيص بعد المعالجة على أن يتم الحقن المجهري بأيدِ متخصصة، لتسكن البويضات المخصبة حيزا في الحاضنة المتخصصة ويتم الكشف عليها في اليوم التالي لتحديد النتيجة.
وقد فتحت هذه التقنية الرائدة مجالا واسعا للاجتهاد والتفكير ضمن الحدود العلمية، بدون الانحراف عن بوصلة الأداء الدقيق لحساسية التجربة الطبية وما تحمله من سطور مائية يكتوي بقرائتها فئة انحرمت وأودعت ثقتها بأهل الاختصاص.
احترام الزمن والتوقيت كحزمة واحدة يشكل عاملا مؤثرا بقطف ثمار النجاح خصوصا أن الحقائق العلمية لخصائص الحيوانات المنوية والبويضات وبيئة الاخصاب وهرمونات المبيضين بدورتها الفسيولوجية تلتزم بأسس الطبيعة.
بل إن كل الجهود التي تبذل من قبل أفراد الفريق الطبي تنحصر بإعادة ترتيب المعطيات الصحية لتوائم الظروف الطبيعية، الأمر الذي قد يفسر التغاير ومحدودية النتائج بنسب النجاح ضمن الأسس التي ندركها ونستطيع تهذيب بعضا من مكوناتها أحيانا بشكلها النسبي وغير المطلق، فخصائص الحيوانات المنوية بعينة الاختبار تفتقر لدرجة الانسجام المطلقة ليكون التوفيق بالاختيار سببا للنتيجة ويعتمد على خبرة الفني المسؤول بمركز الانجاب، وينطبق الحال كذلك على مواصفات البويضات وبدرجة أقسى لمحدودية العدد والذي يضعف فرصة الاختيار ويمنع العبث باسهم التضحية، خصوصا أن ضوابط جرعات التحفيز تمنع الانحراف بصورة مطلقة لخطورتها الصحية، حيث لا بد من فصل العاطفة بتقدير الظروف الزوجية والأداء الطبي بأصوله، فبورصة الأسهم الصحية لا تحتمل أبداً مضاربات المغامرة بصورة مطلقة.

 تحقيق حلم الانجاب والبناء 
خضوع الزوجين لتحليل مفردات السيرة الشخصية والمرضية وطرحها بشكلها الصحيح وخصوصا بمفاصل السرية منها يحتل واجهة الانتصار المنتظر والمتمثل بتحقيق حلم الانجاب والبناء العائلي لواقع، وهناك الجانب التحليلي لهرمونات الطرفين وذات الشأن والتي تتزامن بتوقيت مقدس فيمنع العبث فيه لمبررات الظروف والزمن إضافة لتحليل مفصل للسائل المنوي للوقوف على أبعاد مفرداته بشكلها الدقيق، فكم من النساء ظُلمن عبر التاريخ بتهمة التسبب بالتأخير وكانت الضحية لواقع الجهل والانكار خصوصا بجهل الأداء الزوجي وأصوله تحت عنوان الفحولة المطلقة، فأي خلل بالنتائج سيكون مسرح الاجتهاد بهدف الابتعاد عن شواطىء الفشل لأسباب كانت حاضرة بالمعالجة.
ربما فرصة كريمة لتحقيق هدف أبعد من تحقيق فرصة الحمل والانجاب ويتمثل ذلك باختيار جنس الجنين بعد أن أصبح التقنين والتحديد سياسة عقلانية بكل مناحي الحياة ومنها التكوين الأسري بعدد مناسب ومنوع من أفراد العائلة التي تسكن قالب المثالية بتناسب يوازي بين الجنسين بشكل يكفل لحدود السعادة بهاء شواطئها وفرض معطياتها، والتشكيل الأسري هو مطلب اجتماعي وعائلي بنفس الدرجة للمحافظة على سلامة النسل بدون تسيد، خصوصا أن القوانين والتشريعات الأردنية النافذة تسمح بالاختيار بالمراكز الطبية المعتمدة والمرخصة والتي تتطلب توظيف كفآءات متعلمة ومدربة والتي اكتسبت خبراتها من واقع الإشراف المباشر، فلا نقطة خلافية بين أهل الاختصاص والفتوى خصوصا أن بنود الدستور للسعادة الأسرية تربط بشكل دقيق بين وجود الجنسين بالرغم أن هناك ميولا غريبة وإنحرافا فكريا أحيانا بمجتمعاتنا لأسباب نجهل واقعها أو دوافعها.

  لا حكمة من التأجيل !
استخدام تقنيات المساعدة على الحمل والانجاب تحتاج لحكمة الزوجين بتقدير ظروفهما بالتوقيت المناسب مع الأخذ بعين الاعتبار عامل العمر للطرفين بالتساوي، فلا حكمة من التأجيل انتظارا لمعجزة بدولاب اليانصيب عندما يكون البرهان والحجة الطبية حقائق يصعب العبث بأركانها وفواصلها أو إعادة ترتيب أولوياتها تحت فاصل التمني ومن يعتبر السعادة ركنا ثانويا بدرجة القياس فعليه بتقديس ثوب العزوبية حتى لا يورث أفكاره أو يكون سببا لرفد المجتمع بترجمة واقع مثال «الابن شبه أبيه» خصوصا أن عالم اليوم المجنون لم يترك فسحة لأصحاب الفكر المتواضع بدخول السباق، فنظرية داروين بأن القوي سيأكل الضعيف تطبق بقوة على أرض الواقع اليوم بعالمنا المجنون بل والغني يقتات على الفقير وللحديث بقية.  
kamilfram@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com