الخميس، 6 سبتمبر 2012

الحجامة: وسيلة علاجية قديمة يلجأ مرضى إليها أملا بالشفاء


معتصم الرقاد

عمان- تستعيد الحجامة شعبيتها في ظل وجود حالات مرضية استعصى علاجها، وبروز أبحاث طبية تؤكد فعاليتها، وقلة تكلفتها، إلى جانب رغبة الكثيرين في إحياء سنة النبي عليه السلام.
والحجامة وسيلة علاجية قديمة تداولها الصينيون والعرب، وحث عليها الرسول عليه السلام في أحاديث كثيرة، وإذا كان الأمل ما دفع راكان طايل للجوء إلى العلاج بالحجامة، فإن "اليأس من الطب الحديث" هو الذي قاد ركان إلى زيارة أحد الحجامين، بعدما أنفق الكثير على مراجعة الأطباء وشراء الأدوية، ورغبة منه في أن يرى أبناءه بعد أن أخبره الأطباء بأنه يعاني من العقم.
ويقول طايل "عندما عملت كل الفحوصات لم أفقد الأمل بقدرة الله سبحانه وتعالى، وأخبرني أحد أصدقائي أن أقوم بعمل الحجامة وأنني لن أخسر شيئا، وبالفعل قمت بعملها وعلى مدار أربع جلسات، وبعد أشهر كان الخبر السعيد في انتظاري ورزقني الله بطفل".
ويقول الحجام الدكتور محمد سعيد المصري، الذي تعلم الحجامة على أيدي خبراء صينيين، وذلك أثناء إقامته لمدة أربعة أعوام في مدينة شنغهاي معبد الشاولين، حيث كان يتلقى دروساً متخصصة في فنون القتال ومهارات العلاج الطبيعي "الحجامة هي سحب الدم الفاسد وشفطه من الجسم، لأنه قد يكون هو المتسبب في مرض معين، أو قد يتسبب بمرض في المستقبل بسبب تراكمه وامتلائه بالأخلاط المؤذية والضارة".
ومن فوائد الحجامة، وفق المصري، أنها تنقي الدم من تلك الأخلاط التي هي عبارة عن كريات دم هرمة وضعيفة لا تستطيع القيام بعملها؛ إذ لا تتمكن من العمل بشكل طبيعي لتمد الجسم بالغذاء الكافي ومقاومة الأمراض، فتأتي الحجامة لتخلص الجسم من تلك الأخلاط الضارة والمؤذية من كريات الدم الحمراء والبيضاء لتحل محلها كريات جديدة.
أما بخصوص الأدوات المستخدمة في عملية الحجامة، فيقول المصري "تتكون من جهاز شفط، وكاسات خاصة، وأدوات وخز، ومواد تطهير وتعقيم وهي ضرورية جداً".
وعن المواضع والمواقع الرئيسة في الجسم التي تجرى بها الحجامة، يشرح المصري "هناك عدة مواضع رئيسية منها؛ موضع في أعلى الرأس وهو ما يُسمى (بالمغيثة)، والأخدعان، وهما عرقان في جانبي العنق، والكاهلان، وموضع في الظهر خلف الكليتين، وموضع خلف الفخذين، وموضع آخر في البطتين، وتوجد مواضع أخرى بحسب الحاجة وطبيعة الآلام التي يشتكي منها من يطلب الحجامة".
ويقول المصري "من المبالغة القول إن الحجامة تعالج كل الأمراض، فمن واقع التجربة والممارسة العملية، وجدنا أن الحجامة تنفع في بعض الأمراض، وثمة حالات شفيت بالحجامة بإذن الله، وحالات أخرى تحسنت تحسناً ملحوظاً، وبعض الحالات لم تشف ولم تتحسن، لأن الشفاء بيد الله وحده، وهو سبحانه الذي ييسر ذلك ويسهل أسباب وقوعه.
ومن الأمراض التي تنفع الحجامة في علاجها أو التخفيف من حدتها؛ الصداع الكامل، والصداع النصفي، غبش العيون وضعف الذاكرة، وآلام الظهر وآلام الروماتيزم وآلام الرقبة والكتفين وعرق النسا، كما أن من الحجامة ما يكون وقائياً، وهي تعمل مع عدم وجود أمراض وآلام، بل تقي بإذن الله من الجلطات والشلل، ويُنصح بعملها مرة كل سنة.
ومن الأمراض، التي يرى خبير الحجامة المصري، أن الحجامة نافعة لها جداً؛ حالات ارتفاع ضغط الدم، ويُنصح بها كل شهر لتخفيف تلك الحالات، كذلك فإن الحجامة تفيد في تنشيط عضلة القلب وتساعد على جريان الدم بشكل طبيعي في الشرايين من وإلى القلب.
كما ويشير المصري، من خلال خبرته العملية، إلى فائدة الحجامة في معالجة بعض حالات أمراض السكري، وتثبيت نسبة السكري عند درجة معينة.
وتنشط الحركة لدى الحجامين في مواسم معينة. وتختلف الأوقات المستحبة للحجامة، باختلاف الغاية من إجرائها، فهي تجرى في أي وقت في حال كانت علاجية. وإذا كانت الحجامة بهدف إحياء السنّة النبوية، فيفضل أن تكون في أوقات محددة وهي الأيام (21،19،17) من الشهر العربي.
ويقول أستاذ علم الاجتماع، الدكتور حسين خزاعي "من شروط الحجامة، أن تتم على يد اختصاصي وتحت شروط التعقيم، وأن تكون على الريق، مع مراعاة نظافة الجلد، شريطة الامتناع عن التدخين والمنبهات والبهارات الحارة".
وحذر خزاعي من إجرائها للأطفال والكهول أو في حالة من يعانون فقر الدم والضعف الشديد، أو في الأشهر الأولى من الحمل، أو في حال كان الجلد ملتهبا.
ومن الأمراض التي تعالج بالحجامة؛ الروماتيزم، آلام المفاصل والرقبة والكتف والظهر والبطن، النقرس، الحساسية والربو، الإمساك والإسهال، القولون العصبي، آلام المعدة، القرحة، أمراض الكلى والتبول اللاإرادي، الاكتئاب، الأرق، ارتفاع ضغط الدم، الكبد، المرارة، السمنة والنحافة، العقم، الصداع، أمراض الفم واللثة والحلق والجيوب الأنفية، التهاب العصبين الخامس والسابع.
وتذكر بعض المراجع العلمية أن الحجامة ممارسة طبية قديمة، عرفتها العديد من المجتمعات البشرية، من مصر القديمة غربا التي عرفتها منذ العام 2200 ق.م. مرورا بالآشوريين العام 3300 ق.م.، إلى الصين شرقا، فالحجامة مع الإبر الصينية أهم ركائز الطب الصيني التقليدي حتى الآن.
وعرف العرب القدماء الحجامة، ربما تأثراً بالمجتمعات المحيطة، وقد أقرها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وامتدحها وأشاد بها، ومما ورد عنه في ذلك ما أخرجه البخاري في صحيحه من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: "الشِّفَاءُ فِي ثَلاثَةٍ شَرْبَةِ عَسَلٍ وَشَرْطَةِ مِحْجَمٍ وَكَيَّةِ نَارٍ وَأَنْهَى أُمَّتِي عَنِ الْكَيِّ"، وعن سلمى خادمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: "ما كان أحد يشتكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعاً في رأسه إلا قال احتجم، ولا وجعاً في رجليه إلا قال اخضبهما". وأخرج أحمد والحاكم وصححه ابن مردويه، عن ابن عباس  رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما مررت بملأ من الملائكة ليلة أسري بي، إلا قالوا عليك بالحجامة، وفي لفظ مُر أمتك بالحجامة".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tahsheesh.blogspot.com